هذا الصعود لبرنت وغرب تكساس يبدو غريباً، نظراً لانتهاء الانقطاعات التي أدت لارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة، مثل توقف إنتاج حقل فورتيس في بحر الشمال بعد التسرب في الأنبوب الرئيس لنقل النفط منه، إضافة إلى عودة الضخ بمستويات عالية في الأنبوب الذي ينقل النفط من حقل الواحة في ليبيا.
كما أن الصعود يبدو غريباً مع إعلان روسيا عن زيادة إنتاجها في العام الماضي مقارنة بعام 2016، رغم التزامها باتفاق خفض الإنتاج مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). ولم تتأثر السوق بأرقام الصادرات العراقية التي وصلت إلى مستوى تاريخي في الشهر الماضي. في العادة كان من الممكن أن تنخفض أسعار النفط بعد كل هذه الأخبار الصادرة في الأيام القليلة الماضية؛ ولكنها واصلت الارتفاع. والتفسير الوحيد حالياً هو أن نفسية المتعاملين في السوق تدعم الارتفاع، ولكن هذا مرتبط ببعض العوامل الأساسية وليس المضاربة. وفيما يلي أبرز العوامل التي تساهم حالياً في دعم أسعار النفط.
وأحد الأسباب التي خلقت الأزمة التي عانى منها السوق هو تحول وضعية أسعار النفط إلى وضعية تعرف باسم «كونتانغو»، أو حالة الانتظار، والتي كانت فيها الأسعار المستقبلية للعقود الآجلة للنفط أعلى من الأسعار الحالية، وهو ما يشجع التجار على تخزين النفط وبيعه مستقبلاً.
و«الباكورديشين» هي الوضعية المعاكسة لـ«الكونتانغو»، والتي تكون فيها الأسعار المستقبلية أقل من الأسعار الحالية، مما يشجع التجار على البيع بدلا من التخزين.
وسجل الباكورديشين يوم أمس في برنت للعقود التي مدتها 6 أشهر أعلى مستوى لها في 42 شهراً، وبلغ الفرق بين سعر النفط أمس وسعره بعد ستة أشهر نحو 2.39 دولار للبرميل. وهذا أعلى مستوى تم تسجيله منذ يونيو (حزيران) عام 2014 عندما بلغ الفارق السعري آنذاك 2.47 دولار.
وهناك توقعات قوية بأن يكون الطلب على النفط هذا العام قوياً جداً بفضل النمو الاقتصادي الذي قد تشهده الصين، والمقدر بنسبة 6.5 في المائة، إضافة إلى البيانات المبدئية لاستهلاك المصافي هناك هذا العام. وهناك توقعات أخرى بتحسن الطلب هذا الشتاء في الولايات المتحدة بعد العاصفة الثلجية التي من المتوقع أن تضرب الشمال الشرقي من البلاد، والتي ستساهم في رفع مستوى استهلاك زيت التدفئة. وتتوقع وكالة الطاقة نمو الطلب بنحو 1.3 مليون برميل يومياً في 2018، فيما تتوقع أوبك نموه بنحو 1.5 مليون برميل يومياً.
انخفاض المخزونات النفطية
كانت المفاجأة يوم أمس في الولايات المتحدة، والتي أظهرت أن المخزونات النفطية هبطت في الأسبوع الماضي بنحو 7 ملايين برميل، وهو مستوى كبير لها لم تشهده منذ أغسطس (آب) الماضي.
إلا أن المفاجأة الثانية كانت في هبوط المخزونات في منطقة «كوشينغ»، وهي نقطة تخزين نفط غرب تكساس الذي يتداول في سوق نيويورك.
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أمس أن المخزونات في كوشينغ هبطت إلى مستوى أقل من متوسط الخمس سنوات لأول مرة منذ عامين ونصف، بعد هبوطها بنحو 2.4 مليون برميل نفط إضافية الأسبوع الماضي. هذا الهبوط سيدعم أسعار خام غرب تكساس في الفترة القادمة.
وتحاول منظمة أوبك والمنتجين المستقلين معها العمل على خفض المخزونات في الدول الصناعية إلى متوسط الخمس سنوات. وستعزز البيانات الأميركية الأسعار وتدعمها خلال الفترة القادمة.
وبحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الصادرة أمس، فإن مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة هبطت الأسبوع الماضي مع زيادة إنتاج مصافي التكرير، بينما ارتفعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير. وانخفضت مخزونات الخام 7.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 29 ديسمبر (كانون الأول) إلى 424.48 مليون برميل، في حين كانت التوقعات تشير إلى انخفاض قدره 5.1 مليون برميل، بحسب رويترز.
وزاد استهلاك مصافي التكرير من الخام بمقدار 210 آلاف برميل يوميا مع صعود معدلات التشغيل نقطة مئوية واحدة إلى 96.7 في المائة الأسبوع الماضي، وهي أعلى معدلات منذ عام 2005، كما ارتفعت مخزونات البنزين 4.81 مليون برميل إلى 233.19 مليون برميل، بينما كان محللون استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا زيادة قدرها 2.2 مليون برميل.
وأظهرت بيانات إدارة المعلومات أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، قفزة 8.9 مليون برميل إلى 138.83 مليون برميل، بينما كان من المتوقع أن ترتفع 477 ألف برميل. فيما هبط صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي بمقدار 292 ألف برميل يوميا إلى 6.49 مليون برميل يوميا.