ازمة الموازنة الامريكية بين عجز ترمب وقوة الديمقراطيين

ازمة الموازنة الامريكية بين عجز ترمب وقوة الديمقراطيين

   

شذى خليل*

      وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مشروع قانون قصير الأمد لتمويل الحكومة المركزية بشكل مؤقت ، لأنهاء الأزمة اقرار الموازنة لعام 2018 التي استمرت ثلاثة أيام بسبب خلافات سياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين، ولاستمرار التفاوض لحل ازمة الموازنة للمدة المقررة في الثامن من فبراير المقبل.
وفيما وصف ترمب، نفسه، بأنّه “عبقري ويتمتّع بصحة عقلية” وان لا أحد يعرف النظام أفضل منه ولذلك هو الوحيد الذي يستطيع أن يصلحه” حسب قوله فشل في دفع الكونغرس لإقرار مشروع قانون الموازنة لعام 2018 مما يشوه صورته التي بناها كمحترف في إبرام الصفقات وإصلاح كل ما انكسر في واشنطن، وازمة اقرار الموازنة تثبت فشل ترمب في إدارة اكبر دول العالم، حيث ادى الاختلاف في مجلس الشيوخ، إلى شلل الحكومة الفدرالية، مدة ثلاثة ايام اذ اتهم البيت الأبيض الديمقراطيين بجعل الأمريكيين “رهائن لمطالبهم غير المسؤولة”، وإغلاق الحكومة الاتحادية.
وتقدر موازنة 2018 للولايات المتحدة التي اقر خطوطها العريضة الكونغرس الأمريكي، حوالي 4.1 ترليونات دولار

ماذا تعني آلية تعطيل الدولة الفيدرالية ؟ هو قانون يتم تفعيله في حال لم يصادق الكونغرس على الميزانية، اي إقفال العديد من مؤسسات الدولة الفيدرالية المصنفة على أنها «غير ضرورية» حسب قانون الحماية من العجز المالي، بسبب عجزها عن تمويل أنشطتها الاقتصادية والإدارية.

وهي المرة الأولى التي يطبق فيها هذا الإجراء ” التعطيل ” منذ تشرين الأول/اكتوبر 2013 في عهد الرئيس السابق باراك اوباما. وقد استمر 16 يوما، وتترجم ببطالة تقنية بلا أجور لأكثر من 850 ألف موظف فدرالي يعدون «غير أساسيين» لعمل الإدارة
اذ توقف مئات آلاف الموظفين الحكوميين الأمريكيين عن العمل بشكل مؤقت السبت بعد فشل الكونغرس في التوصل إلى تسوية حول الموازنة .

وبعد الجلسة الاخيرة للكونغرس التي شهدت تبادلا للاتهامات بين الجمهوريين والديمقراطيين، وعد زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل في خطاب له بمعالجة القضايا الرئيسة التى تثير قلق الديمقراطيين ولا سيما تعديل قوانين الهجرة.
وقال ماكونيل “ما لم تحل هذه المسائل قبل انتهاء مهل اقرار الموازنة فى 8 فبراير 2018 بما يضمن فتح الحكومة، سأعمل على طرح التشريعات المتعلقة ببرنامج +داكا+ وامن الحدود وغيرها من القضايا ذات الصلة”.

ويرفض الديموقراطيون طلب تمويل اتحادي مؤقت ما لم تعالج مسالة المهاجرين ضمن برنامج “داكا” لخشيتهم من عدم تحرك القادة الجمهوريين لحمايتهم قبل ترحيلهم الذى سيبدأ فى مارس، وكان ماكونيل تعهد للديموقراطيين بمعالجة مسألة الهجرة في الوقت المناسب.
ورد زعيم الأقلية الديموقراطية تشاك شومر بالقول انه “يسره متابعة النقاش مع زعيم الغالبية بشان إعادة فتح مؤسسات الحكومة” مشيرا الى أن الحزبين لم يتوصلا بعد الى اتفاق بشأن المضي قدما للتوصل الى حل.
اختلاف الديمقراطيين والجمهوريين الذي ادى الى اغلاق الحكومة الاتحادية، تمحور حول لنقاط الرئيسة التالية :
• قضايا الهجرة.
• تأمين الحدود .
• الإنفاق العسكري .
ويطالب الديمقراطيون الرئيس دونالد ترمب بالتفاوض حول الهجرة كجزء من الاتفاق حول الميزانية ، وإيجاد حل لنحو 700 ألف ممن يسمون “الحالمين” (دريمرز) وهم من الشباب الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير شرعي عندما كانوا أطفالا، وباتوا مهددين بالطرد بعد إلغاء برنامج “داكا” الذي أقرته إدارة باراك أوباما ومنحهم تصريحا مؤقتا بالإقامة. ويرفض الديمقراطيين اي اقرار ما لم تلب مطالبهم، حول بنود قوانين الهجرة ، فيما يصعب تشدد ترمب وموقفة من المهاجرين حل الازمة.
ويطلب الجمهوريون بتمويل تأمين الحدود، بما في ذلك إقامة جدار حدودي مقترح مع المكسيك، وإصلاحات الهجرة، وزيادة الإنفاق العسكري، بإقرار موازنة للعام 2018 ، وهي أحد وعود الحملة الانتخابية لترمب الذي قال ان القوات المسلحة تنقصها التجهيزات بعد أكثر من 16 عاما من الحروب دون توقف.
وأوضح نائب الرئيس مايك بنس خلال توقف رحلته في شانون بإيرلندا حيث التقى عسكريين أمريكيين في طريقهم إلى مهمات في الخارج، أن “هناك جنودا أمريكيين يستعدون لقضاء ستة أشهر في الكويت ويخشون عدم تقاضي رواتبهم ، وهذا أمر غير مقبول”.
ومن تأثير عدم اقرار الموازنة توقف نشاط العديد من الوكالات الفدرالية كإدارات الضرائب ، والدفاع والأمن اذ أصدرت وزارة الدفاع بان «كل العاملين العسكريين سيواصلون عملهم بشكل طبيعي» لكن دون رواتب، ويبلغ عدد التابعين لوزارة الدفاع هم 1,5 مليون شخص، فيما يتبع الامن الداخلي 40 ألفا.
وستطال آلية التعطيل وفقا لتجارب أميركية سابقة مع الأزمة ذاتها، الرئيس الأميركي شخصيا، على اعتبار أن ثلاثة أرباع موظفي البيت الأبيض سيغيبون عن العمل. وقالت إدارة ترمب إن أكثر من ألف موظف، من أصل 1715، في البيت الأبيض، سيجبرون على إجازة غير مدفوعة الأجر.
لكن عدد كبيرا من الموظفين اي نحو ثلاثة ارباع المدنيين الـ640 ألفا العاملين في البنتاغون سيبقون في منازلهم.
مما يؤدي إلى تباطؤ العمل ويمكن ان يؤثر على قطاع الدفاع الخاص الضخم الذي يعتمد على العقود المبرمة مع البنتاغون.
وسيؤثر تعطيل الموازنة ايضا على موظفي الجمارك ودوريات الحدود ووزارة الهجرة وهيئة الجنسية والهجرة عملهم على الحدود البرية والبحرية والجوية للبلاد، اذ أعلنت الهيئة الفدرالية للطيران التي تشرف على الرحلات الجوية انها ستواصل العمل وان المطارات ستظل مفتوحة أمام المسافرين.
وحتى الحدائق العامة والمتاحف ستظل مفتوحة لكن بعض الموظفين الحكوميين فيها سيكونون في اجازة مؤقتة بينما المتعاقدون من القطاع الخاص الذين يؤمنون الطعام وغيره من الخدمات سيواصلون العمل.

ويشمل التأثير كذلك وزارة النقل اذ ستواصل العمل ب 34 الف موظف من اصل 55 الف دون تقاضي اي راتب ، في حين سيغادر 61% من موظفي المراكز الوقائية عملهم، ويتوقف عدد كبير من المعاهد الوطنية للأبحاث الصحية عن تقديم خدماتها، والقسم الاكبر من الادارات الفدرالية غير الرئيسة ستغلق ابوابها بما فيها مصلحة الضرائب ، والتامين الاجتماعي ، وهيئات الاسكان والتعمير ، وهذا يعني لم تتم مراجعة التراخيص والوثائق ستتم عرقلة عمل المقاولين وتوقف اكمال مشاريعهم ، مما ينعكس على الاقتصاد و سير العمل داخل مؤسسات الدولة، سلبا، اذ تكون الدولة غير ملزمة بدفع رواتب للموظفين الفيدراليين عن مدة الإغلاق.

ومع وجود ازمة اقرار الموازنة وتعطل معظم مؤسسات البلاد فان هناك مؤسسات حكومية أساسية، سيستمر العمل فيها بشكل طبيعي ومنها الكونغرس والمحاكم الفدرالية وهيئة قدامي المقاتلين وهيئة البريد.
كما لن يتوقف التحقيق الذي يتولاه المحقق المستقل روبرت مولر حول تواطؤ محتمل بين الفريق الانتخابي للرئيس دونالد ترامب وروسيا.

ان هذه الازمة ليست الاولى في البلاد اذ اغلقت الحكومة ثمانية عشر مرة منذ 1976 ، واولها كان في زمن كارتر واخرها الازمة الحالية التي تحدث لاول مرة في العام الاول لولاية رئيس امريكي على الاطلاق ، وحزبه يهمين على البيت الابيض والكونغرس معا.
نصل الى نتيجة ان ادارة ترمب للازمات لا تتمتع بالديناميكية ، وتعاني عجزا اداريا في تسير الامور مما يجر البلاد الى مازق.
وقال السيناتور الديمقراطي ديك دوربين، “أتمنى أن يستغرق الأمر ساعات أو أياما وينتهي، لكننا بحاجة إلى إجابة جوهرية، والشخص الوحيد الذي يمكن أن يقودنا لهذه الإجابة هو الرئيس ترامب، فهذا الإغلاق يخص الرئيس”.

 

الوحدة الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية