استقبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد، أمس، وفداً رفيع المستوى برئاسة رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، لبحث سبل حل الأزمة العالقة بين بغداد وأربيل، وفقاً لبيان رسمي.
ومنذ الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضاعفت بغداد تدابيرها العقابية ضد أربيل، ففرضت حظراً على الرحلات الدولية من مطار أربيل والسليمانية وإليهما حتى نهاية فبراير (شباط).
وكان وفد كردي زار بغداد الأسبوع الماضي، سبقته زيارة وفد حكومي عراقي إلى أربيل، فيما يبدو كأنه رغبة من طرفي الأزمة في حلحلة المشكلات.
وضم الوفد الكردي إلى بغداد أمس، نائب رئيس حكومة الإقليم قباد طالباني، ورئيس ديوان رئاسة الإقليم السابق فؤاد حسين.
وأشار البيان الصادر عن رئاسة الحكومة العراقية إلى أن الطرفين ناقشا «مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية وحل الإشكالات بين الحكومة الاتحادية والإقليم وفق الدستور». وأكد العبادي خلال اللقاء «وحدة وسيادة العراق، وأن مواطني الإقليم جزء من الشعب العراقي، وأهمية إعادة وتفعيل جميع السلطات الاتحادية في الإقليم من ضمنها المنافذ الحدودية والمطارات»، وفق المصدر.
بدوره، أكد سعد الحديثي، المتحدث الإعلامي باسم مكتب العبادي، أن اللقاء الذي جرى أمس «يؤكد الرغبة في تجاوز مرحلة الاستفتاء والتأسيس لمرحلة جديدة مقبلة تقوم على مبدأ سيادة الدولة وفقاً للدستور العراقي النافذ وبحث الأمور الخلافية وفق ثوابت الدستور، وهو ما جرى التأكيد عليه طبقاً للأجواء الإيجابية التي سادت اللقاء». وأضاف الحديثي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللقاء بحث القضايا الخلافية بعد أن أنجزت اللجان التي تم تشكيلها من قبل الطرفين عملها أخيراً فيما يتعلق بقضايا المنافذ الحدودية والمطارات وأمن الحدود بما يحفظ سيادة الدولة وإنفاذ القانون، وهو ما أكده الدستور العراقي، بالإضافة إلى مسألة توزيع الثروات بشكل عادل بين العراقيين، بما في ذلك مسألة رواتب موظفي الإقليم». وأوضح الحديثي أن «اللجان التي تشكلت كانت قد وضعت توصيات مهمة لحل الخلافات بما يضمن تطبيق الدستور، وهو ما جرى بحثه خلال اللقاء والوصول إلى نتائج إيجابية بشأنها».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون جبار العبادي، وهو مقرب من رئيس الوزراء حيدر العبادي، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن الاتصالات لم تنقطع بين الجانبين حتى بعد الاستفتاء خصوصاً على صعيد عمل اللجان المشتركة التي قطعت شوطاً جيداً في عملها، فإن اللقاء الذي جمع العبادي ببارزاني جاء بعد الزيارة التي قام بها المبعوث الأميركي بريت ماكغورك الذي أجرى زيارتين لبغداد وأربيل، حيث تم تمهيد الأجواء لهذا اللقاء».
وأضاف أن «هذا اللقاء قد لا ينهي كل المشكلات العالقة، لكنه يمكن أن ينهي الجزء الأكبر منها، لا سيما أن هناك لجاناً فنية عملت طوال الفترة الماضية بشكل جيد على كل المستويات، ونجحت في تذليل كثير من الصعوبات».
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تهدف هذه الزيارة، الأرفع مستوى لوفد كردي منذ اندلاع الأزمة، إلى التباحث في شأن إدارة الحدود البرية مع إيران وتركيا ورفع الحظر عن الرحلات الجوية الخارجية من مطاري الإقليم.
وبعيد الاستفتاء أيضاً، استعادت القوات العراقية من البيشمركة جميع المناطق المتنازع عليها، وخصوصاً محافظة كركوك الغنية بالنفط ومناطق في محافظة نينوى على الحدود مع تركيا.
لكن القوات الكردية لا تزال تسيطر على المعابر الحدودية مع إيران وتركيا، بينها منطقة فيشخابور، حيث يعبر أنبوب تصدير النفط الشمالي الرئيسي في رأس مثلث حدودي بين الأراضي التركية والعراقية والسورية، وتعتبر استراتيجية خصوصاً للأكراد. وسيطرت قوات البيشمركة على خط أنابيب النفط الممتد من محافظة كركوك مروراً بالموصل في محافظة نينوى الشمالية، في أعقاب الفوضى التي أعقبت الهجوم الواسع لتنظيم داعش قبل 3 سنوات.
وصل بارزاني مساء أمس إلى طهران، وكانت القنصلية الإيرانية في أربيل أعلنت في وقت سابق أمس، أنه «امتداداً للجهود الدبلوماسية والتحاور مع الدول الأخرى حول القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية، سيزور رئيس حكومة إقليم كردستان طهران وسيجتمع مع المسؤولين الإيرانيين»، مشيرة إلى أن «زيارة هذا الوفد وهي الأولى منذ إجراء الاستفتاء ورفض الحكومة والمحكمة الاتحادية العراقية له (الاستفتاء)، تعد خطوة مهمة وإيجابية».
الشرق الاوسط