على الرغم من انتهاء مهلة تقديم طلبات الترشيح والبدء الرسمي للحملة الانتخابية في لبنان، فإن تشكل لوائح التحالفات بين القوى السياسية ما زال غير واضح ويحتاج إلى مزيد من الوقت لإنضاج مشهد السباق الانتخابي الذي سيجري في 6 مايو المقبل.
وفي ما عدا التحالف الذي يجمع حزب الله وحركة أمل في الدوائر التي يخوضان فيها الانتخابات مجتمعين، تبقى تحالفات بقية التيارات السياسية مربكة وغير نهائية وعرضة لبازار التبدل في كل ساعة.
وإذا ما كانت الثنائية الشيعية تحافظ على وحدتها، فإن “ورقة التفاهم” التي جمعت حزب الله والتيار الوطني الحر، و”ورقة النوايا” التي جمعت التيار بحزب القوات اللبنانية، لا تشكلان أساسا صلبا لتحالف كامل في كافة الدوائر الانتخابية، مع العلم أن تحالف حزب الله مع تيار الرئيس ميشال عون يتناقض مع تحالف هذا الأخير مع تيار زعيم القوات اللبنانية سمير جعجع.
ولا يبدو تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري قريبا من اتفاق كامل مع القوات اللبنانية.
ويقول مقربون من تيار المستقبل إن مصالح التيار الانتخابية، خصوصا وأنه بصدد خسارة عدد من مقاعد كتلته البرلمانية بسبب قانون الانتخابات الجديد، لا تسمح بترف تخليه عن مقاعد مسيحية لصالح القوات اللبنانية.
وتؤكد التقارير أن الاتفاق سيتم على ثلاث دوائر فقط، فيما المداولات ما زالت صعبة لسحب هذا التحالف على دوائر أخرى.
ويلاحظ مراقبون تصاعدا جديدا في حدة التوتر بين وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، مع حركة أمل وزعيمها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.
ويرى هؤلاء أن باسيل يسعى لتصليب عصبية مسيحية تحت عنوان الدفاع عن حقوق المسيحيين، فيما يأخذ التنافس بين التيارين طابع التحدي ببعض الدوائر الانتخابية في جنوب لبنان، يريد من خلاله باسيل كسر الهيمنة التي لطالما مارسها بري منذ اتفاق الطائف على التمثيل المسيحي في جنوب البلاد.
ويلحظ المشهد الانتخابي اللبناني الحالي حالة تمرد على البيوت السياسية الكبرى.
ويرى متخصصون في شؤون الانتخابات أن قانون الانتخابات سيخرج الكثير من الوجوه من لوائح الانتخابات مما سيدفعها إما للانسحاب وإما لخوض الانتخابات بشكل مستقل.
خبراء يجمعون على أن تيار المستقبل سيحافظ على حصة وازنة داخل التمثيل السني بما يسمح بإعادة تكليف الحريري بتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات
لكن المراقبين أيضا يتأملون حركة وجوه الاعتراض الشيعي ضد حزب الله، سواء تلك التي تقدمت بترشيحها ضد الثنائية الشيعية في الجنوب كاللائحة التي تضم الصحافي علي الأمين، أو من يعملون من خارج إطار الترشيح للتسويق لتصويت نحو شخصيات مدنية مناهضة لسياسة حزب الله.
ويرى هؤلاء أن إمكانية حصول اختراق للوائح الحزب والحركة واردة، لكن الأهم أن الحملات الانتخابية التي ينظمها المترشحون الشيعة من خارج لوائح الثنائية توفر مناسبة للترويج لخطاب الاعتراض ضد حزب الله لدى البيئة الشيعية وما يطلق عليه اسم “جمهور المقاومة”.
ويلفت المراقبون إلى أن حالة اعتراض مستقلة متعددة تشهدها كافة الطوائف في سعي لتحدي الهيمنة التي تمارسها الأحزاب الكبرى.
ويسجل هؤلاء إمكانية اختراق شخصيات سنية للوائح تيار المستقبل في البقاع الغربي وشمال لبنان، فيما ستخوض شخصيات مسيحية المعركة الانتخابية على أساس حسابات محلية وعائلية.
ويجمع الخبراء على أن تيار المستقبل سيحافظ على حصة وازنة داخل التمثيل السني بما يسمح بإعادة تكليف الحريري بتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، على الرغم من أن رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي ووزير العدل الأسبق أشرف ريفي يمثلان تحديا، كل من جهته، لزعيم المستقبل وسيشكلان من خلال لوائحهما تحديا حقيقيا للاحتكار الذي اكتسبته الحريرية السياسية لزعامة السنة منذ الراحل رفيق الحريري.
وينظر المراقبون باهتمام إلى الحملة التي يخوضها حزب الكتائب برئاسة سامي الجميل في كافة الدوائر التي يتنافس داخلها. ويقول هؤلاء إن الكتائب يحاول كسر احتكار الثنائي المسيحي (القوات والتيار) للساحة المسيحية وتأكيد شعبية حزب الكتائب، أعرق الأحزاب المسيحية في لبنان، داخل الشارع المسيحي.
ويستند الجميل على معارضته لكل الطبقة السياسية الحاكمة كما معارضته للتواطؤ بين حزب الله وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر على تقاسم السلطة والثروة في البلاد.
ويحظى خطاب الزعيم الكتائبي الشاب بترحيب شعبي لدى شرائح شعبية لبنانية تتجاوز البيئة المسيحية. ويحظى الجميل بعلاقات متينة مع السعودية بما يجعل لمواقفه صدى إقليميا ودوليا يعبر عن صوت لبناني متميز في ثبات معارضته لحزب الله.