دخل رئيس الجمهورية العراقي فؤاد معصوم على خط الأزمة المتفاقمة في شأن نتائج الانتخابات، عندما أرسل إلى المحكمة الاتحادية طعناً بدستورية قرار البرلمان إجبار المفوضية على إلغاء انتخابات الخارج، وإجراء العد والفرز اليدوي لـ10 في المئة من صناديق الاقتراع، ما دفع نواباً إلى جمع تواقيع لإقالته، معتبرين أن تحركه يأتي دعماً للجهة السياسية التي ينتمي إليها، وهي «الاتحاد الوطني الكردستاني»، الذي اتهمه أمس القيادي السابق فيه برهم صالح بممارسة عمليات تزوير ممنهجة في السليمانية.
ورفضت مفوضية الانتخابات في العراق القرارات الأخيرة للبرلمان، وقال رئيسها معن الهيتاوي في مؤتمر صحافي أمس إن «المفوضية لن تستجيب قرار البرلمان بإلغاء جزء من نتائج الانتخابات وإجراء العد والفرز اليدوي لـ10 في المئة من صناديق الاقتراع»، معتبراً أن القرار مخالف للقانون النافذ، وان المفوضية ستنتظر صدور قرار من المحكمة الاتحادية العليا في هذا الشأن.
وجاء موقف المفوضية متزامناً مع طعن قدمه الرئيس معصوم إلى المحكمة الاتحادية بقرارات البرلمان، ما قاد نواباً إلى البدء بجمع تواقيع لإقالة الرئيس العراقي الذي تتهمه قوى سياسية كردية، إضافة إلى «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، بممارسة أعمال تزوير واسعة النطاق.
وكانت كتلة «الديموقراطية والعدالة» التي يتزعمها برهم صالح، أصدرت بياناً أمس طالبت فيه بإلغاء الانتخابات في محافظة السليمانية، مشيرة إلى تقديمها طعناً إلى الهيئة القضائية المختصة يتضمن أدلة قالت إنها دامغة حول حصول عمليات تزوير وتلاعب في النتائج المعلنة.
من جانبه، رد معصوم على الاتهامات الموجهة إليه عبر بيان عن مكتبه أكد فيه أنه «رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، ويمثل سيادة البلاد ويسهر على ضمان التزام الدستور، بما يرتب على رئاسة الجمهورية مسؤولية متابعة ومراقبة كل ما يتعارض مع مبادئ الدستور والقوانين السارية». وتابع عن الجلسة الاستثنائية لمجلس النواب: «تولدت شكوك بعدم دستورية هذه الجلسة… أما في شأن قرار مجلس الوزراء تشكيل لجنة عليا للتحقيق في المخالفات والخروق، فقد استفسر مكتب رئيس الجمهورية لدى المحكمة الاتحادية عن مدى دستورية هذه اللجنة التي يُعتقد بأنها وعملها يتعارضان مع مبادئ فصل السلطات». واستدرك بالقول: «لا تنفي رئاسة الجمهورية ولا تؤكد احتمال التلاعب في العملية الانتخابية والاقتراع».
وعلمت «الحياة» أن اتصالات سياسية تجري في هذه الأثناء لإعداد تسوية سياسية شاملة، بناء على اقتراحات تقدمت بها أحزاب سياسية (لم تكشف عن نفسها). وتتركز هذه الاقتراحات على عدم التعامل مع نتائج الانتخابات عموماً، ونتائج إقليم كردستان خصوصاً، على أساس وزن المقاعد السياسية وعددها في تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل الجميع، بالاعتماد على تسويات داخلية سنية وشيعية وكردية، تضمن هذه الحكومة، من دون الذهاب إلى حكومة غالبية سياسية.
وقالت مصادر من هذه الأطراف إن توجه قوى سنية إلى بناء تحالفات، يندرج ضمن هذا السياق، خصوصاً بعد حصول انشقاقات في القوتين الرئيستين الفائزتين في الوسط السني، وهما «الوطنية» و «القرار»، ودخول كتلة «الحل» إلى سباق جمع الأصوات السنية، ومن ضمنها تلك الموزعة في قوائم شيعية مثل قائمة «النصر» بزعامة حيدر العبادي، في مقابل شروع قوى سياسية شيعية بإجراءات مماثلة، مع غياب التوافق الكردي حتى الآن.
ويبدو أن الصيغة المقترحة الجديدة، وهي استنساخ لآليات تشكيل الحكومات السابقة، لن تكون مقبولة على الأقل من طرف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي وعد مناصريه بحكومة تكنوقراط.
الحياة اللندنية