د.سليم محمد الزعنون*
في صباح 24 حزيران/ يوينو الحالي عم الإضراب التجاري أسواق طهران، ولا زالت لليوم الثالث على التوالي الاحتجاجات مستمرة، ويقودها التجار احتجاجاً على تدهور الوضع الاقتصادي. تمركزت الاحتجاجات في العاصمة طهران في ميدان بهارستان، وأمام البرلمان الايراني و”بازار” سوق طهران، وسوق الالكترونيات، و شارع لاله زار و شارع سرتشمة التجاريين، وامتدت إلى مناطق تجارية أخري، حيث عم الإضراب التجاري المناطق التجارية في جنوب ووسط طهران، وردد المتظاهرون هتافات ضد نظام ولاية الفقيه، وخامنئي، وشعارات “لا غزة ولا لبنان حياتي فداء ايران” وشعارات تنادي بترك سوريا، وتضمن ذلك مواجهات مع الشرطة، وحرق مركز للشرطة أمام البرلمان.
أسباب الاحتجاجات.
السبب الرئيسي وراء الاحتجاجات الحالية انهيار سعر صرف العملة الإيرانية أمام الدولار، بحيث انخفضت خلال أقل من شهر من المرتبة الرابعة – الخامسة إلى أرخص عملة في العالم 9000 تومان مقابل الدولار الواحد، ما أدى إلى تفاقم أسعار السلع، وأرتفاع التضخم أكثر من الرقم الرسمي المعلن 9.1%.
إن انهيار سعر صرف العملة مرتبط بتخوفات النظام الإيراني من العقوبات الأمريكية القادمة في آب/ اغسطس القادم بما يؤدي إلى شح العملة الصعبة، نظراً لذلك تبني النظام سياسة استباقية تقشفية قائمة على: وقف ضخ الدولار في الأسواق، وكذلك وقف الصرافين عن تداول العملة الصعبة في الأسواق.
كما ان تخوف المواطن الإيراني من المستقبل في ضوء العقوبات الأمريكية القادمة، دفعه للقيام باستبدال العملة المحلية بالدولار أو الذهب. هذه الأسباب أدت إلى خلق أزمة في السوق وانهيار سعر الصرف .
مستقبل الاحتجاجات.
تختلف الاحتجاجات الحالية عن السابقة في جانب مهم، يتمثل في الإضراب التجاري، للمرة الأولى منذ الثورة الإيرانية عام 1979، كما أن بازار طهران يعتبر من أهم الأسواق التي لعبت دوراً مؤثراً خلال الثورة الإيرانية، وهذا يؤشر إلى أن القطاع الاقتصادي يلحق في الاحتجاجات ضد النظام، بما يُشكل خطورة كبيره عليه.
إن إدراك النظام لخطورة الاحتجاجات الحالية دفعه باتجاه التعامل معها بمرونه كبيرة، في محاولة احتوائها، فرغم الشعارات المعادية للنظام وولاية الفقية وخامنيئ، إلا أن قوات الشرطة ومكافحة الشغب ابتعدت التصعيد بخلاف التظاهرات السابقة.
أثرت المحاولات الأمريكية للضغط على إيران، من خلال الضغط لقطع التواصل بين البنوك الإيرانية والأجنبية (قبل أن تبدأ العقوبات في اغسطس القادم) بشكل كبير على قيمة العملة الصعبة في ايران، نتيجة عدم قدرتها على تحويل عملة صعبة للداخل، وبدأت الشركات الكبرى تنسحب من السوق الإيراني، بما أثر على الاقتصاد وفجر الاحتجاجات الحالية.
وتختلف العقوبات الأمريكية الحالية عن العقوبات السابقة والتي لم تؤدي لإحداث تغيير في النظام، من حيث أن الإدارات الأمريكية السابقة لم تكن تسعى لتغيير النظام، ولم يكن لديها مشكلة في التعامل مع الإسلام السياسي، بينما الإدارة الحالية لديها رؤية مختلفة تجاه الإسلام السياسي بكل تصنيفاته، ولا تريد أن تتعامل معه، ولأول مرة تفرض الإدارة الأمريكية عقوبات حقيقية على النظام الإيراني، تضرب العمود الفقري في الاقتصاد.
الاقتصاد الإيراني لن يستطيع الصمود كثيراً بخلاف المرات السابقة، والأزمة ستتفاقم خلال الشهور القادمة مع بدأ تطبيق العقوبات في اغسطس القادم، بما يدفع النظام مضطراً لتغيير سياساته الخارجية، والجلوس على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة فلا خيارات أمامه.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية