تتجه أنظار العالم حاليا إلى موسكو لمتابعة مباريات كأس العام لكرة القدم روسيا 2018، وقد ظهرت العاصمة الروسية بأنها على أتم الاستعداد لاستقبال هذا الحدث العالمي، الذي يتكرر كل أربع سنوات.
وإلى جانب مشاهدة مباريات كرة القدم يمكن للمشجعين والسياح من جميع أنحاء العالم استكشاف موسكو، التي لديها الكثير من الكنوز لتقدمها لعشاق الثقافة والفن كالمسارح والمعارض والحفلات.
ويبدأ السياح في التعرف على العاصمة الروسية من خلال زيارة الساحة الحمراء أو الميدان الأحمر، والذي يمثل القلب النابض لروسيا ويمتد على مساحة تعادل عشرة أضعاف مساحة ملعب كرة القدم، ولا ترجع تسمية هذا الميدان إلى أسوار الكرملين الحمراء أو العقود الشيوعية، التي حكمت الاتحاد السوفيتي، ولكن كلمة “كراسنيا بلوشتشاد” باللغة الروسية تعني الميدان الأحمر أو الميدان الجميل.
وقد ظل الكرملين مقرا للسلطة في روسيا لعدة قرون، ومن على السور الدفاعي للكرملين يظهر برج سباسكي وبه الساعة، التي تحدد الوقت لأكبر بلد في العالم، ويتمكن السياح من الخارج أيضا من مشاهدة قصر مجلس الشيوخ، الذي يمتاز بالقبة المسطحة وأعلام روسيا بألوانها المميزة الأبيض والأزرق والأحمر، ويتخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الكرملين مقرا للحكم في روسيا، كما يقف السياح في طابور طويل لزيارة ضريح الزعيم الثوري السوفيتي لينين، المحنط منذ عام 1924.
ويعتبر متنزه “زاريادي” من أحدث المزارات السياحية في الميدان الأحمر بالعاصمة الروسية، ويتضمن منصة مشاهدة رائعة تطل على نهر موسكفا، وبالتالي يتمكن عشاق كرة القدم خلال هذا الصيف من استكشاف روعة موسكو، والتي تتنوع أجواؤها بين القديمة والحديثة والصاخبة والهادئة والجميلة، وتجمع موسكو العديد من المتناقضات في بوتقة واحدة، وبفضل مونديال روسيا 2018 فقد تم تجديد الكثير من المباني والطرق والمنشآت على ضفاف الأنهار.
وقد شهدت العاصمة الروسية، التي يبلغ عدد سكانها 12.5 مليون نسمة، الكثير من مظاهر الحداثة والرقي وجودة الحياة على مدار السنوات القليلة الماضية، وكثيرا ما تظهر اللافتات في مختلف المواقع باللغة الإنكليزية، وهو ما يحول دون أن يضل السياح طريقهم أثناء التجول في موسكو.
وعلى الرغم من اتساع مساحة موسكو إلا أن الكثير من المزارات والمعالم السياحية تقع بالقرب من مركزها، وتبعد مسافة قصيرة سيرا على الأقدام من الكرملين، مثل شارع التسوق “تفرسكايا” ومسرح البولشوي وميدان بوشكين، كما يمكن للسياح بدء جولة تنزه أخرى على جسر البطريرك؛ حيث يمتد جسر المشاة من كاتدرائية المسيح المخلص فوق نهر موسكفا.
وقد تمت إعادة بناء الكنيسة البيضاء الضخمة، والتي تعتبر نتاج تاريخ حافل بالتنوع، وذلك بعدما قام الدكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين بتدمير الكنيسة السابقة في عام 1931، وقد كان من المخطط أن يتم بناء برج قصر السوفييت مكان الكنيسة، ولكن الأمر لم يتعدى مجرد حفرة تم تحويلها إلى حمام سباحة عام بعد الحرب العالمية الثانية في وسط موسكو، ولكن عندما استعادت روسيا تراثها الأرثوذكسي بعد نهاية الاتحاد السوفيتي، تمت إعادة بناء كاتدرائية المسيح المخلص في الفترة من عام 1995 إلى 2000.
