فسح دخول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى المستشفى للمرة الثالثة في أقل من أسبوع المجال أمام الكثير من التكهنات بشأن وضعه الصحي.
ولطالما أثار الوضع الصحي لعباس لغطا كبيرا مع تقدمه في العمر (83 عاما)، وما يثيره ذلك من غموض بشأن مستقبل السلطة الفلسطينية وحركة فتح خاصة مع تعمد الرئيس أبومازن خلال السنوات الأخيرة إقصاء كل وجه سياسي بارز قادر على خلافته.
ودخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس المستشفى في الضفة الغربية ظهر الأحد بعدما كان دخله مساء السبت لإجراء فحوص طبية في إطار مراجعة للعملية الجراحية التي أجريت له الثلاثاء على الأذن الوسطى.
وقال مصدر قريب من الرئاسة إن “عباس يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وأن الأطباء في المستشفى يعملون على إبقاء درجة حرارته منخفضة، ما اضطره إلى دخول المستشفى للمرة الثانية”، مرجحا أن يكون سبب ارتفاع حرارته عدم إتمام شفائه من التهاب الأذن.
وفي وقت لاحق صرح المدير الطبي للمستشفى الاستشاري غرب مدينة رام الله سعيد سراحنة لوكالة الأنباء الرسمية (وفا) “بأن نتائج الفحوصات التي أجراها الرئيس محمود عباس في المستشفى جيدة”.
وكان الرئيس الفلسطيني قد غاب الجمعة عن القمة الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي عقدت الجمعة في إسطنبول التركية بدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان، لبحث سبل مواجهة قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأيضا للتضامن مع قطاع غزة الذي شهد سقوط العشرات من أبنائه الاثنين والثلاثاء الماضيين على أيدي القوات الإسرائيلية. وأكد حازم أبوشنب، القيادي بحركة فتح، أن الحالة الصحية للرئيس محمود عباس مطمئنة، والموضوع لا يتخطى حاليا خضوعه لعملية جراحية على الأذن الوسطى، تحتاج إلى فترة راحة طويلة دون تحرك، ومسألة ذهابه إلى المستشفى تهدف إلى متابعة حالته باستمرار.
وأعيد انتخاب عباس رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية في الدورة الثانية والثلاثين من المجلس الوطني الفلسطيني التي عقدت في بداية مايو الماضي، وسط مقاطعة كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأكثر من مئة شخصية مستقلة.وأضاف لـ”العرب” “أن الرئيس عباس لديه خططا لثلاثة أعوام مقبلة، ويرفض أن يمارس أي شخص مهامه في السلطة ما دام على قيد الحياة” لافتا إلى أن أبومازن يتولى بنفسه زمام الأمور في الحكم دون تدخل من أحد، وحتى من قادة فتح أنفسهم.
واتهم مقاطعو اجتماعات المجلس الوطني التي دامت أربعة أيام الرئيس عباس بالسعي لإضفاء شرعية سياسية على سلطته المنتهية، وأيضا لتكريس احتكاره لسلطة القرار الفلسطيني، في ظل تحديات كبرى تواجه القضية الفلسطينية مع نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأنباء عن قرب إعلان الرئيس دونالد ترامب عن صفقة القرن (بعد شهر رمضان).
وكان عباس انتخب رئيسا للسلطة الفلسطينية للمرة الأولى في العام 2005 لمدة أربع سنوات. لكنه بقي في منصبه بسبب عدم إجراء انتخابات منذ ذلك الوقت جراء الخلافات الفلسطينية الداخلية خصوصا.
وتثير طريقة تعاطي عباس مع الاحتلال الإسرائيلي، وأيضا مع خصومه على الساحة السياسية الفلسطينية، فضلا عن تحكمه في سلطة القرار داخل حركة فتح وعدم إشراك باقي قياداتها فيه، جدلا كبيرا.
وأكد مصدر مطلع داخل فتح لـ”العرب”، أن الحركة أوشكت على الانفجار بسبب تصرفات أبومازن وتمسكه باحتكار كل السلطات لنفسه، والتلاعب بقادة فتح مثل قطع الشطرنج، بعزل هذا، وترقية ذاك، وحرقهم سياسيا.
وأضاف المصدر وهو قيادي بارز في الحركة أن “هناك تغييرات جذرية داخل السلطة الفلسطينية سيجريها عباس خلال أسابيع، وربما الأيام القليلة المقبلة”.
وحذر القيادي الفتحاوي من تصاعد حالة الاحتقان بين صفوف فتح، لافتا إلى أن هناك نية لتقوية نفوذ المسؤول عن ملف المصالحة مع حماس عزام الأحمد بعد اختياره لعضوية اللجنة التنفيذية الجديدة لمنظمة التحرير، وهو ما يرفضه عدد كبير من قادة فتح. وأشار إلى أن “أزمة أبومازن الحالية أنه يحرق كل الشخصيات التي لها ثقل داخل فتح، لتسهيل مهمة صعود عزام الأحمد ليكون الرجل الأول من بعده”.
وشكك أيمن الرقب، القيادي بالتيار الإصلاحي، في إمكانية وصول الأوضاع داخل فتح إلى حد الانفجار، لأن عباس يعرف مطامع كل شخص، ويمنح كل شخص ميزة تجعله صامتا وغير قادر على الخروج عن المسار الذي خطه.
وأضاف، لـ”العرب”، “أن خوف قادة فتح من قائد التيار الإصلاحي محمـد دحلان، واعتباره أخطر التهديدات الخارجية لهم، سوف يمنعهم من زيادة حدة الانقسام والتشرذم بالمعنى الحرفي، لاعتقادهم أن ذلك يصب في مصلحة دحلان، وقد تكون مرحلة الانفجار لاحقة لما بعد أبومازن، لأن بعض القادة الحاليين غير قادرين على التمرد”.
العرب اللندنية