في أكبر خسارة للمعارضة السورية المسلحة منذ سنوات، بات معقلها الأبرز الغوطة الشرقية بيد النظام، الذي يستعد للسيطرة على آخر مواقع المعارضة في القلمون الشرقي وجنوب دمشق. وهذه التراجعات العسكرية الكبرى والمتتالية لفصائل المعارضة طرحت أسئلة عن مصيرها ومستقبلها العسكري والسياسي.
فبعد سيطرته على كامل الغوطة الشرقية ومركزها دوما، باشر النظام عملياته العسكرية في جنوب دمشق، حيث مواقع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) بمخيم اليرموك وأحياء الحجر الأسود والقدم والتضامن، وفي القلمون الشرقي حيث تسيطر المعارضة المسلحة على عدد من البلدات والقرى، أبرزها الضمير وجيرود ورحيبة والناصرية وعنطة.
ويلجأ النظام إلى الضغط العسكري تمهيدا للحسم الميداني أو فتح المجال لاتفاقات -أو كما يسميها مصالحات- وهو ما طبقه في معركة الغوطة الشرقية وحاليا في القلمون الشرقي، حيث غادر مقاتلو “جيش الإسلام” بلدة الضمير إلى مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، بعد اتفاق على إجلاء مقاتلي المعارضة من المنطقة.
وبالنسبة للكثير من المعارضين السوريين، فإن مشهد التهجير وموكب الحافلات التي تحمل المقاتلين إلى إدلب، ومؤخرا جرابلس؛ تثير مخاوف من انتهاء “الحالة الثورية المسلحة”، وتعد مؤشرا لانتصار النظام ، لا سيما أنها تكررت كثيرا منذ 2014، بداية من حمص إلى الغوطة الغربية (داريا والمعضمية)، إلى القلمون الغربي، فحلب ومنطقة وادي بردى، ومؤخرا الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي.
زهير حمداني-الجزيرة نت
في أكبر خسارة للمعارضة السورية المسلحة منذ سنوات، بات معقلها الأبرز الغوطة الشرقية بيد النظام، الذي يستعد للسيطرة على آخر مواقع المعارضة في القلمون الشرقي وجنوب دمشق. وهذه التراجعات العسكرية الكبرى والمتتالية لفصائل المعارضة طرحت أسئلة عن مصيرها ومستقبلها العسكري والسياسي.
فبعد سيطرته على كامل الغوطة الشرقية ومركزها دوما، باشر النظام عملياته العسكرية في جنوب دمشق، حيث مواقع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) بمخيم اليرموك وأحياء الحجر الأسود والقدم والتضامن، وفي القلمون الشرقي حيث تسيطر المعارضة المسلحة على عدد من البلدات والقرى، أبرزها الضمير وجيرود ورحيبة والناصرية وعنطة.
ويلجأ النظام إلى الضغط العسكري تمهيدا للحسم الميداني أو فتح المجال لاتفاقات -أو كما يسميها مصالحات- وهو ما طبقه في معركة الغوطة الشرقية وحاليا في القلمون الشرقي، حيث غادر مقاتلو “جيش الإسلام” بلدة الضمير إلى مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، بعد اتفاق على إجلاء مقاتلي المعارضة من المنطقة.
وبالنسبة للكثير من المعارضين السوريين، فإن مشهد التهجير وموكب الحافلات التي تحمل المقاتلين إلى إدلب، ومؤخرا جرابلس؛ تثير مخاوف من انتهاء “الحالة الثورية المسلحة”، وتعد مؤشرا لانتصار النظام ، لا سيما أنها تكررت كثيرا منذ 2014، بداية من حمص إلى الغوطة الغربية (داريا والمعضمية)، إلى القلمون الغربي، فحلب ومنطقة وادي بردى، ومؤخرا الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي.
متغيرات ميدانية
ويعد خروج المعارضة من الغوطة الشرقية ومن محيط دمشق والقلمون الشرقي -إذا حصل- نكسة كبيرة لها تفقدها ورقة عسكرية مهمة في العاصمة وما حولها وفي عموم سوريا، وتسقط نهائيا قدرتها على تغيير الموازين العسكرية؛ وبالتالي فرض نفسها سياسيا -وفق بعض المحللين- لكنها لا تسقطها بشكل كامل من معادلة الصراع.
ومنذ خسارتها معركة حلب أواخر عام 2016، تراجعت المعارضة المسلحة بشكل كبير، واستطاعت قوات النظام -مسنودة بحلفائها الإيرانيين وحزب الله وروسيا- استعادة السيطرة على مساحات واسعة، وجعلت مناطق المعارضة في النهاية بمثابة الجزر المعزولة.
في المقابل، ما زالت المعارضة المسلحة بفصائلها المختلفة تسيطر على نحو 60% من محافظة درعا، خاصة ريفها الشرقي، في حين يسيطر النظام على نحو 35%، وتنظيم الدولة الإسلامية (جيش خالد بن الوليد) على عدد من البلدات في حوض اليرموك (جنوب غرب المحافظة).
وتشكل درعا -المدرجة ضمن مناطق خفض التصعيد- منطقة حيوية بالنسبة للمعارضة، وعنصر ضغط على النظام، وهو ما ينطبق كذلك على محافظة القنيطرة التي تسيطر فصائل معارضة على مواقع مهمة فيها، وأيضا بعض مناطق السويداء، وهي كلها محافظات قريبة من دمشق.
