الرئيس التركي يخطط لبسط سيطرته على الاقتصاد بلا منازع

الرئيس التركي يخطط لبسط سيطرته على الاقتصاد بلا منازع

إسطنبول – يخطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لفرض سيطرة أكبر على الاقتصاد بعد الانتخابات الرئاسية التي سوف تُجرى الشهر المقبل، وأنه سيتعين على البنك المركزي أن ينتبه لما يقوله الرئيس وأن يعمل على أساسه.

يأتي هذا فيما تتخوف دوائر مالية واقتصادية من أن تتحول نزعة الهيمنة السياسية لدى الرئيس التركي إلى رغبة في التحكم بالاقتصاد وتطويعه لخدمة الرئيس ورجال الأعمال المحيطين به سواء من المحيط العائلي أو من محيط حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وكانت تصريحات أردوغان مؤخرا قد ساهمت في دفع الليرة التركية المتعثرة إلى مستوى قياسي منخفض جديد عند 4.3990 ليرة للدولار، لتصل خسائر العملة التركية منذ بداية العام الحالي إلى أكثر من 13 بالمئة.

وفي مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الثلاثاء، قال أردوغان إن البنك المركزي مستقل، لكن لا يمكنه أن يتجاهل الإشارات التي يبعثها رئيس السلطة التنفيذية فور استكمال التحول إلى النظام الرئاسي.

وقال الرئيس التركي في المقابلة التي أجريت معه خلال زيارة لبريطانيا “سأتولى المسؤولية كرئيس للسلطة التنفيذية لا ينازعه أحد في ما يتعلق بالخطوات المتخذة والقرارات المتعلقة بهذه المسائل”.

ودعت تركيا إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في 24 يونيو، وتظهر استطلاعات الرأي أن أدروغان هو المرشح الأوفر حظا للفوز بانتخابات الرئاسة. وأيد الأتراك بفارق ضئيل التحول إلى نظام الرئاسة التنفيذية في استفتاء أجري العام الماضي، وسوف يسري التغيير الجديد بعد انتخابات يونيو.

وقال أردوغان إن المواطنين سيحمّلون الرئيس في النهاية مسؤولية أي مشكلات تتسبب فيها السياسة النقدية، مضيفا أنهم “سيحاسبون الرئيس. وبما أنهم سيسألون الرئيس عنها، فعلينا أن نعطي صورة لرئيس مؤثر في السياسات النقدية”.

وتابع “قد يسبب ذلك انزعاجا للبعض. لكن علينا فعل ذلك. لأن من يحكمون الدولة هم المسؤولون أمام المواطنين”. وأكد أردوغان في المقابلة وجهة نظره بأن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب التضخم. وقال “سعر الفائدة سبب والتضخم نتيجة. كلما انخفضت أسعار الفائدة انخفض التضخم”.

ويرى خبراء ماليون أن المنظومة الاقتصادية لا بد أن تسير وفق قرارات وقوانين تتطلبها المصلحة الاقتصادية المباشرة، وأن أي تسييس لتلك القرارات يأتي في غالب الأحيان بنتائج عكسية، خاصة أن الاقتصاد التركي يقوم في جزء كبير منه على رأس مال معولم، ما يجعل لأي خطوة غير محسوبة نتائج سلبية سريعة، مثل تهاوي قيمة العملة عقب تصريحات أردوغان.

ويحذّر هؤلاء الخبراء من أن التعاطي السياسي القائم على المزايدة مع القضايا الاقتصادية لا يؤدي إلا إلى المزيد من التأزيم، مشيرين في ذلك إلى الهجوم الذي يشنه أردوغان ووزراؤه على البنك المركزي، أو ربط أزمة الليرة بنظرية المؤامرة واعتبار ما يجري من أزمة هجوما من أعداء تركيا.

وكان مارك بنتلي، المدير السابق لمكتب بلومبرغ في تركيا، أكد أنّ الانخفاض الحاد في قيمة الليرة قد يُعرّض الرئيس التركي الحالي إلى تحدّ حقيقي من رموز المعارضة. وبرأيه يبدو أنّ أردوغان سيفشل في تحقيق كل هدف كان يُخطط له في الذكرى المئوية لإقامة الجمهورية التركية العام 2023، بداية من النمو الاقتصادي والبطالة والرعاية الطبية والتجارة الخارجية، وصولا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، كل هذه الأهداف يبدو أنها ما زالت بعيدة المنال.

وقال تيموثي آش أحد كبار الخبراء الاستراتيجيين المتخصصين في شؤون الأسواق الناشئة بمركز إدارة الأصول “بلوباي” في لندن، إنّه “إذا ما استمرت الليرة في الغرق، فإنّ الرسالة التي يتم توجيهها للناخبين ستكون أنّ أردوغان فقد السيطرة على الجبهة الاقتصادية”.

ويتساءل ياوز بيدر رئيس تحرير موقع أحوال تركية، عن إمكانية انقلاب التيار على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المُبكرة التي دعا إليها في يونيو القادم، بعد أن ضمن خضوع وسائل الإعلام بأكملها لسيطرته، ولكن يبدو أنّ هناك حدودا للاستفادة من مثل هذه الاستراتيجية في ظلّ اقتصاد يزداد تدهورا.

ورأى بيدر أنّ التحدّي الحقيقي الذي يواجهه أردوغان هو سياساته الاقتصادية، حيث تشير جميع الدلائل إلى حدوث تدهور مُتسارع. مُشيرا إلى أنّ أردوغان يواجه خصما صعبا ألا وهو نفسه، فإذا ما فشل، فسوف يكون هذا بسبب أسلوبه غير المنتظم في اتخاذ القرار والعناد الذي يشتهر به.

العرب