هل تدفع اضرابات ايران الداخلية والحصار الدولي لاشعال الحرب بالوكالة

هل تدفع اضرابات ايران الداخلية والحصار الدولي لاشعال الحرب بالوكالة

 

شذى خليل*

  قوة ايران الاقتصادية تبدأ عدًّا تنازليا
شهدت ايران موجة احتجاجات شعبية غاضبة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها الداخل الإيراني، والانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية، وزيادة الفقر والبطالة، وتدهور الاقتصاد بشكل عام .
ايران تواجه ضغوطا اقتصادية جراء العقوبات الأميركية، التي فرضت في 8 مايو/أيار 2018، اذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، وإعادة العمل بالعقوبات الاقتصادية على طهران والشركات والكيانات التي تتعامل معها، ووقف صادرات النفط الإيراني إلى الصفر، وإعلان السعودية والإمارات استعداداهما لضخ ملايين البراميل من النفط لمواجهة أي خلل بالأسواق.
وذكر مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة طلبت من الدول وقف جميع واردات النفط الإيراني من نوفمبر (تشرين الثاني)، مستبعدا أن تمنح واشنطن أي استثناءات.
وكشف وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوشين، في 9مايو -2018 ، ان العقوبات سيعاد فرضها في الفترة من 90 إلى 180 يوما.
وأوضح ان الولايات المتحدة ستستأنف جهودها للحد من صادرات النفط الإيرانية بعد 180 يوما، وخلال الفترة ستجري الخارجية الأمريكية مشاورات مع الدول الأجنبية؛ لتقليص مشترياتها من النفط الإيراني، مشيرا الى ان دولا أبدت استعدادها لزيادة الإنتاج، للحفاظ على كمية المعروض، مما لا يؤثر على ارتفاع الأسعار، اذ تنتج ايران حوالي 4 ملايين برميل نفط يوميا وفي حال استطاعت أميركا تخفيض إنتاج إيران للنفط إلى المستوى الذي كان سائدا قبل فرض العقوبات حوالي 800 ألف برميل في اليوم سيؤدي ذلك حتما إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية داخل الدولة الإيرانية لعدم قدرتها على تلبية الاحتياجات الداخلية.
وأكد منوشين ان الولايات المتحدة، ستفرض بعد 90 يوما قيودا على بيع العملة الأمريكية لإيران، وشراء الذهب والمعادن الثمينة الأخرى من إيران، وشراء الصلب والألومنيوم والاستثمار في السندات الإيرانية، وصفقات مع شركات صناعة السيارات الإيرانية، وسيتم أيضا سحب تراخيص التصدير من شركات الطيران المدني، بما فيها “بوينغ”، و”إيرباص”.
و قال منوشين، انه اعتبارا من 6 آب/ أغسطس، سيفرض الحظر على استيراد السجاد والمواد الغذائية الإيرانية، وبعد 180 يوما، ستطال العقوبات الموانئ الإيرانية وسفنها ومصانع السفن، وستفرض قيود على تحويلات مالية بين المؤسسات المالية الأجنبية والبنك المركزي الإيراني وخدمات التأمين.
ومع تشديد العقوبات على إيران بحرمانها من تصدير النفط الخام يحتد الصراع بين أقطاب النفط العالمي، اذ طلب ترمب من السعودية رفع إنتاجها من النفط وزيادة الإمدادات من أجل تعويض انخفاض الصادرات الإيرانية؛ مما دفع بإيران بالتهديد برفع سقف المواجهة ، اذ اعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني عن سخط واضح من الضغوط الأميركية، مهدّدا “بمنع تصدير نفط المنطقة إذا مُنعت بلاده من ذلك”، خصوصا أن هذا الإجراء من شأنه إفقاد طهران موردها المالي الأهم، والممول الرئيس لخزينة الدولة في وقت تشهد اضطرابات داخلية ناجمة عن صعوبات معيشية واقتصادية في ظلّ العقوبات الأميركية، والتي من الممكن ان تعمل على تأجيج الشارع الإيراني ضدّ الحكومة والنظام، وبالتالي فتح الطريق أمام إمكانية إما فرض تنازلات على النظام الإيراني في الملفات الإقليمية وإعادة صياغة الاتفاق النووي، او تشديد العقوبات لحين تغيير النظام والحكومة في إيران .
واكد روحاني، في 2-7-2018 خلال زيارته لسويسرا ان ” الأميركيين الذين يريدون وقف صادرات النفط الإيرانية بالكامل، إنهم لا يفهمون معنى هذا التصريح، اذ لا معنى لعدم تصدير النفط الإيراني بينما يجري تصدير نفط المنطقة”، ووصفه بانه افتراض خاطئ.
وتحدى روحاني الولايات المتحدة ان تقطع إيرادات النفط الايراني، مؤكدا ان طهران تبذل جهودها للحيلولة دون التأثر بالعقوبات الأميركية.
واكد المستشار الاقتصادي السابق بالحكومة الإيرانية محمد حسين أنصاري ، أن طهران تملك التأثير في الخليج وسوريا واليمن، وقال: “كل هذه المنطقة ستتعرض لعدم استقرار”، وستسعمل طهران مضيق هرمز ورقة ضغط على صادرات النفط من دول الخليج، لخلق أزمة دولية للنفط ، مما يزيد الطلب، وترتفع الأسعار، بسبب العقوبات من جهة والتهديديات الإيرانية لنفط المنطقة من جهة أخرى.
وهدد الحرس الثوري الإيراني بمنع عبور النفط من مضيق هرمز في المياه الخليجية إذا مُنعت من تصدير نفطها، وقال القيادي في الحرس الثوري العميد إسماعيل كوثري إنه يجب على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة إدراك أنه لا يمكنهم حفظ مصالحهم في الوقت الذي يهددون فيه مصالح الآخرين، خصوصا ان مضيق هرمز الاستراتيجي يمر من خلاله نحو 20% من نفط العالم.

وهذه المواقف المتضاربة تطرح علامات استفهام كبيرة حول ما ستؤول إليه الأمور، فيما لو ذهبت إيران نحو الخيار العسكري بعد حشرها في الزاوية مع حرمانها من أهم مورد اقتصادي لخزينة الدولة.
ومع ضعف الموارد الايرانية يتساءل المراقبون عن كيفية تمويل ايران للمليشيات الخارجية، في العراق، وسوريا واليمن ولبنان والتي تتمسك بها وتدعمها لامكانية استغلالها للتدخل في محيطها الإقليمي ، فيما يرى اخرون ان العقوبات المالية ستجفف تمويل تلك الميليشيات من الموارد الايرانية المالية.
كما يتساءلون عن دور الفصائل المسلحة في العراق والمليشيات والشخصيات السياسية البارزة الموالية لإيران: هل ستنتقل الازمة والمواجهة بين ايران وامريكا الى صدام عسكري على الساحة العراقية .
ويشكك خبراء بامكانية حماية الأوروبيين وحدهم لايران ومنع موجة عقوبات تدخل الولايات المتحدة بثقلها لفرضها ليس على إيران فقط بل على كل من يتمرد عليها؛ مما يضعف إيران ويجعلها غير قادرة على مواجهة العقوبات، والدخول في حرب مع معظم دول العالم التي تستورد نفطها من منطقة الشرق الأوسط.
ان الازمة والمعاناة الداخلية التي يعيشها الشعب الإيراني من انهيار العملة الوطنية، تضعف ركائز الدولة ودعائمها مهددة بانهيار الاقتصاد، وخاصة مع المطالبات الشعبية التي بدأت ترفع سقف التهديدات بالمطالبة بالانسحاب من العراق وسوريا ووقف تمويل الميليشيات في لبنان واليمن الامر الذي يثير صدمة قوية داخل السلطات لأنه يفيد بوجود تحدّ شعبي لخيار تصدير الثورة الذي بدأه آية الله الخميني ويستمر فيه المرشد الحالي علي خامنئي، ما يدفع المحافظين إلى المزيد من التشدد ضد الشارع الإيراني.

ووسط حرب التصريحات والتهديدات، تبدو المنطقة مقبلة على جولة تصعيد جديدة قد لا تقتصر على خطاب إيران تجاه السعودية فقط وإنما زيادة جرعة الضغط العسكري في الحروب التي تخوضها مباشرة أو عبر وكلائها باليمن وسوريا وربما أفغانستان.

 

وحدة الدراسات الاقتصادية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية