ارتكبت قوات النظام السوري وحليفتها الروسية، صباح أمس، مجزرة جديدة بحق العشرات من المدنيين المحاصرين في ريفي دمشق وإدلب، حيث استعملت صواريخ النابالم المحرمة دوليا، موقعة أكثر من 90 مدنيا بين قتيل وجريح، بينهم أكثر من 75 قتيلا في الغوطة الشرقية، التي تضم نحو 400 ألف محاصر معزولين عن المناطق القريبة منهم بالحواجز العسكرية والآليات العسكرية الثقيلة، الأمر الذي دفع فصائل المعارضة المسلحة للرد في مسقط رأس الرئيس بشار الأسد، حيث استهدفت مدينة القرداحة بالصواريخ.
والغريب أن المؤشرات الميدانية تشير إلى أن مناطق خفض التصعيد أصبحت الأكثر دموية في سوريا، حيث أن معظم المناطق المستهدفة من قبل الطائرات الحربية للنظام السوري والقوات الروسية، هي مناطق صنفت ضمن اتفاق أستانة الذي رعته روسيا وإيران وتركيا، بأنها مناطق «خفض تصعيد». ورغم أن الدول الضامنة لم تتحدث عن فشل اتفاقيات خفض التصعيد، إلا إن ما تشهده الساحة السورية، يدل على أن الاتفاقيات العلنية تخفي في كواليسها انهيارا شبه كلي للتوافق بين الدول الراعية.
ففي إدلب وثقت مصادر حقوقية مقتل أكثر من 17 مدنيا، بينهم نساء وأطفال، يوم أمس الجمعة، في قصف جوي يرجح أنه لطائرات النظام الحربية على بلدة حاس جنوبي إدلب شمالي سوريا، كما قصفت المقاتلات الحربية مدينتي التمانعة وجرجناز جنوب إدلب، وبلدتي كفرعميم والشيخ إدريس شرقها، في حين استهدف النظام السوري وسلاح الجو الروسي جبل الأربعين ومحيط مدينة جسر الشغور بصواريخ موجهة، موقعا قتلى وجرحى ودمارا شاملا والمزيد من المآسي الإنسانية في المنطقة.
وبالاستناد إلى إحصائيات الدفاع المدني في الغوطة الشرقية، فقد قتل خلال الأربع والعشرين ساعة الفائتة 88 مدنيا ومئات الجرحى، وهناك عالقون تحت الأنقاض، بينهم أطفال ونساء، فيما تشهد كل من مدينتي دوما وحرستا تصعيدا هو الأعنف من نوعه، حيث ارتفعت حصيلة الغارات على دوما خلال نهار يوم الجمعة إلى 13 غارة جوية، منها 3 غارات محملة بمادة النابالم الحارق المحرمة دوليا، بالإضافة لقصف مدفعي بأكثر من 15 قذيفة مدفعية على الأحياء السكنية في المدينة. أما مدينة حرستا فقد استهدفت بأكثر من 15 غارة جوية تحمل كل منها ما لا يقل عن 6 صواريخ، بالتزامن مع قصف بصاروخين نوع أرض-أرض وعشرات قذائف الهاون والمدفعية، في ظل تشتت عمل فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني التي تحاول تغطية جميع المناطق المستهدفة، بما فيما من مراكز طبية وحيوية، فضلا عن استهداف مراكز الدفاع المدني نفسه وأماكن أطقمه.
وأوضح الناطق باسم الدفاع المدني في الغوطة الشرقية، سراج محمود، في تصريحات إعلامية إن 234 مدنيا بينهم 66 طفلا و42 امرأة قتلوا جراء القصف على الغوطة الشرقية في الفترة من 1 حتى 8 شباط/ فبراير الجاري، إضافة لجرح 581 آخرين بينهم 184 طفلا و120 امرأة. العقيد فاتح حسون العضو في وفد الفصائل العسكرية السورية المعارضة في اجتماعات أستانة رأى أن ما يحدث في الغوطة وإدلب «جريمة بحق الإنسانية».
بدورها، نقلت وسائل إعلامية تابعة للمعارضة السورية، عن حركة أحرار الشام، قيام الأخيرة بإطلاق صواريخ على مواقع عسكرية للنظام السوري في مدينة القرداحة «مسقط رأس الأسد» في مدينة اللاذقية، ووضعت «أحرار الشام»، القصف الصاروخي، ضمن خانة الرد العسكري على المجازر التي يرتكبها النظام السوري بحق المدنيين السوريين.
من جهتها قالت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، أمس الجمعة، إن بلادها تريد إنهاء الضربات الجوية في سوريا. ودعت لفتح ممرات إنسانية في أسرع وقت ممكن. وأضافت لراديو فرانس إنترناسيونال «نحن قلقون جدا ونراقب الوضع على الأرض عن كثب. يجب وقف الضربات الجوية»، لكنها لم تسهب في التفاصيل، حسب وكالة رويترز.
من ناحية أخرى فتحت قوات النظام السوري ممرا لعناصر تنظيم «الدولة الإسلامية»، للتقدم في منطقة خفض التوتر في محافظة إدلب. وأفاد مراسلون في المنطقة، بأن نظام بشار الأسد فتح ممرا في منطقة سيطرته شرقي إدلب، أمام تنظيم «الدولة» للتقدم باتجاه شمال غرب. وعقب انسحاب جيش النظام والقوات المدعومة من إيران، دون صدام، تقدم تنظيم «الدولة» في الممر الذي يبلغ طوله 30 كم، وتمركز عناصر التنظيم في قريتي دريبيبة ونيحا حيث يواصل تنظيم «الدولة» هجماته العنيفة، على عناصر «هيئة تحرير الشام» المسلحة المناهضة للنظام السوري.
القدس العربي