من يقولون إن التفسير الوحيد الممكن للتأييد الكبير للرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو أن بوتين يحتفظ بمعلومات مدمرة لترامب خاطئون. والتفسير الأرجح هو عقدة الأب التي تتملك ترامب.
هذا ما يقوله الكاتب بمجلة فورين بوليسي الأميركية جيمس تراوب، مضيفا أنه إذا وضع أي شخص نفسه مكان ترامب، وإذا صحت فرضية أن الرئيس الروسي “ممسك” بمعلومات مدمرة لترامب، فسيكون الأخير حريصا -على الأقل- على عدم الإشادة ببوتين علنا، إن لم ينتقده، وعلى أن ينفذ سرا ما يريد بوتين، الذي سيكون راضيا بما سيحصل عليه سرا وغاضبا إلى حد ما علنًا.
لكن ترامب، يقول تراوب، فعل عكس ذلك تماما، إذ نجده يتودد ويتملق بوتين علنا أمام الجميع، بينما يترك للعقلاء في إدارته حماية أميركا من أشد أعدائها.
على أي حال، فإن المدى الذي ذهب إليه ترامب في تمجيده لبوتين وبذلك الوضوح يشير إلى تلك العقدة النفسية التي لولاها لما تصرف ترامب ذلك التصرف. وتلك العقدة هي عبارة عن مجموعة من الارتباطات غير الواعية أو الدوافع القوية للغاية المتعلقة بصورة الأب.
سلوك غريب
وأشار الكاتب إلى إشادات ترامب ببوتين خلال الحملة الانتخابية بأميركا في 2016، واصفا إياها بأنها غريبة إلى الحد الذي تستحق فيه أن تولى اهتماما خاصا.
فأهم مواهب ترامب السياسية هي تخمين مخاوف ورغبات مستمعيه الأساسية وصياغتها في عبارات، لكنه تخلى أثناء الحملة الانتخابية عن أي شيء لا يعود إليه بأصوات باستثناء ارتباطه الحميم ببوتين.
فقد كانت صورة بوتين وسمعته لا تجتذب الأميركيين الذين ينظرون إليه كأنه وحش بسبب تدخلاته العسكرية في أوكرانيا وسوريا.
عقيدة فاعلة
وكان سلوك ترامب المؤيد لبوتين بقوة لا يمكن تفسيره إلا باعتباره ينطلق من مصلحة نفسيه ذاتية قوية إلى حد أنه مستعد للتضحية من أجلها بمستقبله السياسي، أو أنها كانت، ولا تزال، عقيدة فاعلة بقوة في دواخله.
ومضى تراوب يقول إنه من المعروف أن ترامب ينجذب بقوة للدكتاتوريين، بمن فيهم المجانين مثل الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي ورئيس كوريا الشمالية، أما بوتين فهو النجم وقطب الرحى. كما يحتقر رؤساء المجتمعات الديمقراطية الذين يعتقد أنهم ضعفاء، الأمر الذي يفسر سلوكه تجاه أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وربما نجد في شخصية أبيه فريد (أب ترامب) الصعبة جذورا لعقدته النفسية. فقد قال في أحاديثه عن أبيه إنه كان يعتقد أن أعلى درجات الإشادة بالرجل هي وصفه بـ”القاتل”.
لا يحترم القانون
ولم يعد سرا أن ترامب يُغرم بالقوة ويحتقر الضعف، ويعتبر أن أي معوقات لتحقيق رغباته، بما في ذلك القانون، ليست عادلة.
ويعتقد ترامب أنه يملك كل شخص باستثناء الأقوى منه، ويرى أن الأقوى منه حاليا هو بوتين الذي صعد إلى القمة في عالم أصعب من أي عالم عاش فيه ترامب نفسه. فقد أخذ بوتين ما أخذ بالقوة والدهاء.
وبالطبع يظن ترمب أن بوتين تدخل في الانتخابات الأميركية، لكن ما لا يمكن أن يكشف عنه هو أنه معجب ببوتين لجرأته ووقاحته. ولو كان لترامب أن يحب شخصا واحدا في هذا العالم فسيكون بوتين.
المصدر : فورين بوليسي ، الجزيرة نت