لندن – حذرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حزبها المنقسم الأحد، من احتمال عدم الانفصال عن الاتحاد الأوروبي على الإطلاق، بسبب محاولات نواب تقويض خطتها لإقامة علاقات وثيقة مع الاتحاد بعد الانسحاب منه، فيما تواترت الدعوات المفتوحة للعدول عن الانفصال أخرها دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وكتبت ماي على فيسبوك تقول “رسالتي للبلاد في نهاية هذا الأسبوع بسيطة ألا وهي أن علينا التركيز بشكل ثابت على الجائزة”، مضيفة “إذا لم نفعل ذلك نخاطر بأن ينتهي بنا الأمر إلى عدم الانفصال عن الاتحاد الأوروبي على الإطلاق”.
وقبل أقل من تسعة أشهر على الموعد المقرر لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس القادم، مازالت البلاد ونخبتها السياسية وقادة أعمالها منقسمين بشدة بشأن شكل الخروج المطلوب.
وبالتحذير من أن احتمال الخروج ذاته أصبح مهددا، توجه ماي رسالة صريحة لعشرات من المتشددين المؤيدين للانفصال داخل حزبها المحافظ مفادها أنهم إذا قوضوا قيادتها فإنهم يجازفون بتبديد نصر الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي يأملونه منذ عشرات السنين.
ويخشى بعض مؤيدي الانفصال من اتفاق يربط بريطانيا بقواعد الاتحاد ويمثل خروجا اسميا فقط من التكتل، فيما كثفت الحكومة البريطانية كذلك جهودها للتخطيط لما يطلق عليه الخروج “بدون اتفاق” الذي قد يقلق الأسواق المالية ويعطل التدفقات التجارية في منطقة أوروبا وخارجها.
وقالت ماي مرارا إن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيحدث واستبعدت إجراء استفتاء جديد رغم اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستثمر الملياردير جورج سوروس أن تغير بريطانيا رأيها في ما يتعلق بالخروج.
وفي محاولة لتحقيق التوازن بين الساعين إلى خروج سلس من الاتحاد الأوروبي والذين يخشون من الاقتراب والدوران في فلكه، سعت ماي للحصول على موافقة كبار الوزراء على خطتها في السادس من يوليو الجاري.
وبعد محادثات استمرت عدة ساعات بدا أنها كسبت تأييد الحكومة لكن بعد يومين استقال ديفيد ديفيس من منصب وزير الخروج من الاتحاد الأوروبي وفي اليوم التالي استقال بوريس جونسون من منصب وزير الخارجية.
ودعت ماي الأحد، لمساندة خطتها من أجل “انتقال البضائع بسلاسة” قائلة إن هذا هو الخيار الوحيد لتجنب تقويض السلام في أيرلندا الشمالية والحفاظ على وحدة المملكة المتحدة.
وكتب ديفيس في صحيفة صنداي تايمز أن القول إنه لا يوجد بديل جاهز لخطة ماي “زعم مخادع بشكل مذهل”، مشيرا إلى أن خطتها تسمح للجهات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي بالإضرار بالصناعات التحويلية البريطانية.
وأضاف “لا يخامر أحد الشك أن أصابعنا، وفقا لمقترح الحكومة، ستظل تحت الضغط وسيستغل الاتحاد الأوروبي ذلك لمعاقبتنا على الخروج ويقوض قدرتنا التنافسية المستقبلية”.
وضعف موقف ماي بدرجة أكبر بسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قال في حديث نشرته صحيفة صن الجمعة، إن مقترحاتها ستقتل على الأرجح أي فرصة للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم بعد الخروج.
وكشفت رئيسة الوزراء البريطانية إن ترامب سبق أن نصحها برفع دعوى قضائية على الاتحاد الأوروبي بدلا من الدخول في مفاوضات خروج معه.
وفي معرض ردّها على سؤال لهيئة الإذاعة البريطانية الأحد، حول النصيحة التي قدمها ترامب، قالت ماي “أبلغني أنه يجب علي مقاضاة الاتحاد الأوروبي، وعدم الذهاب للتفاوض معهم بل مقاضاتهم”.
وأضافت ” قال لي لا تبتعدي عن هذه المفاوضات، وإلا ستكونين في مأزق”. وتابعت “لذا، فإنني أريد أن نجلس ونتفاوض بشأن أفضل اتفاق بالنسبة لبريطانيا”.
ولم يتضح أي نوع من الدعاوي القضائية، التي يؤيدها ترامب أو ما إذا كانت إحدى تلك الدعاوي ستكون ممكنة قانونيا.
وينص المشروع الذي تقدمت به ماي لبروكسل على الحفاظ على علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي على صعيد تجارة السلع من خلال إقامة منطقة “تبادل حر” جديدة على أساس مجموعة من القوانين المشتركة المتعلقة بالسلع وقطاع الصناعات الغذائية.
وكتبت ماي أيضا في ميل أون صنداي أن بريطانيا ستتخذ موقفا متشددا في جولة المفاوضات التالية مع الاتحاد الأوروبي. وقالت إن “بعض الناس يسألون عما إذا كان اتفاق خروجنا من الاتحاد الأوروبي مجرد نقطة بداية لتراجعنا”. وأضافت “دعوني أكون واضحة، اتفاق خروجنا من الاتحاد الأوروبي ليس قائمة رغبات طويلة يستطيع المفاوضون الانتقاء منها والاختيار، إنها خطة كاملة بمجموعة من النتائج غير القابلة للتفاوض”.
وفي ظل محاولات ماي الخروج بأقل قدر من الخسارة والانتقادات مع استقالة ديفيس وجونسون، نقلت صحيفة ديلي تليغراف السبت، إن ستيف بانون المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتقد أن الوقت قد حان كي ينافس بوريس جونسون رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على منصبها.
ونقلت الصحيفة عن بانون قوله إن “تيريزا ماي لديها الكثير من المزايا العظيمة، لكن لست متأكدا من أنها الزعيمة الصحيحة في الوقت الصحيح”.
وردا على سؤال عما إذا كان يرى أن الوقت قد حان لقيادة جونسون للبلاد، قال بانون “أعتقد ذلك”.
العرب