بددت قوات الجيش الإسرائيلي حالة الهدوء القائمة في غزة منذ عدة أيام، وشنت غارات جوية داخل حدود القطاع القريبة من مصر، ومن معبر كرم أبو سالم، بزعم تدمير نفق يستخدم لتهريب السلاح، وتوعد قادة الاحتلال حركة «حماس» بالمزيد، فيما ردت الأخيرة بالإعلان أن التهديدات لا تخيفها، وحذرت العدو من ارتكاب «أي حماقة».
وأعلن جيش الاحتلال يوم أمس عن عملية مهاجمة قواته الجوية لنفق يقع في منطقة قريبة من نقطة تقاطع الحدود الفلسطينية والمصرية والإسرائيلية، جنوب شرق مدينة رفح، وتحديدا قرب معبر كرم أبو سالم التجاري.
وجرى ضرب الهدف الأرضي، من قبل القوات الجوية الإسرائيلية في ساعة متأخرة من ليل السبت.
وقال ناطق بلسان جيش الاحتلال، إن «الضربة الجوية استهدفت «فتحة نفق ضخم وعابر للحدود يدخل بعمق نحو 200 متر في الجانب الواقع تحت السيطرة الإسرائيلية من الحدود قرب معبر كرم أبو سالم التجاري».
وهذا المعبر تمر منه البضائع من الجانب الإسرائيلي إلى الجانب الفلسطيني، ويعد النفق التجاري الوحيد لقطاع غزة. وحسب المتحدث، فإن الطيران الحربي الذي شن الغارة، استهدف فتحة النفق في الجانب الفلسطيني من الحدود، مشيراً إلى أن هذا النفق المستهدف يعد من الأنفاق المتطورة والحديثة، ويربط بين غزة ومصر. وزعم كذلك أن النفق حفر في العام الماضي، ووصلت عمليات حفره إلى الجانب المصري، بهدف إمداد غزة بالأسلحة عن طريق الأراضي المصرية.
النفق.. وحماس
وبين أن النفق يرتبط مباشرة بحركة حماس، وأنه اجتاز الجدار الأمني تحت معبر كرم أبو سالم، بالقرب من أنبوب الغاز، في طريق وصوله إلى الأراضي المصرية، ويمر تحت المنطقة المنزوعة السلاح بين مصر وغزة.
وأشار إلى أن قوات بلاده ستواصل التحرك «فوق وتحت الأرض» لإحباط محاولات المساس بسكان إسرائيل ولـ «الحفاظ على الهدوء النسبي في المنطقة الذي تحقق بعد معركة الجرف الصامد (الحرب الأخيرة)».
وحول طريقة كشف قوات جيش الاحتلال النفق، قال الناطق إنها تمت بـ «طريقة مختلفة»، عن تلك الطرق التي اكتشف خلالها الأنفاق السابقة، وأنها تأتي في إطار حرب بلاده ضد الأنفاق.
وحسب ادعاء إسرائيل، فإن النفق المستهدف كان سيستخدم من قبل ناشطي حركة «حماس»، حال اندلعت حرب مستقبلية مع قطاع غزة.
وقال الجنرال يواف مردخاي، منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية : «بعد التشاور الأمني، قررنا إغلاق معبر كرم أبو سالم، حتى اشعار آخر، كـ»خطوة أمنية ضرورية للحفاظ على أمن من يتواجد في المعبر»، محملاً حركة «حماس» مسؤولية تداعيات الإغلاق «بسبب اختيارها مرة تلو الأخرى لمساس برفاهية سكان القطاع».
وعقب تدمير النفق، قال وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إن حيشه قام بتنفيذ «عملية مهنية ودقيقة»، وإنها تعتبر ضمن مهام «سياسة الإضرار المنهجي بقدرات الاستراتيجية لحماس».
