يبدو أن ما كانت تخشاه تركيا طوال السنوات الماضية قد تحول إلى «حقيقة»، وذلك مع إعلان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة البدء بتحويل وحدات حماية الشعب الكردية المنتشرة في شمالي سوريا إلى «جيش من قوات حرس الحدود» قوامه 30 ألف عنصر، وهو ما أطلقت عليه تركيا مصطلح «الجيش الإرهابي»، في خطوة رفعت من مستوى المخاوف التركية والتوتر المتصاعد بين أنقرة وواشنطن.
وصدرت أمس سلسلة من المواقف الرسمية وعلى أعلى المستويات من الرئاسة إلى الحكومة والمعارضة التركية الشاجبة لتأليف هذا الجيش من القوات الحليفة لواشنطن، كما أدانت الخطوة موسكو والنظام السوري.
وجاء الموقف الأعلى نبرة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي توعد بشكل مباشر بـ»وأد» القوة التي أعلنت عنها واشنطن، وقال في خطاب له، أمس: «أمريكا أقرت بتشكيلها جيشا إرهابيا على حدودنا، والمهمة التي تقع على عاتقنا هي وأده في مهده»، وتساءل قائلاً: «هل يمكن أن تكون هذه القوات موجهة ضد أحد غير تركيا؟». وجدد إردوغان التهديد بقرب مهاجمة عفرين السورية.
من جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن «تشكيل الولايات المتحدة جيشا في سوريا يضر بوحدة ترابها ونطلب من واشنطن توضيحاً مفصلاً حيال ذلك».
وفي مؤتمر صحافي في العاصمة الروسية موسكو أمس، أضاف لافروف «إن الأحادية الأمريكية، ومشروعها المتعلق بتشكيل جيش في سوريا، قد يخلق مشاكل في العلاقات بين الأكراد وتركيا، ولن يساعد في التخفيف من وطأة الوضع القائم في عفرين». واعتبر لافروف أن القرار الأمريكي بإنشاء قوة حدودية في سوريا يعني أن منطقة كبيرة على حدود سوريا مع تركيا والعراق ستصبح معزولة، وهو أمر يبعث على القلق. كما أعلن نظام بشار الأسد معارضته لها وتهديده بمهاجمة «عملاء أمريكا»، بينما تأمل أنقرة في التوصل إلى تفاهمات أكبر مع موسكو تُمكنها من القيام بعمليات عسكرية كبيرة ضد الوحدات الكردية في عفرين ومنبج بشكل خاص، بما يحقق أهدافها بمنع تمدد الوحدات الكردية، ويتلاقى مع أهداف موسكو بإفشال الخطوة الأمريكية الجديدة في شمالي سوريا.
وقالت وكالة الأناضول التركية الرسمية إن عناصر «الجيش الجديد» يتلقون تدريبات نظرية وتقنية قدمتها الـ»سي آي إيه»، وعمليات إنزال جوي من قبل «البنتاغون»، إلى جانب تدريبات على حمل السلاح قدمتها قيادات من «بي كا كا» جاءت من جبال قنديل شمالي العراق، وأضافت: «من المنتظر أن يتم تدريب الجيش بحيث يستطيع القتال مع الجيوش النظامية في المستقبل. نائب رئيس الوزراء التركي والمتحدث باسم الحكومة، بكر بوزداغ، اعتبر أمس، أن «قيام الولايات المتحدة بتأسيس جيش إرهابي تحت مسمى قوة حدودية في سوريا هو لعب بالنار»،
كما حذّر حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية، من خطوة «إنشاء الولايات المتحدة جيشاً إرهابياً في شمالي سوريا»، واعتبر الحزب أن «الهدف من وراء الجيش الذي ستشكله واشنطن شمالي سوريا هو إبقاء كل من تركيا وسوريا والعراق تحت ضغطها».
من جهتها قالت مصادر لـ«القدس العربي»، إن «وحدات حماية الشعب الكردية « الذراع العسكرية لـ»حزب الاتحاد الديمقراطي»، في مدينة عفرين في ريف حلب الغربي تسلمت قبل نحو أسبوع شحنة صواريخ مضادة للطائرات، من الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أنه تم تسليمها عبر معبر سيمالكا الحدودي الواصل بين إقليم كردستان العراق ومحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا. وكشف مدير موقع NSO المختص في تغطية الأحداث في شمالي سوريا الصحافي، ضرار الخطاب، عن معلومات تفيد بوصول شحنة صواريخ مضادة للطائرات خلال الأسبوع الفائت إلى منطقة عفرين في ريف حلب الغربي لصالح «وحدات حماية الشعب YPG»
القدس العربي