متى وكيف سيضرب ترمب سوريا؟

متى وكيف سيضرب ترمب سوريا؟

بعد ليلة شهدت تبادلا أميركيا روسيا في إسقاط القرارات بشأن سوريا في مجلس الأمن الدولي، يبدو أن العالم بات على موعد مع ضربة أميركية غربية للنظام السوري، فيما ينحصر السؤال اليوم عن موعدها وحجمها.

وفشلت الولايات المتحدة ليلة أمس الثلاثاء بتمرير مشروع بشأن هجمات النظام السوري الكيميائية في دوما، بعد أن استخدمت روسيا الفيتو للمرة الـ 12 في مجلس الأمن ضد قرارات تتعلق بسوريا، منها 6 تتعلق بالتحقيق بهجمات كيميائية على الشعب السوري.
وردت واشنطن وحلفاؤها بإفشال مشروعي قرارين روسيين حاولت من خلالهما موسكو تمرير آلية تحقيق اعتبر دبلوماسيون غربيون أنها غير مستقلة وتهدف لمنع إدانة نظام بشار الأسد.
وعلى وقع الشلل الذي ضرب الخيارات الدبلوماسية لإيجاد حل يرضي الأطراف الغربية بعد تهديد الرئيس الأميركيدونالد ترمب بأن الرئيس السوري “سيدفع ثمنا باهظا”، لم يعد السؤال برأي الكثير من المحللين عن إمكان الضربة أو عدمه، بقدر ما يجري الحديث عن حجمها والأهم موعدها.
وبعد أن كان ترمب قد لوح قبل أيام فقط بسحب قواته من سوريا، عاد الجيش الأميركي لتعزيز وجوده قرب سواحلها شرق البحر المتوسط، ما دعا خبراء إستراتيجيين لتوقع أن تكون الضربة القادمة للنظام السوري أوسع من تلك التي اكتفى فيها ترمب بقصف مطار الشعيرات العام الماضي بعد قصف النظام السوري خان شيخون بالأسلحة الكيميائية.
قوات كبيرة
وتتحدث وسائل إعلام أميركية عن تحريك كبير لقوات وقطع بحرية باتجاه سوريا، أبرزها حاملة الطائرات “هاري ترومان” التي انتقلت من قبرص للسواحل السورية، إضافة لسفن حربية تحمل منظومات صواريخ توماهوك وكروز، ويتوقع أن تقصف بنكا من الأهداف التابعة للنظام السوري، إضافة لنقل سفن تحمل آلاف الجنود الأميركيين.
وتعبيرا عن تصاعد الموقف، ألغى الرئيس الأميركي جولة كان سيقوم بها اعتبارا من الجمعة المقبل لأميركا اللاتينية، وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن ترمب يريد التركيز على الرد على الهجوم الكيميائي في سوريا.
وتوقع خبراء ومحللون أن تشمل الضربة العديد من مراكز النظام السوري، بينها القصر الجمهوري في دمشق، ومقرات الفرقة الرابعة، التي تعد أحد أهم أجنحة النظام الضاربة في الحرب السورية اليوم.
كما توقعوا أن تشمل قواعد ومطارات ومقرات تتمركز فيها قوات إيرانية ومليشيات سورية وإيرانية ولبنانية وغيرها.
استنفار النظام السوري
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن حالة من الاستنفار أعلنت في مواقع قوات النظام السوري وحلفائها تحسبا لضربات أميركية أو غربية محتملة، وشملت المطارات والقواعد العسكرية في دمشق وريفها وبمحافظات حمص واللاذقيةوطرطوس ومناطق أخرى.
ونقلت الوكالة عن ناشطين في محافظة دير الزور شرقي سوريا أن قوات النظام وحلفاءها يخلون النقاط العسكرية الرئيسية.
ويرى المحلل الإستراتيجي مأمون أبو نوار أن الضربة الأميركية التي يتوقع أن تشارك بها بريطانيا وفرنسا “باتت قادمة لا محالة”.
وقال للجزيرة مساء الثلاثاء “احتمال الضربة كبير جدا، لأن ترمب سيفقد مصداقيته إذا لم يضرب النظام السوري”
وبرأي أبو نوار بات من المؤكد عدم إمكان اتفاقات في مجلس الأمن ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “لأن الآليات الدولية باتت معطلة ومشلولة”، وهو ما يجعل الخيار العسكري وحيدا أمام ترمب وحلفائه الغربيين.
أبو نوار اعتبر أن الضربة ضرورية للولايات المتحدة ليس بسبب الهجوم الكيميائي فقط “وإنما لتوجيه رسائل قوية للنظام السوري وإيران وروسيا، وحتى لكوريا الشمالية”.
وذهب للقول إن التراجع عن توجيه الضربة سيجعل العالم بلا رادع من استخدام السلاح الكيميائي في أي مكان وليس في سوريا فقط.
في المقابل تحدث الخبير في سياسات الأمن والدفاع في معهد كيتو أستاذ الأمن الدولي في جامعة جورج واشنطن بنيامين فريدمان عن أنه ورغم أن الاحتمال كبير جدا لضربة عسكرية في سوريا، فإن احتمالات عقد صفقة أميركية روسية في اللحظات الأخيرة لا يزال قائما.
لا تراجع
لكن فريدمان قال للجزيرة مساء أمس الثلاثاء إن ترمب في حال تراجعه سيواجه بانتقادات عديدة من الداخل الأميركي ومن حلفائه، غير أنه حذر من أن تتورط الولايات المتحدة في حرب طويلة بسوريا.
وعلى وقع التسخين للحرب، خاض دبلوماسيون روس وأميركيون حرب تصريحات حملت تهديدات مبطنة، فقد هدد مسؤولون روس -آخرهم سفير موسكو في بيروت- بأن قواتهم ستتصدى لأي صواريخ أميركية ستقصف سوريا، ورد مسؤولون أميركيون بتحذيرات لروسيا حملت تهديدات مبطنة.
لكن أبو نوار اعتبر أن آخر ما يهم الروس هو الاشتباك مع الأميركيين، معتبرا أن الروس أمام خيارين؛ الأول أن يغضوا النظر عن الصواريخ الأميركية التي ستمر من فوق قواعدهم في سوريا، والثاني الاشتباك مع الأميركيين، وهو ما سيدشن لمواجهة لا يعرف أحد مداها.
وعلى وقع طبول الحرب التي لم تهدأ في سوريا منذ سبعة أعوام، يبدو أن السوريين على موعد مع جولة جديدة في المأساة التي تحولت فيها أجسادهم لمختبر دولي لأنواع الأسلحة، وسط تنازع قوى عديدة على وطنهم. وهم وحدهم من يدفع الثمن.
محمد النجار
الجزيرة