ولا يحمل المبنى الخرساني لمعرض تريتياكوف الجديد أي لمسات جمالية، ولكن الجزء القديم من المتحف يحتوي على أجمل الأيقونات، وفي الجزء الجديد من المتحف يتم عرض إبداعات الفن السوفيتي خلال القرن العشرين، ولا بد أن يشمل البرنامج السياحي لمشجعي كرة القدم زيارة هذا المتحف؛ حيث يزخر بالعديد من المعروضات الفنية الرائعة مثل إبداعات الفنان ألكسندر ديجنيكا (1899-1969).
وعلى بعد خطوات قليلة يصل السياح إلى منطقة “جوركي بارك”، والتي تحولت منذ بضع سنوات إلى واحد من الأماكن الراقية في موسكو؛ فهي تزخر بالمقاهي الفاخرة والمطاعم الأنيقة، وفيها يوجد متحف الفن الحديث، بالإضافة إلى المسارات المخصصة لقائدي الدراجات الهوائية والمتزلجين.
ومن الجولات الممتعة حقا استئجار دراجة هوائية أو سكوتر واستكشاف ضفاف نهر موسكفا، وعند العودة يصل السياح إلى ملعب “لوجنيكي”، والذي ستقام عليه سبع مباريات كرة قدم، بدءا من مباراة الافتتاح حتى نهائي كأس العالم. وتبعا للجسور، التي سيتم عبورها، قد تمتد جولة الدراجة الهوائية لما يصل إلى 16 كلم.
ويمكن للسياح التعرف على مدى اتساع مدينة موسكو، والاستمتاع بإطلالة على العاصمة الروسية من أعلى منصة على جبال سبيرلينغ قبالة الجامعة، ويضم المشهد البديع ملعب “لوجنيكي”، كما تضيء من بعيد قباب كنيسة الكرملين، وخلال مباريات كأس العالم ستكون منطقة المشجعين متصلة بالملعب عن طريق تليفريك جديد.
وإذا رغب السياح في مشاهدة موسكو من منصة أعلى، فيمكنهم زيارة برج التلفزيون أوستانكينو أو حي ناطحات السحاب في موسكفا سيتي، والذي يستحق الزيارة بكل تأكيد، ولا يوجد بالكاد مترو أكثر عمقا من مترو موسكو في أي عاصمة أوروبية؛ حيث تؤدي السلالم المتحركة الطويلة إلى المترو، والذي يعتبر واحدا من أشهر المعالم السياحية في المدينة، وينقل ما يقرب من تسعة ملايين راكب يوميا، وقد قام الاتحاد السوفيتي بإنشاء قصور للشعب تحت الأرض؛ حيث لا توجد محطة تشبه الأخرى في جميع خطوط المترو في العاصمة الروسية.
وتخيم أجواء الهدوء والسكينة على منطقة كيتاي غورود الواقعة شرق الكرملين، وقد امتدت أعمال التجديد لتشمل الشوارع الهادئة الممتدة على التلال، وكانت المدينة في السابق تزخر بالمنازل المريحة والكنائس الكثيرة والمطاعم والمقاهي المنتشرة في الشوارع القريبة، وتعتبر المنطقة المحيطة بمحطة المترو ملتقى عشاق الحياة الليلية.
وتزخر العاصمة الروسية بالكثير من المسارح والحفلات الموسيقية والنوادي الليلية، التي تلبي كل الأذواق، ومع حلول الظلام تبدو موسكو بوجه مختلف تماما؛ حيث تسطع الأضواء في العديد من المباني وتكتسي موسكو بثوب من الجمال الليلي البديع.
العرب اللندنية