في تصعيد جديد، تعرّضت مواقع عسكرية تابعة للنظام السوري في محافظة حماة إلى قصف اتهمت دمشق تل أبيب بتنفيذه، في وقت استعجلت موسكو أمس تعزيز نفوذ النظام في مناطق سيطرته، قبل اجتماع «آستانة 10» نهاية الشهر في منتجع سوتشي الروسي.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) مساء أمس بـ «أنباء عن عدوان إسرائيلي على منطقة مصياف» جنوب غربي مدينة حماة (وسط سورية)، مشيرة إلى أن القصف استهدف «معامل الدفاع في قرية الزاوي»، وهو ما أكدته أيضاً وكالة «سبوتنيك» التي نقلت عن مصدر ميداني قوله إن الانفجارات نجمت عن صواريخ موجهة أطلقتها طائرات إسرائيلية من أجواء منطقة البقاع اللبنانية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ «انفجارات هزت منطقة مصياف في الريف الغربي لحماة قرب محافظة طرطوس إثر انفجارات في منطقة معامل الدفاع»، مرجحاً أن الانفجارات ناجمة عن قصف صاروخي إسرائيلي استهدف المنطقة. وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأعمدة الدخان تتصاعد في سماء المنطقة، وقال ناشطون انها أعقبت القصف الإسرائيلي.
وبالتزامن مع استكمال عملية إجلاء المعارضين للتسوية في محافظتي درعا والقنيطرة (جنوب سورية)، فتح الطيران الروسي والسوري معركة تحرير الجيب المتاخم للحدود السورية مع الأردن والجولان المحتل، من فصيل موال لتنظيم «داعش» الإرهابي. وقالت مصادر ديبلوماسية وأخرى معارضة إن طائرات روسية وسورية كثّفت قصفها لمعقل فصيل «جيش خالد» المبايع لـ «داعش» في جنوب غربي سورية، بعدما كان الفصيل تمكن من التوغل في مناطق هجَرتها فصائل «الجيش الحر». وأضافت المصادر أن قوات تابعة لـ «داعش» متحصنة في حوض اليرموك تصدّت لهجوم بري شنه الجيش السوري وحلفاؤه.
وقال مصدر بالإستخبارات لوكالة «رويترز» إن ما يتراوح بين ألف و1500 مقاتل في «داعش» يحافظون على مواقعهم على رغم حملة القصف التي أصابت قرى وتسببت في خسائر «لا حصر لها» بين المدنيين. وذكر شخص كان يسكن المنطقة ولا يزال على صلة بأقارب له فيها، إن آلاف المدنيين الذين تعرضت قراهم للقصف فروا إلى مناطق آمنة خاضعة للجيش أو للمعارضة.
وأوضح مصدر آخر على دراية بالوضع أن «داعش» استطاع فعلاً توسيع الأراضي الخاضعة لسيطرته خلال الساعات العشرين الماضية، بالسيطرة على ما لا يقل عن 18 قرية، مستفيداً من انهيار «الجيش الحر» في الجنوب.
في غضون ذلك، أُعلن أمس أن مئات من أعضاء جماعة «الخوذ البيض» السورية للدفاع المدني، فروا إثر تقدم القوات الحكومية، ونقلوا على وجه السرعة عبر الحدود إلى الأردن، بمساعدة الجيش الإسرائيلي وقوى غربية.
وفي تسجيل مصوّر مقتضب، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إنه تصرف بناء على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزعماء آخرين. وأضاف: «قبل أيام قليلة، تحدث إليّ الرئيس ترامب، وكذلك رئيس الوزراء الكندي (جاستن) ترودو وآخرون، طالبين أن نساعد في إخراج الخوذ البيض من سورية. حياة هؤلاء الأشخاص الذين أنقذوا أرواحاً، معرضة للخطر الآن. وبالتالي سمحت بنقلهم عبر إسرائيل إلى دول أخرى كبادرة إنسانية مهمة».
وقال مصدر حكومي أردني إن الذين تم إجلاؤهم من أعضاء الجماعة، سيتم وضعهم في موقع «مغلق» في الأردن، على أن يجري توطينهم في بريطانيا وألمانيا وكندا في غضون ثلاثة أشهر. وأوردت شبكة «سي بي سي» أن كندا قررت استقبال 50 من عناصر «الخوذ البيض»، فيما أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن بلاده ستستقبل أيضاً عناصر منهم، وقال: «سيجد العديد من هؤلاء المنقذين الشجعان الحماية والمأوى، وبعضهم سيجدها في ألمانيا». وقالت الناطقة باسم وزارة الداخلية إن برلين ستستضيف ثمانية من أعضاء الجماعة وعائلاتهم.
ورحبت بريطانيا بعملية الإجلاء، وقالت إنها وغيرها من الحلفاء طلبوا ذلك. وقال وزير الخارجية جيريمي هانت على «تويتر»: «نبأ رائع أننا نجحنا في إجلاء الخوذ البيض وعائلاتهم. الشكر لإسرائيل والأردن على استجابتهما السريعة لطلبنا». وأبلغ مصدر وكالة «رويترز» أن الاضطرابات في المنطقة الحدودية أعاقت جهود إجلاء مئات الأعضاء من «الخوذ البيض» من حدود الجولان إلى الأردن، مشيراً إلى أن الخطة كانت تستهدف إجلاء 800 شخص ليل السبت- الأحد، لكن لم يتم إجلاء سوى 422 بسبب زيادة وجود «داعش» والحواجز الحكومية.
دخان القصف الذي استهدف منطقة مصياف في ريف حماة الغربي (المرصد السوري)
الحياة اللندنية