القاهرة – تسعى مصر إلى لعب دورها في حل الأزمات العربية المختلفة عبر تشجيع مختلف الفرقاء على الحلّ السياسي، وبدا ذلك واضحا في الأزمة الفلسطينية والسورية خلال السنوات الأخيرة. والآن تنفتح القاهرة على الملف العراقي.
وتوقف المراقبون عند الموقف الذي أعلن عنه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في شأن الوضع في العراق بتحذيره من مخاطر النزاع الطائفي في هذا البلد، ما يعكس قلق القاهرة من ظاهرة ما زالت تهدد العملية السياسية في العراق.
وذكر بيان الرئاسة المصرية، الاثنين، أن الرئيس المصري حث لدى استقباله إياد علاوي، نائب الرئيس العراقي، على أهمية “ترسيخ وحدة الصف، ونزع فتيل الطائفية والمذهبية” بالعراق.
جاء ذلك خلال لقائهما، شرقي العاصمة القاهرة، بحضور سامح شكري وزير الخارجية المصري، وعباس كامل، القائم بأعمال رئيس المخابرات العامة، وفق بيان للرئاسة المصرية.
واعتبرت مصادر القاهرة أن وجود رئيس المخابرات العامة المصرية في الاجتماع يكشف عن متابعة حثيثة تقوم بها مصر لكافة مستجدات وتفاصيل الوضع في العراق.
ووفق بيان الرئاسة المصرية، “تناول اللقاء آخر التطورات على الساحة العراقية، وتطورات الوضع السياسي ومفاوضات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة”.
ورأت مصادر سياسية عراقية مطلعة أن اللقاء المصري العراقي يعبر عن سعي أطراف في العراق لاستدعاء موقف مصري لصالح الخيارات غير المذهبية التي تمثلها بعض التيارات السياسية العراقية.
ولاحظت هذه المصادر أن شكل الاستقبال الذي حظي به علاوي والوفد المرافق له يعبر عن اهتمام تبديه القاهرة حيال الوضع الراهن في العراق.
ويكشف البيان الرئاسي عن جوانب الاهتمام المصري بالملف العراقي في ما أعلن عن إعراب الجانبين عن تطلعهما لاستمرار التنسيق بين البلدين والعمل على تطوير العلاقات الثنائية بينهما، ولا سيما الاستفادة من الخبرة المصرية في عملية إعادة إعمار المناطق التي تضررت نتيجة الحرب على داعش، وفي تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة في مختلف المجالات.
وقال البيان الرئاسي إن اللقاء تطرق لمرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، حيث دعا السيسي إلى “أهمية مواصلة العمل على تعزيز تماسك النسيج المجتمعي العراقي لقطع الطريق على كافة محاولات بث الفرقة وإشعال الفتن”.
الموقف المصري يبعث بإشارات واضحة إلى الداخل العراقي بالخيارات التي يفضلها المحيط العربي لجهة الخروج من الممارسات الطائفية والمذهبية التي ما زالت تهدد وحدة العراق واستقراره
وذكر مصدر مصري مراقب أن القاهرة حريصة على دعم العراق وتشجيع الخيارات السياسية العابرة للطوائف، وأن حرص مصر على تخليص الدين من السياسة ومكافحة تداخل الشأن الديني بالشأن السياسي ينسحب على الحالة العراقية وفق قراءة مواقف الرئيس السيسي.
من جهته صرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بأن السيسي أكد حرص مصر على الوقوف بجانب العراق والعمل على تطوير العلاقات معه في مختلف المجالات، مشيدا بما يشهده التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين من تطور خلال الفترة الأخيرة.
ووفق البيان، فقد شدد الرئيس المصري على أن “الأزمات الإقليمية التي تواجه الأمة في الوقت الراهن، تفرض أهمية ترسيخ وحدة الصف، ونزع فتيل الطائفية والمذهبية”.
وفي هذا الصدد، شدد علاوي وفق البيان على “أهمية دور المؤسسات الوطنية العراقية في نزع فتيل النزاعات الطائفية والمذهبية، والقضاء على التطرف والتشدد”.
وكشف مراقبون عراقيون أن زيارة علاوي في هذا الوقت لا يمكن فهمها إلا كونها جزءا من الجهود التي تبذل لتشكيل حكومة جديدة وفق الرؤى غير المذهبية التي لطالما دعا إليها. وأضافوا أن الموقف المصري يبعث بإشارات واضحة إلى الداخل العراقي بالخيارات التي يفضلها المحيط العربي لجهة الخروج من الممارسات الطائفية والمذهبية التي ما زالت تهدد وحدة العراق واستقراره.
وأعرب السيسي عن تمنيات بلاده “بتشكيل حكومة عراقية وطنية وقوية تكون مُمثلة لكافة أبناء الشعب العراقي (…)” وأكد على “الترحيب بالمشاورات السياسية التي تجريها التيارات العراقية المختلفة لتنسيق مواقفها”.
من جانبه أكد نائب رئيس جمهورية العراق على ما تمثله مصر باعتبارها دعامة رئيسية للأمن والاستقرار بالوطن العربي، واهتمام بلاده بتعزيز علاقاتها المتميزة معها في المجالات المختلفة.
ورغم أن علاوي يمثل حالة انفتاح دائمة على الجوار العربي إلا أن زيارته للقاهرة تأخذ أبعادا أخرى في ظل التطورات السياسية في المنطقة والمرتبطة بالموقف الدولي من إيران كما بتطورات الحرب في سوريا واليمن. ويتوقع بعض المراقبين قيام مصر في مرحلة مقبلة بدور حيوي في المسائل المتعلقة بالشأن العراقي كما بملفات إقليمية.
وتمثل زيارة علاوي للقاهرة حلقة جديدة من سلسلة المحاولات لإعادة وصل العراق بالجوار العربي بعد إنجازات تحققت في هذا المضمار بين بغداد والرياض وأبوظبي على المستويات الحكومية الرسمية أو من خلال زيارات قامت بها شخصيات عراقية للسعودية والإمارات في مقدمها الزعيم العراقي مقتدى الصدر.
العرب