ما بعد “لوزان”: روحاني وفريقه في مواجهة الداخل الإيراني

ما بعد “لوزان”: روحاني وفريقه في مواجهة الداخل الإيراني

20154974825935734_19

سريعًا وضعت الساحة السياسية الإيرانية الاتفاق الإطاري بين إيران ومجموعة دول 5+1 بشأن برنامج إيران النووي في معرض النقد والمحاسبة، ولم يشفع لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ذلك الاستقبال الحافل من جماهير رحبت بالاتفاق. وجد المفاوض الإيراني نفسه عُرضة للنقد والهجوم، وكان عليه أن يقدم الكثير من الإجابات بشأن عدد من النقاط التي لا تزال غير واضحة في الاتفاق، فضلًا عن ضرورة تقديم ما من شأنه أن يحدَّ من شكوك ومخاوف الأطراف السياسية وفي مقدمتها نواب في مجلس الشورى، بدأوا يجاهرون بمعارضة الاتفاق والسعي لإبطاله. وتبدو حالة التجاذب مؤهَّلة للاتساع خاصة مع بدء التليفزيون الإيراني ببث مناظرات بين مؤيدي ومعارضي الاتفاق.

تبحث هذه الورقة في ردود الفعل الإيرانية على “اتفاق لوزان”، والأسباب التي يسوقها المؤيدون والمعارضون للاتفاق، والآليات التي سيتبعها كل طرف لتحقيق ما يريده سواء بدعم الاتفاق أو إجهاضه.

اتفاق لوزان: أهم البنود

تركزت بنود الاتفاق في محورين رئيسيين، هما(1):

الأول: التخصيب والتفتيش والمنشآت النووية

التخفيض بمقدار الثلثين لعدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم لإنتاج قنبلة نووية، من 19 ألف جهاز إلى 6104 المثبتة بموجب الاتفاق، وتستعمل إيران منها 5060 جهازًا فقط لتخصيب اليورانيوم.
نسبة تخصيب اليورانيوم لا تتجاوز 3.67 % على مدى 15 عامًا.
التخفيض من مخزون اليورانيوم المخصَّب من 10 آلاف كيلوغرام إلى 300 كيلوغرام فقط على مدى 15 عامًا.
وضع أجهزة الطرد المركزي الزائدة والبنية التحتية لتخصيب اليورانيوم المتنازل عنها في مخازن تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على أن لا تُستخدم إلا كبدائل لأجهزة الطرد المركزي العاملة.
عدم قيام إيران ببناء أية منشأة جديدة بغرض تخصيب اليورانيوم خلال 15 عامًا.
عدم استخدام منشأة “فردو”، وعدم إجراء أبحاث بخصوص التخصيب في المنشأة، لمدة 15 عامًا، على أن يتم تحويلها للاستعمالات ذات الأغراض السلمية لاحقًا (معهد للبحوث الفيزيائية والنووية).
السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم فقط في منشأة “نطنز” لمدة 10 سنوات باستخدام 5060 جهاز طرد مركزي من الجيل الأول.
سحب 1000 جهاز طرد مركزي من الجيل الثاني من منشأة “نطنز” ووضعها في مخازن تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة المواقع النووية الإيرانية كافة بانتظام، كما سيكون بإمكان مفتشي الوكالة الوصول لسلسلة الإمدادات التي تدعم البرنامج النووي الإيراني، سيما مادة اليورانيوم.
تمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى أي موقع تشتبه فيه أو أية منشأة “سرية”.
موافقة إيران على تطبيق البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يمنح الوكالة حق الوصول للمعلومات بشأن البرنامج النووي، بما في ذلك المرافق المعلنة وغير المعلنة.
موافقة إيران على الإبلاغ المبكر عن عزمها إنشاء أية منشأة جديدة.
إعادة بناء مفاعل “آراك” النووي الذي يعمل بالمياه الثقيلة، بشكل لا يمكن معه إنتاج البلوتونيوم، على أن تدعم في ما بعد الأبحاث العلمية والنظائر المشعَّة في إنتاج النووي السلمي.
تقوم إيران بشحن الوقود المستنفد من المفاعل خارج البلاد مدى الحياة، مع التزامها بعدم إجراء أبحاث أو عمليات إعادة تصنيع على الوقود النووي المستنفد.
التزام إيران بعدم بناء أي مفاعل نووي إضافي يعمل بالمياه الثقيلة لمدة 15 عامًا.

