بعد استعادة النظام السوري، وحلفاؤه، لمعظم قرى حوض الفرات في دير الزور، ازدادت المخاوف من حصول اعمال ثأرية وانتقامية، ليس فقط من قبل قوات النظام، بل من بعض مقاتلي عشائر دير الزور نفسها، المنضوين مع قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، كالشعيطات والبقارة.
يقول الصحافي السوري سهيل المصطفى الذي غطى بدايات الحراك الثوري المسلح في دير الزور، ان الشعيطات، هم أكثر العشائر المشاركة في المعارك ضد تنظيم الدولة في الشمال السوري، فهم متواجدون مع «قسد» ومع النظام، ومعظمهم ينتمون لعشيرة (زامل) العائدة للعگيدات ، ويأتي بعدهم بالمرتبة الثانية أبناء الشحيل، الذين ينتمون لعشيرة (چامل) والمنتمون أيضاً للعگيدات ، ويوضح المصطفى لـ «القدس العربي»: «الشعيطات يعتقدون بأن لديهم ثأراً مع أبناء عشيرة البوخابور، بحجة أنهم تعاطفوا مع تنظيم الدولة وسمحوا بدخولهم لمدينة موحسن والقرى المحيطة بها والمحاذية لمطار ديرالزور العسكري وكانت أقوى جبهة عسكرية في ديرالزور».
في خضم هذا الصراع، يبدو أبناء عشيرة البوخابور الحلقة الأضعف، لأنهم لا يملكون فصائل تُمثلهم مع «قسد» أو مع فصائل الحر، لأن أبناء البوخابور متوزعون كأفراد بين جميع الفصائل، كما ان عصبيتهم القبلية أقل، مقارنة بأبناء زامل (الشعيطات) وأبناء چامل (الشحيل).
من جهة أخرى فإن عشيرة البكير، وهي تنتمي لقبيلة العگيدات متهمة باحتضان تنظيم الدولة منذ البدايات وثمة مشاحانات ومهاترات متواصلة، على وسائل التواصل بينهم وبين أبناء عمومتهم (الشعيطات البوزامل) و (الشحيل البوچامل) ، كما يوضح المصطفى، مضيفا «حدثت صدامات كثيرة بينهم في الثورة السورية وقبل تمدد تنظيم الدولة وخلفت هذه الصدامات ضحايا كثر ، و أهم صدام حدث في عام 2014، عندما اقتحمت جبهة النصيرة والتي يكون أبناء الشحيل والشعيطات نسـبة أكـبر فيـها ،اقتـحمت بلدة البصيرة (عشيرة البكير) بحجة احتضانها لعناصر من تنظيم الدولة وخلف هذا الاقتحام عشرات القـتلى في صـفوف أبنـاء البصـيرة».
ويقول الشيخ عمار الحداوي، وهو احد وجهاء الشحيل، ان توقعاتهم كانت ترجح دخول مقاتلي قبيلة الشعيطات، إلى قراهم في جزيرة الفرات برفقة قوات النظام بعد عبورهم من الشامية، لينتقموا من «القرعان والبوعز الدين» ، لكن قوات قسد سارعت إلى السيطرة على قرى الشعيطات والشحيل، ومنعت تقدم قوات النظام اليها، ويضيف الحداوي في حديثه لـ «القدس العربي» «لم تتمكن مجموعات الشعيطات المرتبطة بالنظام من الدخول لقراها في جزيرة الفرات، وخفف هذا من فرص حدوث ثارات واعمال انتقامية، كما حدث بالميادين من اعدامات لكثير من المدنيين بتهمة الانتماء لتنظيم الدولة، وهذا دفع هذه المجموعات العشائرية للانسحاب من قوات النظام والانضمام لقوات قسد ضمن مجلس دير الزور العسكري».
وراجت في الأيام الأخيرة، ظاهرة «غرف الواتساب لتصفية الحسابات» ، حيث أن لكل عشيرة لديها فصيل في الشمال السوري بحلب أو إدلب، أنشأت غرفة واتس آب، لأبناء العشيرة للتواصل مع تلك الفصائل، التي تقبض على الاشخاص المنتمين لقرى كانت تحت سيطرة التنظيم، وتنشر صورهم في غرف «الواتس»، وليدلي أبناء العشيرة بدلوهم، تزكيةً أو إدانة، فمن كان لديه ثأر أو خصام مع المعتقل، سيكون مصيره الاتهام بالـ»دعشنة» وهذا يعني التعذيب وابتزاز الأموال وأحياناً القتل. وفي هذه الغرف، تم نشر تهديدات عبر تسجيلات صوتية، لقادة من عشائر الشعيطات يطلقون فيها تهديدات ضد عشائر اخرى اتهمت باحتضان تنظيم الدولة، وقد استمعت «القدس العربي» إلى احد هذه التسجيلات، التي صدر فيها تهديدات بالقتل ضد مدينة الموحسن.
ويختم سهيل المصطفى حديثه بالقول ان عشائر ديرالزور في معظمها قامت بحراكها الثوري المسلح، فزعة وحمية لابنائها وأبناء عمومتها الذين انخرطوا في الثورة وتعرضوا للقتل على يد النظام، لذلك «الثارات فد تكون الكلمة الفصل في دير الزور».
القدس العربي