ومع فقدانها مواقعها الإستراتيجية بدمشق، ما زالت المعارضة تراهن على معركة كبرى تقلب الموازين الميدانية من هذه المناطق، ومؤخرا اتهمت روسيا واشنطن بالعمل على تسليح ودعم فصائل المعارضة المسلحة لإقامة منطقة حكم ذاتي، رغم أنها ضمن مناطق خفض التصعيد.
وفي حوزة المعارضة أيضا مواقع أرياف اللاذقية وحماة وغربي حلب وشمالها، وفي محافظة حمص -الخاضعة لاتفاق خفض التصعيد- وأبرزها الرستن وتلبيسة (الريف الشمالي)، لكن تموقعها الأبرز يبقى في إدلب، حيث يوجد آلاف المقاتلين من فصائل مختلفة، لكن هيئة تحرير الشام تبقى المهيمن الأبرز في هذه المنطقة.
وأُجبرت هذه الفصائل على ترك معاقلها الرئيسية ومواقع حواضنها الشعبية -مثل جيش الإسلام- وسلاحها الثقيل والكثير من مواردها الذاتية، لكنها بقيت محافظة على هيكلها التنظيمي ومعظم مقاتليها؛ مما يجعلها عمليا قادرة على إعادة الانبعاث إذا وجدت الإطار المناسب لتوظيفها، وفق بعض المحللين.
الاندثار والانبعاث
فرغم الخسارات المتتالية لمواقعها، تصر فصائل المعارضة على أنها باقية ضمن المعادلة العسكرية والسياسية، ويؤكد المتحدث باسم “فيلق الرحمن” وائل علوان -لوكالة الأنباء الألمانية- أن فصيله لا يزال قائما، وهو يمر الآن باستراحة المحارب، وبعد الاستراحة الراهنة سيرتب صفوفه ويواجه النظام مجددا، على حد تعبيره.
من جانبه، أشار المتحدث باسم حركة أحرار الشام بالغوطة منذر فارس إلى أن فصيله “سيظل مرابطا كفصيل عسكري ما دامت هناك ولو جبهة واحدة للمواجهة مع نظام الأسد”، مؤكدا أن قرار التحول لحزب سياسي أو غير ذلك من خيارات متروك للظروف السياسية والعسكرية التي ستشهدها سوريا مستقبلا.
وأكد القيادي في “جيش الإسلام” محمد علوش أن فصيله يعكف بعد الخروج من الغوطة على “ترتيب أوراقه وصفوفه، مؤكدا أنه من المبكر جدا في الوقت الحاضر الحديث عن أي شيء يتعلق بمستقبل التنظيم.
ويرى بعض المحللين، أن وجود عشرات آلاف المقاتلين المتمرسين من المعارضة المسلحة في إدلب وحلب قد يكون عاملا إيجابيا يقوي شوكة المعارضة في مواجهة مقبلة مع النظام السوري- رغم أن منطقة إدلب ضمن مناطق خفض التصعيد- لكن آخرين يعتقدون بأن المعارضة المسلحة يصعب توحيدها، وستشهد اقتتالا داخليا مريرا كما حصل سابقا ويحصل في إدلب.
وفي هذا السياق، يؤكد محللون أن هذه الفصائل فقدت عمليا القدرة على المواجهة مجددا مع النظام، بعد تهجيرهم بأسلحتهم الفردية، وبفعل اتفاقات التهدئة وخفض التصعيد، ويؤكد المحلل السياسي وعضو الائتلاف السوري السابق سمير النشار لوكالة الأنباء الألمانية أن هذه الفصائل ستختفي تدريجيا من المشهد، وقد انتهى دورها، على حد تعبيره.
وفي قراءته للموضع الميداني -قبل سيطرة النظام على دوما- يؤكد الدكتور برهان غليون (وهو أول رئيس للمجلس الوطني السوري المعارض) أن المعارضة المسلحة لن تستطيع أن تغير مجرى الأحداث، في وقتٍ لم تقم فيه بأي جهد لإخراج نفسها من الحصار، ولم تنجح في إحداث أي خرق مهم، ولا أي تغيير في إستراتيجياتها وأساليب عملها وتنظيمها.
ويرى آخرون أن مستقبل هذه الفصائل ودورها مرتبطان بعدة اعتبارات؛ فبعضها سيفقد الدعم المالي والعسكري بما سيؤثر على وجودها ودورها، خاصة “جيش الإسلام”، في حين ستكون معظم الفصائل أمام خيار الانضمام إلى “درع الفرات” أو عملية “غصن الزيتون” اللتين تديرهما تركيا للعب دور في الشمال السوري والشمال الشرقي.
وإذا كانت مقاربات ما بعد معركة الغوطة الشرقية تؤكد فقدان المعارضة المسلحة أي إمكانية لتغيير التوازنات العسكرية الراهنة -في المستقبل المنظور على الأقل- فإن موقعها ودورها السياسي يبقى رهين التحولات والتفاهمات الدولية، وما تحمله طبيعة الصراع من متغيرات.
المصدر : الجزيرة,الألمانية