ولفت إلى أن النفق المستهدف كان قيد الإنشاء خلال العام الماضي، ويحتوي على خصائص فريدة، ومحوره الرئيسي من غزة إلى الأراضي المصرية مع تفريعة اجتازت الأراضي الإسرائيلية قرب معبر كرم أبو سالم.
وقال كذلك، وهو يشرح قدرات النفق الذي تعرض للتدمير، إنه امتد على مسافة تفوق الكيلومتر ونصف الكيلومتر، وعناصر من الجناح المسلح لحماس كتائب القسام، وإن كانوا فيه أثناء فترة بنائه.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أوضح أن جيشه شن الليلة هجوماً على هدف مركزي لحركة حماس في قطاع غزة.
ولم يقف التعليق الإسرائيلي على تدمير النفق على المستوى العسكري، حيث بادر نتنياهو للتفاخر أن جيشه «هاجم بنية تحتية إرهابية مركزية لحركة حماس في قطاع غزة».
هذا ليس صحيحاً
وقال، وهو يظهر خطورة الأهداف التي يهاجمها جيشه في غزة «البعض يقول إن الجيش الإسرائيلي يهاجم الكثبان الرملية، وهذا ليس صحيحا، نحن نرد على الهجمات ضد دولة إسرائيل، ونحن نفعل ذلك بهجوم منهجي جدا».
وتوعد رئيس حكومة الاحتلال حركة حماس، وحذرها من «مغبة استمرار الهجمات على الأهداف الإسرائيلية»، وقال «سنرد بقوة أكبر».
في المقابل، حملت حركة «حماس»، إسرائيل المسؤولية عن «التصعيد الخطير».
وقال إسماعيل رضوان، القيادي في الحركة لـ« القدس العربي»، وهو يقلل من أهمية الرواية الإسرائيلية «الاحتلال يروج لشائعات من أجل التضييق على قطاع غزة».
وأكد أن إسرائيل تتحمل المسؤولية عن «تداعيات هذا التصعيد»، مؤكداً أن تهديدات الاحتلال لحماس وآخرها لقائد الحركة في القطاع، يحيى السنوار لن تخيف الحركة»، مضيفاً: «نحن في معركة متواصلة مع الاحتلال، وأي حماقة ستواجه برد قوي من المقاومة».
وكان يؤاف غالانت، الوزير في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر «الكابينت»، هدد أول أمس باغتيال السنوار، في حال بدأت حركته تصعيدا عسكريا ضد إسرائيل.
رغم ذلك، استبعد رضوان نشوب «حربا قريبة ضد غزة»، مضيفا «الاحتلال يعلم أن كل الحروب السابقة التي شنها ضد غزة كانت خاسرة».
وكان شهود عيان من مدينة رفح جنوب القطاع، أكدوا أن طائرات حربية إسرائيلية أغارت على أرض زراعية في ساعة متأخرة من ليل السبت، ولم تسفر عن وقوع إصابات في صفوف السكان.
وعقب ذلك أعلنت الإدارة العامة للمعابر في السلطة الفلسطينية عن إبلاغها من الجانب الإسرائيلي، بقرار إغلاق معبر كرم أبو سالم ، دون تحديد موعد لإعادة فتحه من جديد.
ويعتبر هذا المعبر، المنفذ الوحيد الذي تمر منه البضائع لسكان قطاع غزة المحاصرين، ومن شأن إطالة فترة الإغلاق أن تؤثر كثيرا على السكان.
وعبر فلسطينيون عن غضبهم من قرار إغلاق المعبر.
وقال ماهر الطباع مدير العلاقات العامة في غرفة التجارة والصناعة الفلسطينية: «إغلاق معبر كرم أبو سالم حتى إشعار آخر يأتي في ظل ظروف اقتصادية كارثية يعاني منها قطاع غزة. هذا الإغلاق سوف يؤثر بالسلب على إمدادات المحروقات إلى قطاع غزة بالإضافة إلى إرباك في حركة الواردات من السلع والبضائع إلى قطاع غزة».
القدس العربي