السيسي يعترف بقسوة الإجراءات ويتمسك بالإصلاح الاقتصادي

السيسي يعترف بقسوة الإجراءات ويتمسك بالإصلاح الاقتصادي

القاهرة – اعترف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن طريق الإصلاح الاقتصادي صعب وقاس ويسبب الكثير من المعاناة، لكنه يؤكد أن نتائج عدم الخوض في هذا الطريق أشد قسوة، لذلك يصبح الإصلاح حتميا وضروريا، حاثا المصريين على المزيد من التحمل.

وقدم الرئيس المصري رسائل عدة في خطابه احتفالا بالذكرى الخامسة لثورة 30 يونيو، أهمها أن جسامة التحديات لا تعني الهروب وإنما المواجهة، وصاحب ذلك حديث مطول عن الإصلاح الاقتصادي القاسي الذي بدأ منذ ثلاثة أعوام بتحرير سعر صرف العملة، ورفع الدعم عن مواد وسلع أساسية ما تسبب في موجة غلاء ضخمة حاليا.

وصبت الرسائل التي تضمنها الخطاب في إضفاء مشروعية على إجراءات الإصلاح الاقتصادي، والمطالبة بمزيد من التحمل والتأكيد على أن الوقوف ضده يعني الهلاك.

وبدا خطاب السيسي متناسقا مع رؤيته التي أعلن عنها أمام البرلمان الشهر الماضي، عقب حلفه اليمين الدستورية كرئيس لولاية ثانية، ففي الحالتين، أكد عزمه على توحيد أهدافه في منظور بناء الإنسان المصري والاهتمام بملفات التنمية ورفع مستوى التعليم والصحة.

وفي الخطابين، توارى مصطلح مكافحة الإرهاب بصورته المباشرة، كأنه بات أمرا محسوما لا يفترض اعتباره هدفا للحكومة أو أن الأوضاع الأمنية أصبحت أفضل الآن، وهو ما وعد السيسي بإنهائه في فترة رئاسته الأولى، والحديث عن استمراره في الفترة الثانية سيوحي بالفشل في تحقيق وعود سابقة.

وقال عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان (منظمة حكومية) إن مركز الثقل بالنسبة للوضع المصري الحالي “يرتبط بحل المشكلة الاقتصادية وليس بمواجهة الإرهاب”. وأضاف شكر لـ”العرب” أن السيسي يدرك جيدا أن أهمية مواجهة تداعيات الوضع الاقتصادي الحالي وتزايد الغضب الشعبي من زيادة الأسعار، تبدو أكثر صعوبة من مواجهة الإرهاب.

على جانب آخر، تجاهل السيسي الحديث عن فتح المجال العام أمام الحريات وحركة القوى السياسية والمجتمع المدني، وضرورة توفير المزيد من قنوات التنفيس على المواطنين للتعبير عن غضبهم من صعوبة الأوضاع الجارية.

وأوضح شكر أن هذه المسألة تعبر عن رؤية قاصرة في مواجهة الموقف الحالي الذي يعتمد على الرغبة في تحقيق الإصلاحات الاقتصادية، من وجهة نظر الحكومة، من دون الاستماع لوجهات نظر أخرى أو مراعاة للظروف والتطورات السياسية.

وذهب مراقبون إلى التأكيد على أن مقارنة السيسي بين الأوضاع الاقتصادية للبلاد قبل خمس سنوات بما هي عليه حاليا، لن تلقى قبولا لدى المواطنين الذين يواجهون صعوبات تفوق ما كانوا عليه من قبل، وهو ما يمثل دافعا نحو تذكيرهم بوجود تحديات أخرى أثرت في مجمل الأوضاع، على رأسها توجيه جزء ضخم من ميزانية الدولة لمكافحة الإرهاب.

وجاء خطاب السيسي في وقت تستعد فيه الحكومة الجديدة لعرض برنامج عملها على البرلمان، الثلاثاء المقبل، ومتوقع أن يركز على الجوانب الاقتصادية والتنمية في مجالات التعمير والاستثمار والإنسان أيضا.

ومع أن الرئيس المصري لا يواجه قلقا من ناحية البرلمان الذي سيمرر حتما البرنامج كما هو، بحكم الخبرة، غير أن حشد الرأي العام والحصول على تأييده في الخطوات المستقبلية في مقدمة أولوياته، بعد تزايد الانتقادات لسياساته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانسحاب قطاعات كبيرة ممن كانوا في طليعة مؤيديه.

ورغم نجاح مصر في عبور أزمة استعادة الأمن والاستقرار وكسر شوكة الفوضى، لكنها في النهاية، تبدو (حسب كلام السيسي) مهددة بالعودة لما كانت عليه. وفي الوقت الذي قدم فيه الطمأنينة والنجاح في فرض الأمن قبضته، تعمد توصيل رسائل مقلقة حول الأزمة الاقتصادية لتبرير موجة الغلاء التي طحنت البسطاء، ثم يعود ويقدم طوق إنقاذ أو بارقة أمل بأن نهاية صبر المصريين ودعمهم له تعني الفوز بالتنمية التي ترقى بهم وتقدم لهم حياة كريمة في النهاية.

وأشار متابعون إلى أن تدعيم الخطاب الاقتصادي وتصدره المشهد في تلك اللحظة يرتبط أيضا ببعد سياسي تلعب عليه جماعة الإخوان والتنظيمات الإسلامية التي قامت ضدها ثورة 30 يونيو بالأساس، لأنها تحاول استغلال الغضب الشعبي الناجم عن رفع الأسعار للهجوم على النظام المصري، وتغيير مسار الغضب الاقتصادي لصالح غضب سياسي، يتعلق بالتشكيك في قدرة الرئيس السيسي على الصمود والاستمرار.

العرب