كشف تحقيق استقصائي أجراه موقع “ذي إنترسبت” الأميركي مع صحيفة لاربوبليكا الإيطالية أن ليبيا أصبحت حقل تجارب لآخر طرازات الطائرات المسيرة الأميركية، ويضيف التحقيق الذي استعان ببيانات من مصادر متعددة أن ليبيا غدت من البلدان الرئيسية التي تنفذ فيها أميركا غارات بطائرات مسيرة هجومية وتحيط الأمر بسياج من السرية.
وخلص التحقيق الاستقصائي، الذي حلل بيانات حصل عليها من مكتب الصحافة الاستقصائية ووزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، إلى أن غارات الطائرات المسيرة الأميركية على تنظيم الدولة الإسلامية بليبيا لم تكن دقيقة لكنها كانت كثيرة لدرجة أنها فاقت مجموع غارات تلك الطائرات الأميركية في الصومال واليمن وباكستان.
ومن أبرز النتائج التي توصل إليها التحقيق الاستقصائي للموقع الأميركي والصحيفة الإيطالية، أنه من الصعب إحصاء عدد غارات الطائرات المسيرة في ليبيا والضحايا التي خلفتها، وذلك لثلاثة أسباب هي تباين الأرقام المقدمة من المصادر المختلفة، وتلك الغارات تجري في مناطق ليبية يصعب على الإعلام الوصول إليها، وأن الغارات تنفذ في سرية تامة.
ويقول “ذي إنترسبت” إن غارات الطائرات المسيرة الأميركية بدأت عقب تدخل بلدان غربية إبان الثورة الليبية ضد نظام الراحل معمر القذافي في العام 2011، وما تلا مقتل الأخير من انزلاق البلاد في مستنقع الفوضى الأمنية والسياسية، مما أفرز ظهور مجموعات مسلحة صنفت في قائمة الإرهاب مثل تنظيم الدولة.
تنظيم الدولة بسرت
وبعد سنوات من الغارات الأميركية المحدودة في ليبيا، زاد تدخل الجيش الأميركي منذ صيف العام 2016 بعدما طلب رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج من واشنطن التدخل لطرد تنظيم الدولة من مدينة سرت، وقال السراج في مقابلة مع صحيفة كوريير ديلا سيرا الإيطالية إنه لم يطلب سوى تنفيذ غارات “جراحية” في زمان ومكان محددين.
ويوضح كريس وودز من منظمة “إيرورز” غير الحكومية (Airwars) التي ترصد وتقيم ضحايا الغارات الأميركية في العراق وسوريا وليبيا، أن سرت تعرضت لثلاثمئة غارة من طائرات مسيرة في غضون خمسة أشهر، ويضيف وودز أن هذه الوتيرة كبيرة جدا مقارنة باستخدام واشنطن هذا السلاح في مناطق حروب تتدخل فيها.
ويشير الموقع الأميركي إلى أن لجوء أميركا للطائرات المسيرة في سرت كان أكثر كثافة مقارنة بالعراق وسوريا في مدة متشابهة، وتضيف الصحيفة الإيطالية أن سرت كانت حقل تجارب لآخر ابتكارات الصناعة العسكرية في مجال حروب المدن عن طريق استخدام طائرات مسيرة تعمل بالتنسيق مع قوات محلية في ليبيا ووحدات خاصة من الجيش الأميركي.
الغارات والضحايا
وحسب إحصاء لموقع “ذي إنترسبت” فقد شنت ثلاثة فصائل عسكرية ليبية وأربع دول أجنبية 2158 غارة في ليبيا منذ العام 2012، وقد خلفت المئات من الضحايا المدنيين، ويضيف كريس وودز أنه لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن تلك الغارات وضحاياها، وقد أنكر البنتاغون في تقرير سنوي نشره الشهر الماضي وجود أي معلومات موثوقة عن سقوط قتلى نتيجة الغارات الأميركية بليبيا في العام 2017.
وتعلق مديرة برنامج الأمن وحقوق الإنسان في فرع منظمة العفو الدولية بأميركا دافني إيفاتار على تقرير البنتاغون، قائلة إن غارات الجيش الأميركي تحاط بسياج من السرية بحكم أن الطائرات المسيرة تنطلق من قواعد عسكرية أميركية خارج التراب الأميركي، وبالتالي لا ترى واشنطن حرجا في إبقاء تفاصيل الغارات طي الكتمان ولا تكلف نفسها إصدار بيانات بشأن القواعد التي تضبط غارات الطائرات المسيرة والإطار القانوني الذي تتم فيه.
المصدر : الصحافة الفرنسية,الصحافة الإيطالية,الصحافة الأميركية