الثاني: العقوبات

وعلى صعيد العقوبات، كان أبرز ما تضمنه الاتفاق:

يقوم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، بتعليق العقوبات، بعد تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تطبيق إيران جميع الخطوات الرئيسة المتعلقة ببرنامجها النووي.
تجديد العقوبات على إيران في حالة عدم التزامها بنص الاتفاق.
سيتم رفع جميع قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة ببرنامج إيران النووي في آنٍ واحد مع انتهاء إيران من معالجة جميع المحاور الرئيسة (التخصيب، مفاعل “فردو” و”آراك”).
صياغة مشروع قرار جديد في مجلس الأمن الدولي متعلق بنقل التكنولوجيا الحساسة، إضافة إلى دمج قيود مهمة على الأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية، والسماح بتفتيش البضائع ذات الصلة، وتجميد الأصول من خلال هذا القرار الجديد.
إعادة فرض العقوبات على إيران في حال حيادها عن تطبيق ما التزمت به.
الإبقاء على العقوبات الأميركية على إيران الخاصة بالإرهاب وحقوق الإنسان والصواريخ الباليستية.

قراءة في البنود

لقد وصل المفاوضون إلى نتيجة واضحة فيما يتعلق بأكثر من 95% من الموضوعات التي جرى التفاوض بشأنها(2)، وتضمنت الملاحق ست قضايا، هي: آراك، فردو، والتخصيب، والرقابة والتفتيش، والبحث والتطوير، والعقوبات، وهناك بنود واضحة بشأنها أيضًا. وبالعودة إلى تصريحات المفاوضين بأنه ما لم يتم الوصول إلى حلول فإن البيان الصحفي لن يصدر، فإن ذلك معناه أن ما تضمنه البيان الصحفي هو خلاصة للاتفاقات التفصيلية التي جرى التوافق عليها بين جميع الأطراف، بما فيها الطرفان: الإيراني والأميركي. وعليه، يمكن القول بأن “اتفاق لوزان” هو اتفاق على الإطار الكلي وحلول للكثير من القضايا، وأن التفاوض القادم سيكون لبناء آليات إجراء وتنفيذ هذا الاتفاق.

وفقًا لمعطيات كثيرة، لا يمكن لفريق التفاوض الإيراني أن يتملَّص أو يتهرب من التعهدات الدولية التي رتبها الاتفاق؛ وهو ما يشير إليه بوضوح البيان المشترك (ظريف-موغريني) والذي يقول صراحة بوجود (خطة عمل شاملة مشتركة)(3)، سيتم حل القضايا الرئيسية وفقًا لما ورد فيها، وأن القادم لن يختلف عن الأصل سوى بمزيد من الجزئيات التي سيتم إضافتها، وينص الاتفاق على أن الحلول بشأن خمس قضايا خلافية سيكون ضمن الإطار المتفق عليه(4). ولم تأت تصريحات جون كيري بعيدة عن هذا المعنى عندما تحدث عن “اتفاق سياسي يتضمن جزئيات”، وأن ما بقي يتعلق بـ”الجزئيات الفنية”(5).

وعلى صعيد الرقابة والتفتيش فإن الخلاف والتفاوض الذي حكم الملف النووي الإيراني مرشح للانتقال إلى مناطق وملفات أخرى لا تقل حساسية بالنسبة للجمهورية الإسلامية وفي مقدمتها برامجها التسليحية “البرنامج الصاروخي”.

مؤيدو الاتفاق: حققنا نصرًا

يرى مؤيدو الاتفاق أنه “منعطف تاريخي مهم” على صعيد علاقة إيران بالخارج وخاصة العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث إن الاتفاق الإطاري يعد المرة الأولى التي جرَّب فيها الطرفان إمكانية الثقة ببعضهما(6).

ويذهب فريق من المؤيدين إلى القول بأن إيران حققت “نصرًا”(7) في لوزان ويستندون في ذلك إلى مجموعة أسباب، أهمها:

إقرار المجتمع الدولي بحق إيران في امتلاك التقنية النووية, بعد سنوات من رفض ذلك, بحجة التخوف من أغراض عسكرية للبرنامج النووي الإيراني.
يشكِّل هذا الاتفاق أيضًا اعترافًا ضمنيًّا من الدول الكبرى بأن إيران دولة تمتلك التقنية اللازمة في المجال النووي.
يُثبت الاتفاق أن إيران استطاعت تجاوز العقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليها، ولم تنجح هذه العقوبات في عرقلة قدرتها على تطوير برنامجها النووي.
ستشكِّل التقنية النووية مصدر دخل كبير لإيران, وخاصة على صعيد إنتاج وتصدير الطاقة الكهربائية. فهذا الاتفاق يسمح لإيران بإنتاج الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية, ويمكن تصور مقدار العائدات التي ستحصل عليها من تصدير الطاقة الكهرونووية مستقبلًا. فضلًا عن إنتاج النظائر المشعة للاستخدامات الطبية.
سيقود الاتفاق إلى إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران على خلفية برنامجها النووي، وسيكون لذلك تأثيرات إيجابية على الاقتصاد الإيراني.
أبطل هذا الاتفاق الخيار العسكري ضد إيران، وقلَّل من فرص وإمكانيات إسرائيل في توجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني، خاصة أن الاتفاق سيأتي ضمن قرار لمجلس الأمن, وتعهد المجتمع الدولي بضمان عدم خروج البرنامج النووي عن مساره السلمي.
حافظت إيران على ديمومة برنامجها، خاصة أن الاتفاق لا يقضي بتفكيك أية منشأة على الرغم من تحويل بعضها من حيث الغرض مثل مفاعل فوردو الذي سيتحول إلى معهد للأبحاث النووية والفيزيائية.

الحرس: تغيير السلوك السياسي لواشنطن

وبدا موقف الحرس الثوري لافتًا من الاتفاق، فهو “دليل مقاومة الشعب الإيراني أمام أميركا”، وهذه المقاومة “أفشلت الخيارات القوية للولايات المتحدة الأميركية لفرض إرادتها السياسية على الجمهورية الإسلامية في إيران”(8).

ويقرأ الحرس في اتفاق لوزان دليلًا على “تغيير السلوك الأميركي”، وهو ما أجبر واشنطن على “تجاوز جميع الخيارات المطروحة على الطاولة واستعاضت عن ذلك بطريق الدبلوماسية لحل القضية النووية”(9). جدَّد الحرس تأكيده على ما يعتبره “خطوطًا حمراء”، وهي: “دورة التخصيب النووية، وإجراء أنشطة الأبحاث والتنمية في هذا المجال، وإلغاء جميع إجراءات الحظر ذات الصلة كنقطة مركزية لمطالب إيران”، وهي مطالب ضَمِنها الاتفاق بالمجمل.

وقدَّم الحرس دعمًا كبيرًا للرئيس الإيراني وفريق التفاوض، وعقد الرهان على “الجهاز الدبلوماسي الفَطِن والشجاع ليستخدم الفرصة المصيرية المتبقية القادمة لعزة إيران وإلغاء كافة إجراءات الحظر بالتزامن معًا”، ويقدم دعم الحرس مؤشرات كبيرة على أن روحاني كسب إلى جانبه ثقلًا يرجح كفته أمام معارضيه، ويمكِّنه من تمرير الاتفاق رغم معارضة لا يستهان بها داخل مجلس الشورى.

معارضو الاتفاق: اختراق للخطوط الحمراء

بناء على ما سبق فإن شخصيات وفئات سياسية داخل إيران، سيكون لديها أسباب مهمة لمهاجمة الاتفاق وانتقاده، وذلك سيتركز في محورين مهمين:

الأول: أن ما وافق عليه فريق التفاوض الإيراني رتَّب التزامات قانونية أمام المجتمع الدولي دون أن يكون له حق التراجع عنها؛ وذلك يخالف ما ورد على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من أن “هذا المتن ليس ملزمًا”، فإيران مثلًا لن يكون بإمكانها تشغيل 10 آلاف جهاز طرد مركزي بدل 5000 جهاز، فضلًا عن تفاصيل أخرى كثيرة تشي بأن الاتفاق يحمل صفة الإلزام لإيران(10). وتقوم وجهة نظر المعارضين للاتفاق على أنه إذا كان كل بنود اتفاق لوزان ستُصاغ كما هي بدقة في الاتفاق النهائي، فذلك يعني أن المفاوض الإيراني قد تجاوز بعض الخطوط الحمراء، فإيران لم تكن تريد اتفاقًا من مرحلتين، بل اتفاقًا واحدًا نهائيًّا وشاملًا. والأهم هو أن في هذه البنود غموضًا كبيرًا، ومن المفترض أن يكون الاتفاق النووي واضحًا وشفافًا ومفهومًا للجميع، وتُعدُّ آلية إلغاء العقوبات أبرز النقاط غير المفهومة في مقابل التزام طهران بتعهُّداتها النووية(11).

والاتهام بتجاوز الخطوط الحمراء ختم جلسة للبرلمان بجدال لفظي بين محمد جواد ظريف والنائب الأصولي كريم قدوسي، الذي عارض بنود الاتفاق حول مفاعلي فوردو ونطنز. ويرى قدوسي ويشاركه في ذلك نواب آخرون أن جواد ظريف “لم ينصع لقرارات المرشد الأعلى”، وردَّ ظريف بأن ذلك “كذب.. لم تكن تحضر اجتماعات المرشد فكيف عرفت ذلك؟!.. عندما لا تعلم لا تتحدث”(12). وانضم النائب مهدى كوتشك زاده إلى قائمة المعارضين ورفع لافتة لوزير الخارجية تحوي نصًّا دستوريًّا يمنع عقد أي اتفاق يسيطر بموجبه الأجانب على المصادر الطبيعية والاقتصادية والثقافية والجيش وشؤون البلاد(13).

ويأتي النقد الذي يسوقه نواب في البرلمان منصبًّا على التناقض بين التصريحات الأميركية والإيرانية، فـ”ما جاء على لسان ظريف، الذي قال: إنه سيتم إلغاء كل أنواع العقوبات الأميركية والأوروبية، يختلف عمَّا جاء على لسان منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، التي يُستشف من كلامها أن هذا الامتياز سيُمنح لإيران بعد التأكد من تطبيق إيران التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق”(14).

وستكون قضية “تخصيب اليورانيوم” محور خلاف آخر بين مؤيدي ومعارضي الاتفاق، فـ”إيران كانت تُخصِّب هذه المادة بنسبة عشرين في المائة لتستفيد منها في مفاعلاتها النووية، ومن ثم وافقت البلاد على تخفيض النسبة بموجب اتفاق جنيف المؤقت إلى 5 %، بينما ينصُّ اتفاق لوزان على عدم تجاوز التخصيب نسبة 3.67%”(15).

الثاني: عملية صياغة خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA): وهذا يشير بصورة واضحة إلى اتفاق على مرحلتين، الأولى: تتعلق بالأطر العامة للحل مع نسبة لا يستهان بها من الجزئيات، والثانية: تتعلق بالجزئيات التي تجعل من الاتفاق قابلًا للتوقيع والتنفيذ. ولذلك، فإن بعض الالتزامات المهمة للأطراف الأخرى خاصة في مجال العقوبات وجدولة إلغائها أو تعليقها لم تُحسم بعد، وهو ما من شأنه أن يقود إلى الكثير من النقد لهذا الاتفاق داخل إيران.

لجنة الأمن القومي: العقبة الأبرز

ويبدو أن لجنة الأمن القومي، ذات التأثير الكبير في مجلس الشورى، ذي الغالبية الأصولية، لديها مواقف من الاتفاق تتراوح بين الرفض والتحفظـ، ولذلك فإن مهمة حكومة روحاني أمام هذه اللجنة لن تكون بالسهلة. فاللجنة وفقًا لرئيسها النائب الأصولي، علاء الدين بروجردي، “ستبحث كل التفاصيل المتعلقة بمفاوضات لوزان، وستعمل على مراقبة الوضع عن كثب خلال الأشهر المقبلة”. وفي “حال عدم التزام الطرف المقابل، سيعمل البرلمان على الوقوف بوجه تقديم أية تنازلات من دون نيل مكاسب الاتفاق”.

ووفقًا لما تراه اللجنة فعلى “الاتفاق النهائي أن يضمن أولًا إلغاء العقوبات؛ إذ ليس من الواضح في اتفاق لوزان، ما إذا كانت قرارات العقوبات ستُلغى فوريًّا أم تدريجيًّا أم ستُمنح لإيران كمقابل، بعد التأكد من وفائها بعهودها”. خاصة أن “إيران باتت أسرع بكثير من السابق في تطوير برنامجها النووي، وأن أي إخلال بالتعهدات من قبل الغرب، يعني أن البرلمان سيُلزم الحكومة باستئناف النشاط النووي المعلق”(16).

وعلى الرغم من تأكيداته إلا أن بروجردي يتشارك مع رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني في أن ما تحقق كان إنجازًا، فـ”نتائج اجتماع لوزان أسفرت عن دخول الجمهورية الإسلامية فعليًّا إلى نادي الدول المالكة للتقنية النووية بعيدًا عن إنتاج القنبلة النووية”(17).

وسيكون البند المتعلق بتوقيع طهران على البروتوكول الإضافي لمعاهدة “الحدّ من انتشار الأسلحة النووية”(18)، والذي يسمح بتفتيش مباغت للمنشآت النووية في مدة أقصاها يومان، محل خلاف كبير خاصة أن مجلس الشورى هو صاحب الحق دستوريًّا في التوقيع على المعاهدات، ورغم مخاوف من رفض النواب تمرير الموافقة على هذه المعاهدة إلا أن المعارضة مع وجودها لا تُسقط أن “الغالبية يريدون إنجاح الاتفاق”.

الخلاصة: ما جرى اتفاق

يشكِّل ما جرى الاتفاق عليه في لوزان، الحدث الأهم في تاريخ البرنامج النووي الإيراني منذ إطلاقه وإلى اليوم. وبعيدًا عن التفسيرات اللفظية والتلاعب بالمصطلحات “اتفاق إطاري” تارة و”تفاهم سياسي” تارة أخرى فإن ما تم بعد 10 أيام ماراثونية من التفاوض هو اتفاق حقيقي، ولن يتسنى للتفاوض حول التفاصيل تغييره خاصة أن هذه التفاصيل قد جرى الإشارة إليها وبسطها في وثائق محددة صادرة عن الطرفين: الأميركي والإيراني، فضلًا عن أنه ليس من المعقول أن يشارك وزراء خارجية 6 دول في جلسات تفاوض مكثفة للخروج ببيان لا يرقى إلى اتفاق، ولذلك فإن مخرجات لوزان هي اتفاق بكل ما ترتبه هذه الكلمة من نتائج وتبعات.

ورغم الخلافات التي بدأت تظهر للعلن إلا أن معسكر المؤيدين للاتفاق يبدو أكثر صلابة؛ فقد حققت إيران اعترافًا دوليًّا بامتلاكها التقنية اللازمة في المجال النووي، وحصلت على إقرار من المجتمع الدولي بحق إيران في امتلاك التقنية النووية السلمية وهو ما يشكِّل مصدر دخل كبير لإيران، وحصلت على تعهد بإلغاء العقوبات الاقتصادية وهو ما سيترك تأثيرات إيجابية على الاقتصاد والمجتمع الإيراني. ولا يقل أهمية عن ذلك كله هو “تغيير السلوك السياسي الأميركي” تجاه إيران وإبطال الخيار العسكري ضد الجمهورية الإسلامية.

ويسوق المعارضون للاتفاق حُججًا لا تقل أهمية عن حجج المؤيدين؛ فقد رتَّب الاتفاق التزامات قانونية أمام المجتمع الدولي لا يمكنه التراجع عنها، خاصة على صعيد تخصيب اليورانيوم، وجاء على مرحلتين وليس كما أرادته طهران اتفاقًا واحدًا نهائيًّا وشاملًا، فضلًا عن أن آلية إلغاء العقوبات الاقتصادية يكتنفها الغموض وتحاط بتفسيرات متباينة.

وأيًّا يكن من مستقبل الخلاف إلا أن القوى المؤثرة في الساحة السياسية الإيرانية يجمعها “الرغبة في إنجاح الاتفاق”.
___________________________________________
د. فاطمة الصمادي: باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات، متخصصة في الشأن الإيراني

الهوامش والمصادر
1- Parameters for a Joint Comprehensive Plan of Action regarding the Islamic Republic of Iran’s Nuclear Program, WSJ, 4/4/ 2015 accesses date: 6/4? 20215:
http://online.wsj.com/public/resources/documents/IranDealParameters04022015.pdf
2- محمدي، مهدي، بيانيه روز سيزدهم! ارزيابي راهبردي- انتقادي توافق لوزان (بيان اليوم الثالث عشر: تقييم استراتيجي-نقدي لاتفاق لوزان)، ايران هسته اى، 4 إبريل/ نيسان 2015، تاريخ الدخول: 44 إبريل/ نيسان 2015:
http://www.irannuc.ir/content/2565
3- Parameters for a Joint Comprehensive Plan of Action regarding the Islamic Republic of Iran’s Nuclear Program, WSJ, 4/4/ 2015 accesses date: 6/4? 20215:
http://online.wsj.com/public/resources/documents/IranDealParameters04022015.pdf
4- Joint Comprehensive Plan of Action (JCPOA)
5- Julian Borger and Paul Lewis, Iran nuclear deal: negotiators announce ‘framework’ agreement, The Guardian, Friday 3 April 2015:
http://www.theguardian.com/world/2015/apr/02/iran-nuclear-deal-negotiators-announce-framework-agreement
6- مناظره زيباکلام و رسايي درباره توافق هسته اي لوزان (مناظرة زيباكلام ورسايي حول اتفاق لوزان النووي)، عصر إيران، 6 إبريل/نيسان 2015، تاريخ الدخول 7 إبريل/نيسان 2015:
http://www.asriran.com/fa/news/390139/%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B8%D8%B1%D9%87-%D8%B2%DB%8C%D8%A8%D8%A7%DA%A9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%DB%8C%DB%8C-%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%87-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%82-%D9%87%D8%B3%D8%AA%D9%87-%D8%A7%DB%8C-%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86
7- عريبي، شاهر، هل حقَّقت إيران نصرًا في لوزان؟، موقع قناة العالم الإخبارية، 6 إبريل/نيسان 2015، تاريخ الدخول 7 إبريل/نيسان 2015:
http://www.alalam.ir/news/1692570
8- اللواء جعفري: مقاومة شعبنا أرغمت أوباما على اعتراف تاريخي، موقع قناة العالم، 7 إبريل/نيسان 2015، تاريخ الدخول 8 إبريل/نيسان 2015:
http://www.alalam.ir/news/1692741
9- اللواء جعفري: مقاومة شعبنا أرغمت أوباما على اعتراف تاريخي، موقع قناة العالم، 7 إبريل/نيسان 2015، تاريخ الدخول 8 إبريل/نيسان 2015:
http://www.alalam.ir/news/1692741
10- محمدي، مهدي، بيانيه روز سيزدهم! ارزيابي راهبردي- انتقادي توافق لوزان (بيان اليوم الثالث عشر: تقييم استراتيجي-نقدي لاتفاق لوزان)، ايران هسته اى، 4 إبريل/نيسان 2015، تاريخ الدخول: 4 إبريل/نيسان 2015:
http://www.irannuc.ir/content/2565
11- حميد رسائي: توافقنامه لوزان سوئيس، کدام خط قرمزها را نقض کرده است؟ (ما الخطوط الحمراء التي تجاوزها اتفاق لوزان؟)، فارس نيوز، 5 إبريل/نيسان 2015، تاريخ الدخول: 5 إبريل/نيسان 2015:
http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13940116001103
12- جزئيات مشاجره در کميسيون امنيت ملي مجلس ظريف به کريمي قدوسي:”با اين حرف ها به رهبر انقلاب تهمت مي زنيد” (تفاصيل الشجار بين كريمي قدوسي وظريف في لجنة الأمن القومي: أنت توجه التهم لمرشد الثورة)، موقع تابناك، 5 إبريل/نيسان 2015، تاريخ المراجعة: 6 إبريل/نيسان 2015:
http://www.tabnak.ir/fa/news/488447/%D8%AC%D8%B2%D8%A6%DB%8C%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D8%B1%DA%AF%DB%8C%D8%B1%DB%8C-%D8%A8%DB%8C%D9%86-%DA%A9%D8%B1%DB%8C%D9%85%DB%8C-%D9%82%D8%AF%D9%88%D8%B3%DB%8C-%D9%88-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%AF-%D8%B8%D8%B1%DB%8C%D9%81
13- اعتراض پلاکاردي کوچک زاده در صحن علني به بيانيه لوزان (مهدي كوتشك زاده يرفع لافتة معترضًا على اتفاق لوزان)، موقع ديارميرزا، 5 إبريل/نيسان 2015، تاريخ المراجعة 6 إبريل/نيسان 2015:
http://diyarmirza.ir/1394/01/%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B6-%D9%BE%D9%84%D8%A7%DA%A9%D8%A7%D8%B1%D8%AF%DB%8C-%DA%A9%D9%88%DA%86%DA%A9-%D8%B2%D8%A7%D8%AF%D9%87-%D8%AF%D8%B1-%D8%B5%D8%AD%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%86%DB%8C-%D8%A8/
http://www.tabnak.ir/fa/news/488447/%D8%AC%D8%B2%D8%A6%DB%8C%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D8%B1%DA%AF%DB%8C%D8%B1%DB%8C-%D8%A8%DB%8C%D9%86-%DA%A9%D8%B1%DB%8C%D9%85%DB%8C-%D9%82%D8%AF%D9%88%D8%B3%DB%8C-%D9%88-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%AF-%D8%B8%D8%B1%DB%8C%D9%81
14- حميد رسائي: توافقنامه لوزان سوئيس، کدام خط قرمزها را نقض کرده است؟ (ما الخطوط الحمراء التي تجاوزها اتفاق لوزان)، فارس نيوز، 5 إبريل/نيسان 2015، تاريخ الدخول: 5 إبريل/نيسان 2015:
http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13940116001103
15- شوقي، فرح الزمان، اتفاق لوزان وتحدي البرلمان الإيراني، العربي الجديد، 6 إبريل/نيسان 2015:
http://www.alaraby.co.uk/politics/2015/4/5/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A
16- شوقي، فرح الزمان، اتفاق لوزان وتحدي البرلمان الإيراني، العربي الجديد، 6 إبريل/نيسان 2015:
http://www.alaraby.co.uk/politics/2015/4/5/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A
17- بروجردي: اجتماع لوزان أدخل إيران إلى نادي الدول المالكة للتقنية النووية، وكالة أنباء إيرنا، 5 إبريل/نيسان 2015، تاريخ الدخول 5 إبريل/نيسان 2015:
http://www.irna.ir/ar/News/81559959/
18- كانت إيران قد انسحبت من البروتوكول في السابق، احتجاجًا على تحويل ملفها النووي إلى مجلس الأمن الدولي، وصدور عقوبات بحقها، وتشترط إيران لتوقيعه مجددًا إلغاء قرارات عقوبات مجلس الأمن.

د. فاطمة الصمادي
المصدر: مركز الجزيرة للدراسات