لندن – تطرح التأكيدات الغربية باحتمال توجيه ضربة مركزة للنظام السوري، السؤال الأكثر أهمية في دوائر التفكير الغربية اليوم: ماذا بعد الضربة المحتملة؟
ويدرس مسؤولون أميركيون وأوروبيون نطاق الضربة، ومدتها والنتائج المرجوة منها، لكن ما زالت معضلة الاستثمار فيها كخطوة أولى لتعديل مسار الحل السياسي في سوريا تشكل عائقا للمضي قدما في تحديد مسارات الحصص الغربية في الصراع.
وقالت مصادر إن الضربة قد تكون واسعة النطاق، في تكرار لسيناريو “ثعلب الصحراء” عام 1998 في العراق.
ولا يزال الغرب اليوم بعيدا عن مزاج يسمح له بتكرار سيناريو تعاطي الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مع الصراع في يوغوسلافيا في تسعينات القرن الماضي، عبر إجبار كل أطراف الصراع على التفاوض.
وباتت الضربة الغربية شبه مؤكدة، مع تصريحات أدلى بها على تويتر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال إن صواريخ “لطيفة وجديدة وذكية” ستستهدف النظام.
وتأتي هذه الضربة بعد عام تقريبا من استهداف مطار الشعيرات العسكري من قبل بوارج أميركية، ردا على قصف بلدة خان شيخون بأسلحة كيمياوية. لكن الضربة الغربية المتوقعة هذا الأسبوع مختلفة من حيث الحجم ومدى التركيز ونطاق ونوعية الأهداف.
ويراقب الروس تحركات عسكرية أميركية في منطقة شرق الفرات حيث تتركز قوات أميركية، وتحركات بريطانية وأميركية مماثلة في قواعد عسكرية في قبرص وتركيا، بالإضافة إلى حركة مكثفة للمدمّرات وحاملات الطائرات الأميركية والفرنسية في البحر المتوسط.
وتقول مصادر إن الضربات الغربية من الممكن أن تتخطى خطا أحمر وضعه الروس منذ بداية الصراع لطائرات التحالف والطائرات الإسرائيلية، وهو عدم استهداف دمشق. وأكدت المصادر أنه ربما تكون من بين أهداف الضربة المحتملة أهداف غير تقليدية تحمل طابعا سياديا في دمشق أو بالقرب منها.
وقالت تقارير، الأربعاء، إن الرئيس السوري بشار الأسد غادر مع عائلته القصر الجمهوري تحت حراسة روسية إلى مكان غير معلوم، تحسبا لأي هجمات.
وإذا حدث ذلك فسيكون الغرب قد استعاد تقنية “ثعلب الصحراء”، وهي عملية جوية استهدفت العاصمة العراقية بغداد واستمرت 4 أيام، وتسببت في تدمير قدر كبير من البنية التحتية العراقية، حيث اتهمت واشنطن ولندن نظام صدام حسين بعدم التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتأتي الضربات العسكرية الغربية في سياق رسم أطر الصراع السوري في مرحلة ما بعد معركة الغوطة، التي وصلت روسيا فيها إلى توافق مع الأميركيين لإنهائها بالخيار العسكري، لكنها فشلت على ما يبدو في التحكم بكل أبعادها، وهو ما أنتج الهجوم على دوما باستخدام أسلحة كيمياوية.
وأثبتت معركة الغوطة وموجات التهجير القسري للمقاتلين والمدنيين التي تبعتها ثم الهجوم على دوما، وجود أطراف تحاول إطالة أمد الصراع في سوريا إلى أطول وقت ممكن.
ويقول باحثون إنه ليس من مصلحة دول في المنطقة الوصول إلى حل نهائي لهذا الصراع، لأن انتهاء الأزمة السورية من شأنه أن يفتح ملف النفوذ الإيراني والتركي في العراق واليمن والخليج وليبيا. ويقود ذلك إلى تحول الصراع السوري إلى نقطة المركز في بركان سيستمر في المنطقة لسنوات.
العرب