تمهّد تفاهمات تم التوصل إليها بين موسكو وتل أبيب أمس لـ «صفقة الجنوب السوري»، وفق ترتيبات تضمن عدم بناء قواعد إيرانية دائمة، وحرية توجيه ضربات إسرائيلية، في وقت هدد الرئيس بشار الأسد بـ «فتح معركة جديدة» في الشرق ضد «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً، مقراً بوجود ضباط إيرانيين على الأراضي السورية.
وقبل أيام من لقاء منتظر تستعجله روسيا مع ممثلين عن الولايات المتحدة والأردن لترتيب الأوضاع في جنوب سورية، أجرى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو محادثات مع نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان تطرقت إلى «قضايا حيوية ومهمة» حول التسوية في سورية، قبل أن يُعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في «بعض جوانب التسوية السورية».
وفي بداية لقائه ليبرمان، شدد شويغو على ضرورة «أن نناقش كل القضايا المتعلقة بالعمل على الحدود وفي المنطقة الجنوبية لخفض التصعيد، خصوصاً البنود التي يوجد لدينا اتفاق عليها مع الأردن والولايات المتحدة». وأشار إلى أن «تطور الوضع في سورية يكتسب وتيرة إيجابية»، فيما غرّد ليبرمان عبر حسابه على موقع «تويتر» قائلاً إن إسرائيل «تقدّر تفهم روسيا لحاجاتها الأمنية، خصوصاً في ما يتعلق بالوضع على حدودنا الشمالية»، وأضاف: «سنواصل الحوار مع روسيا حول جميع القضايا ذات الصلة».
وأكد مصدر روسي لـ «الحياة» أن «الاجتماع بحث عدداً من القضايا، على رأسها السماح للجيش السوري بنشر آليات ثقيلة في الجزء المحرر من الجولان موقتاً»، في تجاوز لاتفاقية فض الاشتباك التي وُقعت بعد حرب السادس من تشرين الأول (أكتوبر) 1973. وأوضح أن «وجود إيران وميليشياتها في سورية استحوذ على جزء مهم من المحادثات»، مشيراً إلى أن مشاركة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تمير هايمن «هدفت أساساً إلى تبادل معلومات استخبارية حول مسلحي المعارضة في جنوب غربي سورية، وتمركز القوات الإيرانية والميليشيات اللبنانية والأفغانية والعراقية الداعمة للأسد».
من جانبه، ألمح محلّل الشؤون الأمنية في صحيفة «معاريف» الإسرائيليّة يوسي ميلمان على «تويتر»، إلى توصل الطرفين إلى تفاهمات جديدة حول مناطق خفض التصعيد تنص على «إبعاد القوات الإيرانية عن خط الهدنة مسافة 20 كيلومتراً، وعدم بناء أيّ قواعد إيرانيّة دائمة، جوية أو صاروخية، في سورية، مع حرية تصرف إسرائيل ضد القواعد الإيرانية في سورية، مشروطة بالتنسيق مع موسكو (بما في ذلك هجمات عسكرية وضربات جوية)». ووفق ميلمان، فإن روسيا ستنقل التفاهمات الإسرائيلية- الروسية إلى الأسد الذي سينقلها بدوره إلى طهران. ونقلت صحيفة «هآرتس» تأكيد مصدر ديبلوماسي غربي أن روسيا نقلت إلى إسرائيل رسائل من الأسد تتعلق بانسحاب القوات الإيرانية من مرتفعات الجولان، مضيفة أن تبادل هذه الرسائل ليس الأول من نوعه وهو متواصل منذ أسابيع.
وعلى وقع استمرار الاستنفار العسكري بين قوات النظام السوري والفصائل المسلحة في الجنوب، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ان تحضيرات من قوات إيرانية و»حزب الله» والميليشيات الشيعية تجري لبدء انسحاب من ريفي درعا والقنيطرة والخطوط القريبة من الحدود مع الجولان المحتل، ما يؤكد وجود تفاهمات.
وفي مقابلة مع تلفزيون «آر تي الإنكليزي»، اتهم الأسد إسرائيل بـ «الكذب» لدى حديثها عن استهداف قواعد ومعسكرات إيرانية في سورية. ونفى وجود قوات إيرانية في سورية، متحدثاً عن «ضباط إيرانيين يساعدون الجيش السوري لكن ليست لديهم قوات».
وفي بروكسيل، اعتبر رئيس هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية نصر الحريري أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي «يفتح المجال لزيادة الضغط على طهران لوقف دعمها العسكري للأسد». وأكد عقب لقائه أمس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني أن هناك الآن نحو مئة ألف مقاتل إيراني أو مرتبط بإيران في البلاد. وقال: «دور إيران يكبر شيئاً فشيئاً على حساب شعبنا. في وجود إيران والميليشيات الإيرانية في بلادنا، لن يكون هناك حل سياسي تفاوضي».
الحياة اللندنية