حاولت الولايات المتحدة طمأنة حلفائها الآسيويين، بعد قمة سنغافورة التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، مؤكدة أن الأخير فهم أن نزع سلاحه النووي مسألة ملحة ويجب أن تُنجز «بسرعة»، ومشددة على أن العقوبات المفروضة على بيونغيانغ لن تُرفع إلا في نهاية العملية.
إلى ذلك، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول أميركي بارز أن التدريبات العسكرية الرئيسة في شبه الجزيرة الكورية «جُمدت إلى موعد غير محدد»، بعدما اعتبرها ترامب «استفزازية جداً» بالنسبة إلى بيونغيانغ.
وتكثفت الاتصالات الديبلوماسية أمس، إذ أجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو محادثات في بكين وسيول، في وقت دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كيم إلى زيارة موسكو في أيلول (سبتمبر) المقبل، بعد لقائه رئيس البرلمان الكوري الشمالي كيم يونغ نام الذي سلّمه رسالة خطية من كيم. وأوردت صحيفة يابانية أن طوكيو تعمل لترتيب اجتماع بين كيم ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، مع إمكان أن يزور الأخير بيونغيانغ في آب (أغسطس) المقبل.
في بكين، أقرّ بومبيو بوجود «أخطار» بعدم التوصل إلى نزع للسلاح النووي الكوري الشمالي، وقال بعد لقائه نظيره الصيني وانغ يي: «نعتقد بأننا على الطريق نحو السلام». واستدرك: «لا تزال هناك أخطار ألا نحقق ذلك». واعتبر وانغ أن قمة سنغافورة ستساهم في «إحلال سلام دائم وفعلي في المنطقة».
وكان بومبيو أكد من سيول أن هدف واشنطن لا يزال «نزع السلاح النووي، في شكل تام ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه» في كوريا الشمالية، علماً أن هذه الصيغة ليست مدرجة في الوثيقة المشتركة التي وقعها ترامب وكيم في سنغافورة.
ولفت بومبيو إلى أن تعليقات أدلى بها ترامب، عن تراجع التهديد الذي تشكّله بيونغيانغ، جاءت «بوعي كامل»، لكنه لم يكرر تصريحات الرئيس عن أن التهديد «لم يعد موجوداً». وأضاف بومبيو بعد لقائه الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، أن العقوبات على الدولة الستالينية ستستمر إلى أن تنزع أسلحتها النووية في شكل كامل، وهذا يتناقض كما يبدو مع وجهة نظر بيونغيانغ بأن العملية ستكون على مراحل وفي شكل تبادلي. وأكد الوزير الأميركي أن وقف المناورات العسكرية المشتركة مع سيول مرهون بمواصلة مفاوضات «بنّاءة» وبـ «نية سليمة» مع كوريا الشمالية، من أجل تطبيق اتفاق سنغافورة.
وأعرب بومبيو عن أمله بتحقيق «تقدّم كبير في ما يتعلّق بنزع الأسلحة النووية» في كوريا الشمالية، خلال «سنتين ونصف سنة». وأضاف: «أثق في أن (الكوريين الشماليين) يتفهمون أنه سيجري التحقق من الأمر بعمق. ليس كل ما جرى ظهر في الوثيقة (المُبرمة في سنغافورة). لكننا توصلنا إلى تفاهمات في أمور كثيرة أخرى، لم نستطع صوغها كتابة، وهذا يعني أنه لا يزال أمامنا بعض العمل، وسنبدأ به عندما نعود لمواصلة محادثاتنا».
وكان لافتاً أن مون حاول إظهار ليونة حيال تجميد المناورات، معتبراً أن على بلاده أن تتمتع بمرونة عندما يتعلّق الأمر بالضغط العسكري على كوريا الشمالية، إذا كانت صادقة في مسألة تخلّيها عن سلاحها النووي.
وأصرّ مون على أن بيونغيانغ التزمت التخلّي عن ترسانتها الذرية، مستدركاً أن ذلك «سيكون عملية ليست يسيرة». ورأى أن شعوب العالم أفلتت بعد القمة، من خطر حرب وأسلحة نووية وصاروخية.
والتقى بومبيو أيضاً نظيريه الياباني تارو آسو، والكورية الجنوبية كانغ كيونغ وا التي أكدت أن التحالف بين بلادها والولايات المتحدة «أقوى من أي يوم». وأشادت بـ «نجاح» القمة، لكنها شددت على أن مفاوضات المتابعة مع بيونغيانغ ستكون حاسمة من أجل تحقيق «تقدم ملموس».
وقال آسو: «أجرينا نقاشاً صريحاً حول طريقة حضّ كوريا الشمالية على اتخاذ إجراءات ملموسة». وتطرّق إلى «الضمانات الأمنية» التي تعهد بها ترامب لكيم، موضحاً أن لديه تأكيداً بأنها «لم تُمنح بعد» وأنها «لن تتم إلا في مقابل تحقيق تقدم على طريق نزع السلاح النووي». وأشار إلى أن الأمر ذاته يسري على «تجميد» المناورات العسكرية الأميركية – الكورية الجنوبية.
أما بومبيو فقال بعد اجتماع ثلاثي مع آسو وكانغ: «قد تكون المسألة أن جهودنا لن تنجح، لكننا مصرّون على تحديد الظروف حتى نتمكّن من تصحيح الفشل الذي استمر عقوداً، وتهيئة الظروف لمشاركة كوريا الشمالية في المجتمع الدولي».
إلى ذلك، عقدت الكوريتان أمس أول محادثات عسكرية بينهما منذ أكثر من 10 سنين، اتفقتا خلالها على إعادة خط الاتصالات الحدودي بينهما.
الحياة اللندنية