لندن – تعيش إيران تحت ضغط فقدان حصتها النفطية في السوق العالمية، ولم تعد أمامها أدوات من الممكن أن تحافظ بها على صادراتها سوى توعد الدول التي من المتوقع أن تعوض النقص المحتمل في العرض.
وانعكست سياسة نفطية اتبعتها إيران خلال تسعينات القرن الماضي لتعويض فراغ المعروض الذي نتج في ذلك الوقت عن توقف صادرات العراق، الذي كان يخضع لحصار قاس من قبل القوى الكبرى تحت حكم الرئيس صدام حسين.
وبعد غزو الكويت عام 1990، توقفت إمدادات الخام العراقية للسوق العالمية، ولعبت إيران دورا محوريا في الحفاظ على التوازن في الأسعار عبر الاستيلاء على جزء كبير من حصة العراق. واليوم تعود هذه السياسة بشكل معكوس لتخنق حصة إيران.
وخفف بيان نشرته وسائل إعلام سعودية من لهجة فاجأ بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب سوق النفط على تويتر، عندما قال إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وافق على أن ترفع السعودية إنتاجها بمعدل مليوني برميل إضافية في اليوم، وهو ما يعني وصول إنتاج السعودية إلى الطاقة القصوى.
وتقول أمريتا سن، كبيرة المحللين النفطيين في إنرجي آسبكتس، إن هذه المسألة ستدخلنا في “أرض مجهولة. فرغم أن السعودية تمتلك القدرة من الناحية النظرية، فإنتاج هذه الكميات يستغرق وقتا ويتطلب مالا ربما يصل الأمر إلى عام”.
لكن المشاورات أوضحت أن ثمة اتفاقا بين الجانبين للمضي في استراتيجية محاربة النفوذ الإيراني عبر تشديد العقوبات الاقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة.
وتقلص هذه الترتيبات الجديدة كثيرا من خيارات إيران لمقاومة العقوبات الأميركية، خصوصا بعد تعهد الإدارة الأميركية بتتبع شبكة مهربي النفط الإيراني، خصوصا عبر التحويلات المالية وتتبع مسارات السفن والتهديد بفرض عقوبات على المستوردين.
ورغم ذلك لم يعد أمام النظام الإيراني سوى تنشيط شبكات التهريب مرة أخرى. وقال إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني خلال مناسبة اقتصادية في طهران بثها التلفزيون الرسمي مباشرة، “النفط الخام الإيراني سيُعرض في البورصة والقطاع الخاص يستطيع تصديره بطريقة شفافة”.
وأضاف “نريد إجهاض الجهود الأميركية.. لوقف صادرات النفط الإيرانية”.
وهدد جهانغيري بأن “أي دولة تحاول انتزاع حصة بسوق النفط من إيران إنما ترتكب خيانة وستدفع ثمنها يوما ما”.
ويقول خبراء إنه من المرجح أن تلجأ إيران إلى سياسات قديمة لجأت إليها بين عامي 2011 و2013، وهي الفترة التي شددت خلالها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما العقوبات على صادرات إيران النفطية، قبيل صعود الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى السلطة.
لكن إدارة أوباما غضت الطرف أيضا عن تهريب الخام بشحنات صغيرة لتجار يعيدون توثيق الصادرات النفطية الإيرانية باسم دول مصدرة أخرى، رغم سهولة تحديد مصدر النفط.
ويقول دبلوماسيون غربيون “من الصعب تخيل أن إدارة ترامب ستفعل الشيء نفسه وتتساهل مع هذه الممارسات”.
وتحاول إيران استغلال قلة المعروض وزيادة الطلب، خصوصا بعد سنوات من تقليص العرض من قبل الدول الأعضاء في منظمة أوبك، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر الخام ليصل، الجمعة الماضي، إلى 79 دولارا للبرميل.
ويقول جوفاني ستاونوفو، محلل السلع الأولية في يو.بي.أس، “يبدو أن بيان وكالة الأنباء السعودية يشير إلى أن المملكة مستعدة لزيادة الإنتاج لكنها تريد أولا أن ترى تحقق نتائج”.
وأضاف “من المرجح أن تصبح الأسعار أكثر تقلبا على مدى الأشهر المقبلة وتنحصر بين أمرين: المخاوف من زيادة المعروض عن الطلب وتناقص الطاقة الفائضة ومخاوف السوق من قلة العرض”.
العرب