لم ينجح الرئيس سعد الحريري حتى الآن في فتح ثغرة بجدار تأليف الحكومة الجديدة، في ظلّ تمسّك القوى السياسية بتمثيل وزاري واسع، ورغم المعلومات التي تتحدث عن بروز عقد كبيرة في طريق الرئيس المكلّف، قللت مصادر القصر الجمهوري من خطورتها، ووضعتها في سياق السقوف المطلبية الخاضعة للتشاور، فيما كشفت مصادر رئيس الحكومة أن الأمور دخلت مرحلة النقاش الجدي في الساعات الأخيرة، وأكدت أن الحريري باتت لديه صيغة حكومية على الورق بنسبة 90 في المائة، ويبقى التفاوض على تعديلات طفيفة، وإسقاط الأسماء عليها.
وبرزت في الساعات الأخيرة تعقيدات بدَتْ مستعصية على الحلّ في وقت قريب، وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر مواكبة لحركة المشاورات أن «هناك ثلاثَ عُقَد رئيسية، الأولى تتعلّق بالتمثيل المسيحي والمواجهة القائمة بين (القوات اللبنانية) والتيار الوطني الحرّ، واستمرار وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة جبران باسيل في رفضه منح (القوات) أربعة مقاعد وزارية، والثانية تكمن في التوزير السنّي التي تقف عند عتبة الحريري نفسه، الذي لا يقبل بتوزير شخصية سنية من فريق الثامن من آذار، والثالثة قد تكون الأصعب وهي مرتبطة بتمسّك الحزب التقدمي الاشتراكي بالحقائب الدرزية الثلاث، ورفضه المطلق توزير النائب طلال أرسلان على حساب حصّته»، وأشارت المصادر إلى أن «التمثيل الشيعي وحده يقف خارج التجاذب، بعدما آلت الحصة الشيعية إلى حركة (أمل) و(حزب الله) مناصفة».
وأوحت الأجواء المستقاة من حركة الاتصالات بأن رئيس الجمهورية ميشال عون، رفض تشكيلة وزارية قدمها إليه الرئيس سعد الحريري يوم الثلاثاء الماضي، بسبب اعتراض عون على آلية لتوزيع الحقائب وبعض الأسماء، بما يؤشر إلى أن أمد التأليف سيطول، إلا أن مصادر قصر بعبدا، نفت هذه المعلومات جملة وتفصيلاً. وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الحريري «نقل إلى رئيس الجمهورية توضيحات الكتل الكبرى بما خصّ مطالبها، وجرى تبادل وجهات النظر، واتفقا على متابعة المشاورات بعد عودة الحريري من زيارته إلى روسيا والمملكة العربية السعودية». وشددت مصادر القصر الجمهوري على أن الرئيس «لم يقبل ولم يرفض أي صيغة، لأنه لم يتسلم تشكيلة حكومية أصلاً، بل اطلع على بعض الأفكار المطروحة لمعالجة مطالب الكتل النيابية الوازنة».
وعقد أمس لقاء بين وزير الإعلام ملحم رياشي (ممثلاً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع) ووزير الثقافة غطاس خوري (ممثلاً الحريري) في وزارة الثقافة، وذلك عقب زيارة قام بها رياشي إلى القصر الجمهوري ولقاء عون، وتمحور البحث حول الملف الحكومي.
ورداً على الأجواء السلبية التي جرى تعميمها في الساعات الماضية، أعلنت مصادر مقربة من الحريري لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا وجود لعقد مستعصية، أو لعرقلة متعمدة لتأليف الحكومة». وأشارت إلى أن «خريطة التشكيلة الحكومية وتوزيع الحقائب باتت جاهزة على الورق بنسبة 90 في المائة، فيما يبقى 10 في المائة قيد النقاش والتشاور، وقد تكون هامشاً لتعديلات طفيفة من بعض الأطراف، ولإسقاط الأسماء على التشكيلة الوزارية». وقالت: «الوقت الآن هو للنقاش السياسي وبلورة التفاصيل، وليس للحديث عن أجواء تشاؤمية وتطيير الصيغة الحكومية».
ويسعى فريق الثامن من آذار، وعلى رأسه «حزب الله» لتوزير شخصية سنيّة محسوبة عليه، مستنداً إلى وجود عشرة نواب سنّة من خارج اصطفاف تيار «المستقبل» وقوى «14 آذار»، إلا أن مصادر الحريري وصفت هذه الرغبة بأنها «أضغاث أحلام» لدى مروجيها. وسألت: «كيف يمكن للثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) أن يضع (بلوكاً) حول حصته الشيعية، فيما يحاول توزيع هدايا لحلفائه من حصة (المستقبل)؟!». وقالت: «إذا قرر الرئيس الحريري توزير شخصية حيادية ومستقلّة من الوسط السنّي تكون مقبولة من الجميع، هذا الأمر يعود له، أما توزير أحد من فريق (حزب الله) وحلفائه فهذا أقرب إلى الخيال».
الشرق الاوسط