أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر -يوم السبت -تحالفا بين كتلتيهما السياسيتين بهدف تشكيل الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب العراقي. وقال العبادي والصدر -في مؤتمر صحفي بمدينة النجف جنوب بغداد- إن التحالف الجديد عابر للطائفية والعرقية. وكان الصدر استقبل العبادي في إطار سعي الأخير لبلورة موقف سياسي قادر على تجنب أزمة سياسية في العراق على ضوء الانتخابات التشريعية الأخيرة. وشددا على ضرورة دعم وتقوية الجيش والشرطة، وحصر السلاح بيد الدولة، مبينين أن التحالف سيقدم برنامجًا متكاملًا للحفاظ على الدولة، والاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع جميع الدول. وفاجأ العبادي والصدر الجميع بلقائهما المفاجئ، بعد توتر العلاقة بينهما على خلفية التحالف الذي أعلن في وقت سابق بين ائتلاف “سائرون” وتحالف “الفتح” الذي يتزعمه القيادي بالحشد الشعبي، هادي العامري.ودعا العبادي، إلى تشكيل حكومة قوية مدعومة من مجلس النواب العراقي للحفاظ على ما تحقق من انتصارات وتوفير فرص العمل والخدمات وتنمية الاقتصاد والإعمار والبناء.
وكان العبادي وصل ظهر أمس إلى محافظة النجف، للمشاركة في الحفل التأبيني المقام بمناسبة أربعينية القيادي في «الحشد الشعبي» كريم الخاقاني، وذكر بيان صادر عن مكتب العبادي أنه ألقى كلمة أثناء الحفل أكد فيها على أن «التحدي الذي نواجهه اليوم ليس أكبر من تحدي عصابات داعش الإرهابية». في إشارة إلى المشاكل التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات العامة في مايو (أيار) الماضي، مضيفاً: «لا يمكن أن تنتهي هذه المسيرة بتزوير الانتخابات ولن نكون جزءاً من عملية تزوير ويجب أن نصون صوت الناخب»، مشددا على «أهمية تشكيل حكومة قوية مدعومة من البرلمان للحفاظ على ما تحقق من انتصارات».
وكشف العبادي خلال محاضرة في جامعة الدفاع للدراسات العسكرية في المنطقة الخضراء أن “هناك جماعات استغلت الحرب على داعش لخزن السلاح من أجل تهديد الدولة. أرادوا أن يكونوا أقوى منها ويبتزوا المواطنين، وهذا الأمر لن نسمح به”. وشدد العبادي على أن “هناك تخطيطا عاليا وحكمة للوقوف بوجه هؤلاء. هناك من المواطنين من امتلك سلاحا بهدف الدفاع عن نفسه في وقت مضى، وهؤلاء يختلفون عن تلك الجماعات. لن يكون هناك أي سلاح خارج إطار الدولة”.
وقد حصل مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية على المبادئ التي تضمنتها الوثيقة الموقعة بين العبادي والصدر، والتي احتوت ثماني نقاط أساسية هي: الدعوة إلى تشكيل تحالف عابر للطائفية والإثنية، ومواصلة محاربة الفاسدين وإبعادهم عن مفاصل الدولة، وتشكيل حكومة تكنوقراط من الكفاءات بعيدًا عن المحاصصة، ودعم وتقوية الجيش والشرطة من خلال حصر السلاح بيد الدولة، ووضع برنامج إصلاحي لدعم الاقتصاد العراقي، والحفاظ على علاقة متوازنة مع جميع الدول، ودعم إصلاح القضاء العراقي وتفعيل الادعاء العام، والحفاظ على وحدة العراق.
ويرى المتابعون للشأن العراقي أن زيارة العبادي إلى النجف من أجل حشد مزيد من التأييد للقاء السياسي الموسع الذي دعا إلى عقده قبل نحو عشرة أيام، من أجل الخروج من الأزمة السياسية الخانقة التي يتعرض لها العراق منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية الشهر الماضي، مؤكداين أن رئيس الوزراء العراقي سيلتقي مراجع دين وزعامات سياسية في النجف في لقاءات الفرصة الأخيرة، التي تسبق احتمال حدوث فراغ دستوري في العراق، مطلع الشهر المقبل.
ويرون أن مرد تحالف العبادي- الصدر من أجل إنتاج مشروع سياسي قادر على تلبية متطلبات المرحلة المقبلة، وتجنب أي تداعيات قد تنجم عن القرارات التي اتخذتها المحكمة الاتحادية مؤخرا ومن بينها إعادة العد والفرز يدويا. وأضافوا أن تحالفهما يعكس فشل الرهان على تحالف من كتل صغيرة موالية لإيران، وأن الصدر اضطر للعودة إلى العبادي لتحريك المشاورات، خاصة أن تحالف سائرون مع الفتح المرتبط بإيران لا يلقى أي دعم داخلي أو دولي. وأشار المتابعون إلى أن الصدر والعامري قد يحققان النصاب القانوني للتحالف بجمع الكتل الصغيرة إليهما سواء بالإغراءات أو عبر ضغوط إيرانية، لكن غياب العبادي عن أي تشكيل حكومي مستقبلي يفقده الدعم الخارجي والداخلي نظرًا للإنجازات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تحققت في عهده.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيحية