يختزل “قانون القومية” الذي شرعه الكنيست وينص على أن إسرائيل الوطن القومي للشعب اليهودي، عشرات القوانين والتشريعات التي صودق عليها منذ النكبة، وتهدف إلى التضييق على الشعب الفلسطيني في وطنه وتصفية قضيته بفرض وقائع على الأرض تجعل من المستحيل تطبيق حل الدولتين.
وفيما يبدو القانون للوهلة الأولى كأنه يستهدف فلسطينيي 48 دون غيرهم، أتت بنوده من قبيل حصر حق تقرير المصير في اليهود، وأن الهجرة التي تؤدي للمواطنة هي لليهود فقط، وأن “القدس الكبرى” عاصمة لدولة الشعب اليهودي مع ضرورة تعزيز العلاقة مع “يهود المهجر”، لتؤكد بأن هذا التشريع يستهدف الشعب الفلسطيني وقضيته.
وبينما اعتبرت الفعاليات السياسية والوطنية و”القائمة المشتركة” الممثلة بالكنيست “قانون القومية” قانونا استعماريا مناهضا للديمقراطية، ويحمل سمات نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، تعالت أصوات الجماهير الداعية لإعادة النظر بالوجود والتمثيل العربي بالكنيست، في حين رفع البعض سقف المطالب بانسحاب السلطة الفلسطينية من اتفاقيات أوسلو على أساس أن القانون يمهد لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل ويكرس لإقامة وطن قومي لليهود بفلسطين التاريخية.
نضال جماهيري
كثيرة هي المقترحات التي طرحت للرد على تشريع القانون، منها الشروع ببرنامج نضال جماهيري يشمل مظاهرات واعتصامات وإضرابات، وعرض القضية مجددا على للمحافل الدولية، لكن أبرزها كان مقترح نواب “القائمة المشتركة”، وعددهم 13 نائبا من أصل 120، الاستقالة الجماعية من الكنيست.
هذه الاستقالة ستؤدي لأزمة دستورية برلمانية ينجم عنها انتخابات مبكرة وحجب للثقة عن حكومة بنيامين نتنياهو التي ستضطر للتوجه مجددا لصناديق الاقتراع للحصول على ثقة الإسرائيليين.
وبالنظر لكون الكنيست خرج، فور تشريع “قانون القومية”، في عطلة الصيف ولن يعود لاستئناف نشاطه إلا في منتصف أكتوبر/تشرين الأول القادم، يبقى مقترح الاستقالة الجماعية مثار جدل ومحورا لتباين المواقف بين الأحزاب العربية الممثلة بالبرلمان التي تبحث هذا المطلب وتداعياته.
وتجمع هذه الأحزاب على ضرورة الشروع ببرنامج نضال جماهيري، بالموازاة مع إطلاق مبادرات دولية والتواصل مع الاتحاد الأوروبي لعرض خطورة الموقف وتداعياته على الشعب الفلسطيني.
الدبلوماسية سلاحا
رئيس لجنة العلاقات الدولية بالقائمة المشتركة، النائب يوسف جبارين، عن الجبهة الديمقراطية، أشهر سلاح الدبلوماسية وشرع باتصالات منظمة مع الاتحاد الأوروبي والهيئات الحقوقية الدولية بهدف مساندتها للنضال الذي يخوضه فلسطينيو 48، “لفضح ماكينة التشريعات الإسرائيلية التي تؤسس لنظام فصل عنصري”.
وعن خيار الاستقالة الجماعية وإجبار الحكومة الإسرائيلية على التوجه لانتخابات مبكرة، أكد جبارين أن “كافة الخيارات والمطالب مطروحة للنقاش، مهمتنا بهذه المرحلة الحاسمة والمفصلية الحفاظ على الوحدة الوطنية والجاهزية النضالية الجماهيرية لمتابعة مسيرة البقاء والتجذر بالوطن”.
وفضلا عن عرض القضية مجددا بالمحافل الدولية، دعا جبارين إلى استحداث آليات نضال جديدة تربك المؤسسة الإسرائيلية وتلزمها بالاستجابة للمطالب الجماعية القومية لفلسطينيي 48، مؤكدا أن العمل الجماهيري النضالي هو الأساس النضالي الأهم لمواجهة السياسات الاستعمارية والعنصرية الإسرائيلية التي تسعى للقضاء على حل الدولتين والنيل من حرية واستقلال الشعب الفلسطيني.
“إسرائيل الكبرى”
في الجانب الإسرائيلي، يرى عضو الكنيست عن الحزب الشيوعي، دوف حنين، أن القانون يحمل علمين، الأول هو دولة إسرائيل الكبرى، والعلم الثاني هو العنصرية والتمييز والأبارتايد، فهو يقر بالحق الاستثنائي الانفرادي بتقرير المصير للشعب اليهودي، ويؤسس لأيديولوجيا “إسرائيل الكبرى”، مؤكدا ضرورة تعزيز وتدعيم النضال المشترك للإسرائيليين والفلسطينيين للتوافق على مشروع قانون يسقط “قانون القومية”.
وشدد حنين على أن “شعبين يعيشان على هذه الأرض، لكل منهما الحق في تقرير المصير، فقانون القومية خطوة أولى للانسحاب من اتفاقيات أوسلو، كونه يشطب حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ويعيدنا للمربع الأول للصراع قبل 70 عاما”.
ويؤكد أن “الضرر لا يمس فقط العرب أو الشعب الفلسطيني، بل اليهود بإسرائيل أيضا، حيث لن يكون هناك مستقبل للسلام العادل الذي يضمن الأمن والاستقرار لإسرائيل طالما لم يحظ الشعب الفلسطيني بالاستقلال والحرية في دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل”.
المصدر : الجزيرة