أثار خبر مصادقة الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون “القدس الموحدة” حالة من الإرباك لدى المقدسيين الذين يسكنون في الأحياء الواقعة خلف الجدار العازل، لخشيتهم من إمكانية إعادة ترسيم حدود بلدية القدس بشكل يعزلهم أكثر ويُفقدهم حق الإقامة بالمدينة.
ويمنع القانون الجديد أي حكومة إسرائيلية من التفاوض على أي جزء من القدس إلا بعد موافقة أغلبية نيابية استثنائية لا تقل عن ثمانين عضوا من أصل 120 (أي ثلثي أعضاء الكنيست)، وأيد القانون 64 نائبا مقابل 52 صوتوا ضده، بعد جلسة نقاش استمرت عدة ساعات.
وقدّم مشروع القانون وزير التعليم نفتالي بينت ورئيسة كتلة حزب “البيت اليهودي” شولي معلم، وبعد المصادقة عليه قال بينت إنه “تم استغلال وسنستغل كرم ودعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب لنا لتمرير المزيد من القوانين التي تدعم حقنا التاريخي والديني”.
عضو الكنيست عن القائمة المشتركة جمال زحالقة قال إن القانون الجديد يندرج ضمن سلسلة قوانين “الضم الزاحف” التي تسنها إسرائيل لضم المزيد من أراضي المناطق المحتلة عام 1967، ولعل قرار حزب الليكود الأخير بفرض القانون الإسرائيلي على مستوطنات الضفة الغربية خير دليل على أنهم يريدون الأرض بلا فلسطينيين.
فصل البلدات
ورغم حذف أحد بنود القانون الجديد الذي نص على السماح بالعمل على فصل بلدات وأحياء عربية عن القدس المحتلة تقع خارج الجدار العازل وضمها إلى سلطة بلدية إسرائيلية جديدة قبيل التصويت، فإن زحالقة لفت الانتباه إلى إضافة بند ينص على أن إخراج أي منطقة من حكم بلدية القدس بحاجة لأغلبية عادية بالكنيست، مما يعني فتح الباب على مصراعيه لإجراء تغييرات في حدود بلدية القدس، خاصة منطقتي كفر عقب ومخيم شعفاط وغيرهما من المناطق الواقعة خلف الجدار، وإخراجها من حدود البلدية وإقامة بلدية مستقلة لها.
ويشكل القانون الجديد وفق زحالقة خطرا على أعداد السكان في المدينة المحتلة في حال إخراج الأحياء الواقعة خلف الجدار، وضم مستوطنات لبلدية القدس، خاصة مستوطنة معاليه أدوميم.
وأضاف أن الإستراتيجية الإسرائيلية التي حددت في السبعينيات كانت واضحة بضرورة خفض عدد الفلسطينيين بالقدس للحد الأدنى من خلال تضييق الحياة عليهم، حتى أتى هذا القرار الذي يضيق الخناق أكثر على المدينة وسكانها.
وتسعى الحكومة الإسرائيلية الحالية لتدشين مخطط “القدس الكبرى” بحلول عام 2020 بتوسيع حدودها لتبلغ مساحتها نحو ثمانمئة كيلومتر مربع، وتشغل 10% من مساحة الضفة الغربية، ويهدف الاحتلال إلى الحفاظ على النسبة القائمة للسكان اليهود والعرب في المدينة الموحدة بـ 88% يهودا مقابل 12% عربا.
وبإقرار قانون “القدس الموحدة” يرى زحالقة أن إسرائيل أغلقت فعليا كل الأبواب في وجه الفلسطينيين، وقال إن المفاوضات ماتت واتفاقية أوسلو أيضا، ولا بد من العودة بالقضية الفلسطينية للموقع الأول بوصفها قضية تحرر وطني لشعب يريد التخلص من الاحتلال لبناء دولته المستقلة.
نضال شعبي
وأضاف أن هذا يتطلب نضالا شعبيا وحشدا للضغوط الدولية لإجبار إسرائيل على الانسحاب وإنهاء الاحتلال، لأن من يعتقد بأنها ستنسحب بمحض إرادتها أو من خلال المفاوضات فهو واهم.
وطفا على السطح تباين الآراء حول القانون الجديد؛ فبينما يؤيد حزب البيت اليهودي ضم المناطق الواقعة خلف الجدار العازل لبلدية القدس، يرى وزير البيئة الإسرائيلي عن حزب الليكود زئيف ألكين أنه من المفضل إنشاء بلدية مستقلة للأحياء الواقعة خلف الجدار.
وفي تعليقه على القانون الجديد قال المستشار الإعلامي محمد مصالحة إنه جاء للإجهاز النهائي على حل الدولتين، وسبقه بذلك قانون ضم مستوطنات الضفة الغربية وإعلان الرئيس دونالد ترمب.
وذكر في حديثه للجزيرة نت أن حزب الليكود واليمين المتطرف التقيا عند هذا القانون على أن القدس من الثوابت القومية والأمنية والجغرافية والإستراتيجية والدينية، ونجحا في تأجيل خلافاتهم لمنع انتخابات قريبة، لكنهما أسسا لدمار شامل للسلام في المنطقة.
يذكر أن القانون الجديد أثار موجة من ردود الفعل الرافضة داخل الكنيست، كان من بينها زعيمة حزب ميرتس اليساري زهافا غلئون التي وصفته “بقانون مدمر وإعلان حرب”، أما دوف حنين العضو في القائمة المشتركة فقال إنه “قانون منع السلام وستدفع ثمنه الأجيال القادمة”.
وقال زعيم حزب العمل بوجي هرتسوغ إن القانون “مزاد ومقايضة سياسية لشراء الحكم بين الليكود واليمين”.
المصدر : الجزيرة