بيروت – تشكل زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى أنقرة بدعوة من نظيره التركي بن علي يلدريم أهمية خاصة لجهة توقيتها، حيث تريد تركيا استثمارها في تسويق أن علاقتها مع المحيط العربي جيدة، وهو ما يتنافى وواقع الحال.
وتواجه أنقرة شبه عزلة عربية لولا المتنفس الذي توفره لها كل من الخرطوم والدوحة، ويأتي هذا النفور العربي جراء السياسات التركية المثيرة للجدل والتي يعدها كثيرون لا تقل خطورة عن سياسات إيران؛ فلئن كانت الأخيرة مسكونة بهاجس تصدير ما يسمى بـ”الثورة الإسلامية” للعالم العربي فإن الأولى في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان مهووسة بفكرة إحياء “الخلافة العثمانية”.
ولقي الحريري عند وصوله إلى تركيا حفاوة لافتة، حيث تم عزف نشيد البلدين عند وصوله إلى قصر “جانقايا” وأدت كتيبة المراسم للحرس الرئاسي التحية له، وقام نظيره التركي بن علي يلدريم بتنظيم مأدبة غداء على شرفه، بعد محادثات تناولت العلاقات الثنائية، والوضع الإقليمي.
وخلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره التركي أكّد رئيس الوزراء اللبناني أنّ بلاده تدعم مساعي إنهاء الأزمة السورية عن طريق الحل السياسي الذي يضمن وحدة الأراضي السورية وحقوق شعبها وخاصة اللاجئين. وأوضح الحريري أنه تناول مع نظيره التركي مستجدات الأوضاع الإقليمية والعلاقات الثنائية القائمة بين البلدين.
وأضاف قائلاً “تعلمون أننا نستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين الذين فروا من بلادهم، ونتمنى أن يعود هؤلاء إلى بلادهم بأمان، ونولي اهتماما خاصاً للمؤتمر الذي سيعقد بين بيروت وأنقرة بخصوص أزمة اللاجئين”. وأعرب رئيس الوزراء اللبناني عن امتنانه لتسليم السلطات التركية الإرهابي المتهم بتفجير صيدا، مبيناً أن ذلك يعكس مدى التواصل بين البلدين في المجال الأمني. وكان الحريري قد أجرى اتصالات مع الجانب التركي لتسليم أحد أفراد خلية متهمة بمحاولة اغتيال قيادي أمني في حركة حماس في مدينة صيدا جنوب لبنان الشهر الماضي وقد استجابت أنقرة لطلب الحريري وتم تسليم المتهم للسلطات اللبنانية.
ويقيم سعد الحريري علاقات قوية مع النظام التركي الحالي، وهناك استثمارات له في العديد من القطاعات في تركيا، تأثرت نسبيا بأزمة شركته “سعودي أوجيه” بيد أنها لا تزال صامدة، ويعول عليها لإعادة مراكمة ثروته التي فقد منها الكثير على خلفية اهتزاز العلاقة بينه وبين الرياض.
وتقول أوساط دبلوماسية لبنانية إن زيارة رئيس الوزراء إلى أنقرة التي تستمر ليومين والتي التقى خلالها أيضا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا يمكن إدراجها ضمن الطابع السياسي البحت بالنسبة له، فالحريري هناك بالأساس لمتابعة أنشطته التجارية واستثماراته، وفي الوقت ذاته لا تستبعد تلك المصادر أن يكون الحريري يسعى للبحث عن بدائل في ظل علاقته الفاترة مع السعودية.
ورغم تحميل البعض للزيارة أبعادا أخرى من قبيل وجود رسائل سياسية وراء لقاء رئيس الوزراء اللبناني بالمسؤولين الأتراك، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن الطابع السياسي للزيارة هامشي وأن الحريري يسعى لتعزيز حضوره في عالم الأعمال والاستثمارات بتركيا.
وقالت هذه المصادر إن تركيا سعت إلى استقبال الحريري بالحفاوة البروتوكولية التي يجب أن يحظى بها أي رئيس حكومة لبناني، وأن الحريري كما الجانب التركي كانا حريصين، وفق مصادر تركية، على عدم إعطاء انطباعات خاطئة في ظل الظرف المتعلق بالانتخابات التشريعية في لبنان من جهة وفي ظل تعقد الظرف الإقليمي الدولي لتركيا إثر إطلاقها لحملة “غصن الزيتون” ضد عفرين.
العرب اللندنية