دولة الكويت تستضيف مؤتمر المانحين لإعادة إعمار العراق

دولة الكويت تستضيف مؤتمر المانحين لإعادة إعمار العراق


شذى خليل*

بعد اعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تحرير الموصل، في يوليو/ تموز 2017 ، تعهد الشيخ صباح الأحمد الصباح امير الكويت، باستضافة مؤتمر إعادة إعمار المناطق المحررة في العراق.
واكد العبادي ان هناك توافقا عربيا ودوليا على امكانية نجاح الكويت في تنظيم المؤتمر، الذي سيعقد بين 12 و14 فبراير/شباط المقبل، اذ سيختلف عن المؤتمرات السابقة من النواحي التنموية، والإنسانية، وإفساح المجال للقطاع الخاص للمشاركة في إعادة إعمار العراق.
وقال العبادي ان العراق تلقى ردودا مشجعة على المشاركة من عدة دول وخاصة الولايات المتحدة والصين ودولا أوروبية.
وبين العبادي ان المؤتمر سيقلص الفترة الزمنية لإعادة إعمار المدن المحررة: الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى ومناطق في بغداد وكركوك، تعرضت لدمار هائل في بنيتها التحتية الخدمية والاقتصادية، نتيجة الحرب على تنظيم “داعش” الإرهابي ، منذ منتصف 2014.

ويراقب الشارع العراقي باهتمام النتائج التي سيتوصل اليها المؤتمر للاسهام في إعادة إعمار العراق، حيث هناك اكثر من 200 مدينة مدمرة و آلاف القرى شمالي وغربي ووسط البلاد.

الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي، مهدي العلاق، اوضح ان المؤتمر يحظى بدعم من البنك الدولي ومساهمته، مما يوفر الضمانات المطلوبة للاستثمار، بمشاركة واسعة لعدد كبير من دول العالم والشركات الاستثمارية المتخصصة”.
و بين ان تكلفة إعادة إعمار العراق، تبلغ نحو 100 مليار دولار، مؤكدا أن “مرحلة إعادة الإعمار من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة العراقية بعد تحرير المدن، وهناك مخطط مدروس لإعادة الخدمات إلى المدن المحررة، تليها مرحلة إعادة الإعمار، وتأهيل القطاعات المختلفة”
وأوضح العلاق أن تنظيم داعش الارهابي ، تسبب بتهجير خمسة ملايين نسمة، مشيرا الى عودة نصف النازحين إلى مناطقهم، داعيا المجتمع الدولي لدعم العراق في إعادة بقية النازحين وتأمين العمليات الإنسانية ودعم الاستقرار في المناطق التي تم استعادتها من التنظيم الارهابي.
وأعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق عن استراتيجية لدعم العراق في اعادة اعمار مناطقه المدمرة ، تتضمن دعما طويل الأجل من شأنه إعادة إعمار العراق وإرساء المصالحة الوطنية فيه.
واوضحت البعثة، ان ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد فيدريكا موغيريني والمفوضية الأوروبية وافقتا على مقترحات خاصة باستراتيجية جديدة للاتحاد بشأن العراق.
وفي السياق ذاته قال المفوض الأوروبي للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات كريستوس ستيليانيدس إن الاحتياجات الإنسانية ما تزال قائمة، وهناك العديد من الناس المشردين والمهجرين، داعيا لتركيز الاستراتيجية على تقديم مساعدات لتسهيل عودة النازحين وجهود الإصلاح والتعمير والمصالحة طويلة الأجل من أجل توطيد السلام وبناء بلد ديمقراطي.
واوضح وزير التخطيط العراقي، سلمان الجميلي، في مايو/أيار الماضي، أن خطة إعادة إعمار المدن المحررة تمتد لفترة زمنية مدتها 10 سنوات، بتكلفة تصل إلى 100 مليار دولار.
وذكر أن “خطة إعادة الإعمار ستكون على مرحلتين؛ الأولى تمتد بين عامي 2018 و2022، والاخرى بين عامي 2023 و2028″.

واوضح الجميلي ، ان الحرب كلفت العراق خسائر كبيرة في البنية التحتية ، من جسور ومجمعات تجارية ومستشفيات وجامعات ومدارس ودوائر حكومية وخدمية ومحطات الماء والكهرباء ومئات المعامل والمصانع وآلاف المنازل، وعشرات المجمعات السكنية، ومازالت الحياة معطلة فيها، رغم عودة كثير من النازحين.
وأكد عضو البرلمان العراقي والقيادي بالتحالف الوطني العراقي عباس البياتي، أن مؤتمر المانحين سيشهد تأسيس صندوق يطلق عليه” صندوق إعادة إعمار مدن العراق المدمرة”.
ووقع المشرف على الصندوق، مصطفى الهيتي، اخيرا، مذكرة تفاهم إطارية مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لإدارة منحة حكومية، لدعم القطاع الصحي في المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية بقيمة 100 مليون دولار( 30.6 مليون دينار كويتي).
وقال الهيتي، إن تكلفة إعمار المناطق المتضررة من الحرب ضد تنظيم داعش، تبلغ 150 مليار دولار، مشيرا الى أنه “من أجل التوصل إلى تقييم دقيق للتكاليف تم الاتفاق مع البنك الدولي على تحديد الأضرار بالأقمار الاصطناعية”، موضحا أن “التمويل الجديد سيخصص لمحافظات الموصل والأنبار وجنوب كركوك وجرف الصخر لإعمار قطاعات حيوية مهمة فيها.
واكدت مصادر حكومية، أن “التمويل سيركز على إعادة البناء في خمسة قطاعات هي: المياه والصرف الصحي والكهرباء والصحة والنقل، والخدمات البلدية، وستساعد الأموال أيضا في ترميم وصيانة مواقع تراثية في الموصل القديمة التي تضررت بشدة في أثناء القتال”.
وتقدر التقارير المحلية العراقية ، مجموع الخسائر التي تكبدتها مدن غربي وشمالي العراق بأكثر من 70 مليار دولار، تشمل البنى التحتية لتلك المدن، كشبكات الطرق والجسور والسدود ومحطات الكهرباء والماء والصرف الصحي والاتصالات والمستشفيات والمدارس والمعاهد والجامعات والقطاع الزراعي والحيواني، و مباني الدولة الخدمية الأخرى ومؤسساتها التي طاولتها يد التدمير بفعل العمليات الإرهابية والقصف الجوي للتحالف الدولي خلال معارك إخراج تنظيم داعش من المدن.

وتعد مدن الفلوجة والموصل والرمادي وتكريت والحويجة والرطبة وهيت وجرف الصخر وبيجي ، من أكبر المدن تضررا، اذ بلغت نسبة الدمار80%.
ويقدر عدد الوحدات السكنية المدمرة (المنازل والشقق السكنية) بأكثر من ربع مليون وحدة سكنية، بين تدمير كامل وجزئي وحرق، وتجد الحكومة العراقية صعوبة مالية، في اعادة إعمارها، وإعادة أهلها إليها البالغ تعدادهم نحو 7 ملايين.

ويتطلع العراق الى ان يكون المؤتمر بداية لإعادة الاعمار للمدن العراقية وعودة النازحين الى مناطقهم ، محاولا طمأنة المانحين من خلال التحقيق في تهريب الأموال خلال السنوات الماضية.
وتؤكد الحكومة انها بدأت بتحقيقات فعلية، في ملفات الفساد، وتهريب الاموال خارج البلاد ، بمساعدة 21 خبيرا أجنبيا يساعدون سبع لجان برلمانية ومجلس القصاء”، معتبرة “هذه الجهود جزءا من الاستعداد لمؤتمر الكويت وطمأنة الدول المانحة”.
وطمأن العبادي المانحين من أن الأموال التي سنتفق على إعمار المناطق المحررة ستذهب بالفعل إلى تنمية تلك المناطق”، متوقعا أن “تشهد تحركات حكومية وقضائية ضد متهمين ومدانين بالفساد منذ عام 2004”.
وقال الخبير الاقتصادي ياسين الدراجي، إن المؤتمر بداية جديدة للحكومة العراقية في إعادة الإعمار، مؤكدا أن “الحكومة العراقية وحدها لا تملك الإمكانات اللازمة لإعادة الإعمار من دون مشاركة الدول المانحة الصديقة والشقيقة في هذه المرحلة والشركات العالمية والعربية المختصة، بسبب الأزمة المالية التي مازالت تعصف بالعراق، منذ منتصف عام 2015، بسبب نفقات الحرب الكبيرة، التي أضعفت ميزانيته”.
وتوقعت الحكومة الكويتية من جهتها، مشاركة نحو70 دولة عربية وأجنبية في المؤتمر ، ومن أبرزها: أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والسويد والنمسا وهولندا وكندا وأستراليا واليابان والصين وفنزويلا، وعربياً دولة الكويت، وقطر والسعودية والإمارات، وتركيا.
وقال الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس الوزراء الكويتي: إن بلاده تستضيف المؤتمر بالتعاون والتنسيق مع بغداد والمجتمع الدولي، مشيرا الى التزام بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، بمساعدة العراق لاستعادة دوره إقليميا ودوليا.
واضاف رئيس الوزراء الكويتي إن العراق يواجه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية كبيرة؛ أبرزها مواجهة ومكافحة التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة، آملا أن تستمر هذه الإنجازات لتعزيز جهود المصالحة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب العراقي، واستعادة الأمن والاستقرار والمحافظة على وحدة العراق واستقلاله وسيادته، وتهيئة الظروف لبدء جهود إعادة البناء والإعمار، وإعادة النازحين إلى مناطقهم.
وقال نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله ان المؤتمر سيشهد مساهمة رسمية ومن القطاع الخاص متوقعا فاعليتها في دعم الاشقاء العراقيين”.
واضاف ان دولة الكويت ستستضيف على هامش المؤتمر اجتماعاً لوزراء خارجية دول التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في 13 فبراير (شباط) لبحث مكافحة الإرهاب، ودور منظمات المجتمع المدني في إعادة إعمار العراق، ودور القطاع الخاص، مؤكدا ان أمن العراق واستقراره من أمن المنطقة.

 

الوحدة الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية