بقراءة متأنية لحديث وزير الخارجية الامريكي جون كيري في المؤتمر الصحفي الذي عقد في نيويورك اخيرا، يتأكد للمتتبع للضربات الجوية التي شنها التحالف الدولي منذ الثالث والعشرين 23 ايلول /سبتمبر 2014 على مقاتلي “داعش” في سوريا، ان الضربات الجوية اوقعت اصابات محكمة بـ “تنظيم خراسان” الارهابي.
واكد الحديث بيان صادر عن القيادة المركزية الأمريكية ان “الجيش الأمريكي اتخذ إجراءات لتعطيل هجوم وشيك على مصالح أمريكية وغربية من مقاتلين يتبعون لتنظيم القاعدة الذين وجدوا ملاذا آمنا في سوريا”.
وبحسب الجنرال وليام مايفيل مدير العمليات لهيئة الأركان المشتركة فإنه “تم إطلاق أكثر من 40 صاروخ توماهوك من سفن حربية في الخليج والبحر الأحمر، وإن “غالبية ضربات صواريخ توماهوك استهدفت تنظيم خراسان”. كما استهدفت الغارات معسكراتٍ تدريب تابعة لهذا التنظيم، وموقعاً لتصنيع الذخائر، ومبنى اتصالات، ومركزا للقيادة والتحكم.
ووصف البيان “تنظيم خراسان” بانهم جماعة متطرفة جديدة في سوريا، وتمثل خطرا على الاقليات الشرق الاوسط والولايات المتحدة، وانها اكثر اصراراً وعزماً على تنظيم هجمات ارهابية ضد الولايات المتحدة الامريكية .
وهذا يجعلنا نبحث ونتعرف الى هذه المنظمة الارهابية وكيف وجدت ومن يدعمها وما عدد افرادها وما اهدافها ؟
التنظيم بدأ بترسيخ قواعده في داخل الاراضي السورية بداية عام 2013 بعد فرار المسؤول عن التنظيم “محسن فاضل اياد الفضلي” الملقب بــ” أبو اسماء “الخرساني” كويتي الجنسية ( 33 عاما) والمطلوب للسلطات الكويتية، والسعودية والاميركية، بسبب مشاركته ودعمه لعدد من العمليات الارهابية ، وسبق له ان هرب مع عدد من عناصره من افغانستان الى ايران، واستقر فيها وبمباركة ايمن الظواهري، اصبح مسؤولا عن تنظيمات القاعدة داخل ايران بين عامي 2011-2012 وورد اسمه في قوائم الارهاب الاميركية .
توجهات تنظيم خرسان في سوريا :
1-تدعيم وجود قواعد مقاتليهم داخل سوريا، وعدم التركيز على قتال نظام بشار الاسد، والانطلاق من الاراضي السورية لشن هجمات ضد الغرب والولايات المتحدة .
2- كان للفضلي الدور البارز في انحياز أيمن الظواهري الى جانب قيادة جبهة النصرة السورية بقيادةابو محمد الجولاني في خلافها مع ” داعش” بقيادة ابو بكر البغدادي، واعتبارها الذراع القوية للقاعدة في سوريا .
3-تقديم الدعم والمساندة والمشورة لجبهة النصرة بعد ان اصبح الفضلي احد امرائها البارزين، وقائداً ميدانياً فيها لان من شروط دعم الظواهري ومبايعته لأي تنظيم إرهابي، ان يسهم عدد من اتباعه البارزين في قيادة التنظيم الذي بايعه ، فكان الفضلي حلقة وصل بين ( ابو محمد الجولاني وأيمن الظواهري) لمعرفة ما يجري في جبهة النصرة .
مراحل تردد اسم الفضلي وتنظيم ( خراسان ) على لسان المسؤولين الامريكيين :
- في عام 2005 اشار الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في المؤتمر الصحفي الذي عقد في العاصمة البلجيكية (بروكسل) الى الدور الإرهابي لزعيم ” تنظيم خراسان” (الفضلي)، وأكد مشاركته ومساعدته في تفجير الناقلة الاميركية ( لمبورنج) في عام 2002، بالقرب من السواحل اليمنية، والتي أدت الى مقتل شخص ، وتسريب 50 الف برميل نفط انتشرت بطول الساحل اليمني الممتد على 45 ميلا.
- في عام 2012 قالت وزارة الخارجية الامريكية في بيان لها ان الفضلي هو قائد تنظيم القاعدة في ايران، وتم عرض مكافأة قدرها 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى القاء القبض عليه، وهو يعمل مع متبرعين جهاديين أثرياء في الكويت موطنه الاصلي لجمع الاموال لصالح المقاتلين الموالين للقاعدة في سوريا .
- في عام2014 اعلن مدير الاستخبارات الاميركية جيمس كلابر ان خطورة “تنظيم خراسان” تفوق خطر “داعش” وانها تشكل تهديدا كبيرا لبلاده
- قبل بدء العمليات العسكرية الاخيرة على سوريا اعلن المتحدث باسم الجيش الامريكي، انه تم احباط هجوم وشيك في مراحله الاخيرة، كان يعد له “تنظيم خراسان”.
- أكد خبراء الامن القومي الاميركي ان التركيز المكثف على تنظيم “داعش” نشأ عن فوضى الحرب الاهلية في سوريا، وابعد الانظار عن تهديدات اخرى اكثر الحاحا، لاتزال تأتي من جماعات ارهابية مثل “تنظيم خراسان وجبهة النصرة .”
ومن بين الاسباب التي دعت القيادة الامريكية العسكرية الى اعلان اسم “تنظيم خراسان” الارهابي بخصوص عملياتها العسكرية داخل سوريا :
-اراد الامريكيون استهداف قيادات من “جبهة النصرة” تنسق عملياتها مع “تنظيم خرسان”، وسبق لها ان عملت مع تنظيم القاعدة مثل القائد العسكري “لجبهة النصرة” (ابو همام السوري) والمتحدث الرسمي باسمها (ابو فراس السوري) وهما موجودان حاليا مع “تنظيم خراسان” لتنسيق الهجمات والعمليات الارهابية.
-تراعي الولايات المتحدة مصالح الدول المشاركة في التحالف معها لضرب “داعش” وعلاقاتها مع الفصائل الموجودة على الساحة السورية، ولعلها لا تريد ان تذكر انها استهدفت مقرات او عناصر “جبهة النصرة” التي تدعمها قطر، وبعضاً من دول الخليج العربي . وبالتالي يقوم الامريكيون باستهداف “جبهة النصرة” تحت تسمية ” تنظيم خراسان”.
-الترويج لحملتها العسكرية وكسب الرأي العام الاميركي والعالمي، بالقول انها تستأصل كل التنظيمات الارهابية الجديدة والقديمة منها.
ويبقى السؤال لماذا لم تشر الولايات المتحدة الى ان من استهدفتهم وهم أمراء في “جبهة النصرة” وليسوا جماعة ( خراسان )؟؟
هذا ما ستفصح عنه الايام المقبلة واستمرار الضربات الجوية لمواقع “داعش” في سوريا .
مركز الروابط للبحوث و الدراسات الاستراتيجية