ما زالت أصداء عملية استهداف مطار العريش بمحافظة شمال سيناء، أثناء زيارة وزيري الدفاع صدقي صبحي والداخلية مجدي عبد الغفار للمدينة، متصاعدة في الساحة المصرية، باعتبارها المرة الأولى التي تُستهدف فيها أعلى قيادات عسكرية وأمنية في البلاد.
وبعد ساعات من الواقعة، أعلن تنظيم “ولاية سيناء” التابع لتنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف مروحية كانت تقل الوزيرين في زيارة سرية لتفقد الأوضاع الأمنية بسيناء، مشيرا إلى أنه توصل لمعلومات عن وصول الوزيرين للعريش عن طريق عناصره الموجودة بالقرب من المكان.
وتسبب الهجوم في مقتل ضابطين مرافقين للوزيرين وإعطاب المروحية، وهو ما اعتبره مراقبون تطورا نوعيا في عمليات التنظيم المسلح بسيناء، رغم تشديد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل عدة أيام لرئيس أركان الجيش المصري الجديد محمد فريد حجازي على أن أمامه ثلاثة أشهر حتى يستقر الوضع بالكامل في سيناء.
عقيل: هذه العملية الاستخباراتية الاستثنائية في غاية الخطورة (الجزيرة)
وزاد من خطورة الحدث ما قاله التنظيم في بيانه من أنه نجح في الوصول لمعلومات دقيقة بشأن زيارة الوزيرين، التي من المفترض أنها سرية، معتمدا في ذلك على عناصره “الاستخباراتية” القريبة من المكان، وكذلك استخدام صاروخ (كورنيت- Cornet) الروسي الصنع في الهجوم والذي يستهدف المدرعات والدبابات.
حالة الوجوم التي ظهرت على محيا الوزيرين بعد عودتهما إلى القاهرة، ومسارعة المتحدث العسكري لنشر بيان بعد ساعة من الحادث -بخلاف المعتاد- وإن كانت معلوماته مقتضبة، عززت تصورات مراقبين بأن الهجوم أحدث صدمة وارتباكا في الأوساط العسكرية والأمنية لم تنته فصولها بعد.
صدمة وضرر
هذه الصدمة، كما يراها البرلماني السابق عن شمال سيناء يحيى عقيل، ناتجة عما أحدثه الهجوم من ضرر بالغ بسمعة الدولة المصرية من حيث كفاءتها وقدرتها في تأمين مسؤوليها، والذي سيؤثر بدوره على أي دعاية مستقبلية عن القدرة على توفير الحماية للسائحين أو المستثمرين أو غيرهم.
فهمي: هناك احتمال بأن يكون الحادث جاء في إطار سيناريو أعده أطراف بالنظام (الجزيرة)
عقيل اعتبر في حديثه للجزيرة نت أن هذه العملية الاستخباراتية الاستثنائية في غاية الخطورة، وتكشف بوضوح اهتراء الأجهزة الأمنية ووصول التنظيمات المسلحة لمعلومات حساسة.
وأبدى البرلماني السابق عن سيناء تخوفه من أن تستخدم الحادثة في مضاعفة الانتهاكات الحاصلة بحق أهالي رفح والعريش واستهدافهم.
وفي قراءته للحادثة، يلمح رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى السابق رضا فهمي إلى احتمال أن يكون الحادث جاء في إطار سيناريو أعده أطراف بالنظام تسعى للتخلص من الوزيرين، لكنه فشل في تحقيق هدفه.
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن هناك حديثا متكررا يتصاعد بين الفينة والأخرى عن وجود صراع مكتوم بين السيسي ووزير دفاعه الذي يحول تحصينه الدستوري دون المساس بمنصبه، ما يجعل رواية التخلص من حياته لإزاحته من المشهد أمرا منطقيا تدعمه شواهد مختلفة.
مولانا: صواريخ كورنيت التي تم بها الهجوم متطورة (الجزيرة)
كارثة كبرى
ويرى فهمي أنه سواء كان استهداف الوزيرين ناتجا عن سعي للتخلص منهما أو نتيجة اختراق معلوماتي فإن أثره سلبي على الأمن القومي المصري، ويعد كارثة كبرى بالنسبة لبلد تتعرض لتهديدات مباشرة وهي على حدود إسرائيل.
ومن وجهة نظر الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أحمد مولانا، فإن صواريخ كورنيت التي تم بها الهجوم متطورة وتوافرت في المنطقة عقب اندلاع الثورتين الليبية والسورية، وقد سبق أن استعملها التنظيم في عمليات سابقة.
لكن على الجانب الآخر، ينظر رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي إلى الهجوم باعتباره ردا على الموقف القوي الذي اتخذته مصر أمام القرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، حيث يرى أن تنظيم ولاية سيناء هو صنيعة للمخابرات الأميركية ويعمل بتوجيهها.
ويذهب في حديثه للجزيرة نت إلى أن الحركات المسلحة بسيناء تتحرك بإيعاز من مخابرات دول ترعى الإرهاب، وتريد أن تُظهر للعالم أن مصر لا تقدر على حماية نفسها وقادتها، وأضاف أنه لا يمكن لأحد أن يتجاهل الانتصارات والنجاحات التي تحققها القوات المسلحة في هذا المسار.
المصدر : الجزيرة