بعد أيام على إعلانه أنه سيمثل أمام لجنة التحقيق باحتمالات التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، واصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماته على كل ما يتعلق بهذا الحدث، الذي يعتَبر مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) أحد أهم عناوينه.
هجمة ترمب الجديدة طالت التشكيك بنزاهة المكتب عبر اتهامه بالانحياز السياسي للديمقراطيين، حيث قرر أمس الجمعة رفع السرية عن مذكرة أعدها الرئيس الجمهوري للجنة المخابرات في مجلس النواب ديفن نيونس، رغم رفض الأعضاء الديمقراطيين في اللجنة لها.
وتتهم المذكرة مكتب التحقيقات ووزارة العدل بتضليل أحد القضاة في محاولة لتمديد عملية المراقبة ضد كارتر بيدج، وهو أحد مستشاري ترمب للشؤون الخارجية.
وكتب ترمب على حسابه على تويتر مدافعا عن رفعه السرية عن المذكرة، وقال “أعتقد أنه من العار ما يحدث في هذا البلد، لقد أرسلت المذكرة إلى الكونغرس، الكثير من الأشخاص يجب أن يشعروا بالخزي بل أسوأ من ذلك”.
مذكرة مضللة
لكن معارضين لترمب اعتبروا المذكرة الجمهورية “مضللة”، وأنها تسعى لتقويض تحقيق يجريه المستشار الخاص روبرت مولر بشأن تدخل روسيا في الانتخابات، والمزاعم بأن فريق ترمب تواطأ مع روسيا خلال حملته الانتخابية.
حيث حذر قادة ديمقراطيون في الكونغرس ترمب أمس الجمعة من اتخاذ موضوع نشر المذكرة ذريعة لإقالة المسؤولين الرئيسيين في التحقيق.
وقالوا في رسالة لترمب إن إقالة رود روزنشتاين نائب وزير العدل ومسؤولين بوزارة العدل أو روبرت مولر، يمكن أن تتسبب بأزمة دستورية غير مسبوقة منذ عهد الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، واعتبروا أن مثل هذه الأساليب ستشكل “عرقلة للعدالة”.
لكن المتحدث باسم البيت الأبيض راج شاه أكد أنه لن يتم إجراء تغييرات في وزارة العدل، وقال “نتوقع أن يستمر روزنشتاين نائب في منصبه”، حيث يشرف الأخير على تحقيق مولر بشأن مزاعم التدخل الروسي.
هجوم مستمر
والهجوم الجديد لترمب على مكتب التحقيقات الفيدرالي ليس الأول، كما أن هجماته منذ وصوله للبيت الأبيض قبل نحو عام ارتبطت بالتحقيقات بالتدخل الروسي بانتخابات عام 2016.
وقد نجح ترمب بالتخلص من المدير السابق للمكتب جيمس كومي عبر إقالته في مايو/أيار الماضي، قبل أن يدفع أندرو مكابي نائب مدير المكتب للاستقالة الاثنين الماضي بعد انتقادات حادة وجهها له.
وشكلت إقالة كومي صدمة في واشنطن بعد أقل من أربعة أشهر من وصول ترمب للبيت الأبيض، لاسيما وأنها جاءت أثناء قيادته تحقيقا بالتدخل الروسي.
وانتهت أزمة إقالة كومي باتفاق بين ترمب والديمقراطيين على تشكيل لجنة خاصة ومستقلة بالتدخل الروسي، والتي يقودها روبرت مولر منذ أكثر من ثمانية أشهر.
أما استقالة مكابي فجاءت بعد أشهر من الخلافات بينه وبين ترمب، ونقلت وكالة أسوشيتيد برس عن مصادر مطلعة أن “مكابي كان هدفا لانتقادات ترمب، بعد إدارته التي استمرت أشهر لمكتب التحقيقات الفيدرالي عقب طرد جيمس كومي، المدير السابق للمكتب من منصبه”.
وفي ديسمبر/كانون الثاني الماضي، اتهم ترمب مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه في حالة يرثى له وأنه “الأسوأ عبر التاريخ”، قبل أن يعود في اليوم التالي لامتداحه والتأكيد أنه يدعمه بنسبة مئة في المئة.
نزع الشرعية
ويربط محللون ومراقبون بين الهجوم المستمر لترمب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، وتحقيقات روبرت مولر بالتدخل الروسي، لدرجة أن بعضهم يرى أن الرئيس يريد نزع الشرعية عن التحقيقات واعتبارها منحازة ضده قبل أن تصل لنتيجتها.
وفي تعليقاتهم لوسائل إعلام أميركية على هدف ترمب من رفع السرية عن المذكرة التي تتهم مكتب التحقيقات الفيدرالي بالانحياز السياسي، حذرت قيادات ديمقراطية ترمب من اتباع ذات السيناريو الذي لجأ إليه الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، عندما أقال الأخير رئيس لجنة كانت تحقق بفضيحة ووتر غيت.
وتبدو سيناريوهات مصير التحقيق بالتدخل الروسي مفتوحة على كافة الاحتمالات، لكن السيناريو الذي يبدو مرجحا في نظر الكثير من المراقبين أن ترمب سيستمر بالتشكيك بالتحقيق ومآلاته، وممارسة دور الضحية المستهدف من خصومه الديمقراطيين.
وتتركز السيناريوهات برأي مراقبين، على احتمالات، من بينها إعلان مولر انتهاء التحقيقات دون توجيه اتهامات، أو توجيه لائحة اتهامات للرئيس، والسيناريو الثاني سيعلن عن بداية جديدة للتحقيق عنوانها الطعن بشرعية ساكن البيت الأبيض.
لكن السيناريو الذي دخل في دائرة الاحتمالات، يتعلق بنية ترمب لإنهاء عمل لجنة التحقيق، وبالرغم من تأكيد الناطق باسم البيت الأبيض عدم وجود توجه من هذا النوع، إلا أن محللين اعتبروا أن استمرار هجمات ترمب المرتدة لا تجعل هذا الاحتمال مستبعدا، أو على الأقل اعتبار أي إدانة ربما تصدر عن اللجنة بأنها صدرت من محققين منحازين سياسيا ضد الرئيس.
المصدر : الجزيرة + وكالات