إيران تلوّح مجددا بورقة مضيق هرمز وتبحث عن وسطاء

إيران تلوّح مجددا بورقة مضيق هرمز وتبحث عن وسطاء

طهران – لا تجد إيران من سبيل لمواجهة اندفاع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتشديد العقوبات سوى التلويح مجددا بإغلاق مضيق هرمز وتهديد أمن ناقلات النفط ما لم يسمح لها بتصدير نفطها. ويأتي هذا في وقت تراهن فيه السلطات في طهران على مخرج عبر الوساطة العمانية التي سبق أن نفت طهران علمها بها. وتراهن طهران على أن تخرج مواقف الدول الأوروبية من العقوبات من البيانات إلى دائرة الأفعال المؤثرة.
وجدد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف التلميح إلى أن بلاده لن تقبل بوقف صادراتها النفطية فيما يواصل الآخرون التصدير، في إشارة واضحة إلى التلويح بغلق مضيق هرمز، الذي سبق لأكثر من مسؤول إيراني بارز أن أشهره في محاولة لوقف اندفاع ترامب لتشديد العقوبات غير عابئ بمواقف طهران والاتحاد الأوروبي.
وقال ظريف في تصريحات لصحيفة محلية “إذا أراد الأميركيون الاحتفاظ بهذه الفكرة الساذجة والمستحيلة فعليهم أيضا أن يدركوا عواقبها. فلا يمكنهم التفكير في أن إيران لن تصدر النفط وأن آخرين سيصدرونه”.
ولمّح الرئيس الإيراني حسن روحاني الشهر الماضي إلى أن إيران قد تغلق مضيق هرمز إذا حاولت الولايات المتحدة وقف صادرات النفط الإيرانية.
ورد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالإشارة إلى أن إيران قد تواجه عواقب وخيمة إذا هددت الولايات المتحدة.
ويرى مراقبون أن التلويح المستمر بورقة مضيق هرمز يعكس حقيقة أن إيران لا تمتلك أي ورقة ضغط تحول دون مضي ترامب في إجراءاته، وأن توقعات المسؤولين الإيرانيين بأن واشنطن لن تجرؤ على اتخاذ مثل هذه الخطوة كانت في غير محلّها، لافتين إلى أن الأمر لا يتجاوز مجرد التهديد، وأن تلك الخطوة ستقابل برد عسكري سريع من الولايات المتحدة، وهو ما سيقابل بتفهم دولي واسع لأن تهديد أمن الملاحة لا تقبل به أي جهة ولو كانت حليفة لطهران.
وقال المراقبون إن ورقة مضيق هرمز هي آخر ما يمتلكه الإيرانيون من بدائل لمنع العقوبات، وكان يفترض أن يراهن الفريق المحيط بروحاني على بدائل مختلفة قبل إطلاق تهديدات ضد إدارة ترامب والاستهانة بالخطوات التي كانت أعلنت عنها منذ فترة.
ومن الواضح أن السلطات الإيرانية كانت تتوقع أن تقف التهديدات الأميركية عند مجرد التصريحات الإعلامية المتشددة، والتي يمكن أن تساعد على إيجاد قنوات تواصل سرية تستفيد منها طهران لربح الوقت والحفاظ على نفس الخطاب العدائي للاستهلاك الداخلي مثلما حدث خلال فترة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
ورغم أن الخارجية الإيرانية سبق أن كذبت خبر وساطة مسقط خلال زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي إلى واشنطن ولقائه مسؤولين أميركيين بارزين، فإن ظريف صار يتمنى أن تفضي مثل هذه القنوات إلى نتائج فعالة لوقف التوتر مع إدارة ترامب.

وقال ظريف إننا “نقدر المبادرات التي طرحتها بعض الدول، لا سيما سلطنة عُمان، للتوسّط بين طهران وواشنطن في إطار الجهود الرامية للحدّ من تصاعد الأزمة”.
وأضاف أن “طرح مثل هذه المقترحات طبيعي نظرا لتوقف العلاقات الرسمية بين البلدين، ولاشك أن دول المنطقة، لا سيما سلطنة عمان التي تتحلى بالحكمة، ترغب في القيام بمبادرة تحول دون تصاعد الأزمة”.
كما أكد على رغبة بلاده في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وإصلاح العلاقات مع السعودية والإمارات والبحرين.
واعتبر محللون أن ظريف سعى إلى إطلاق رسائل تهدئة ليس فقط إلى الولايات المتحدة، ولكن أيضا إلى دول المنطقة، خاصة أن السبب الرئيسي الذي أدى إلى تشديد العقوبات هو رفض طهران التوقف عن التدخل المباشر في شؤون عدة دول وإثارة النزاعات الطائفية عبر تقوية أذرعها ماليا وإعلاميا في تلك النزاعات، ما يهدّد أمن دول الجوار واستقرارها.
وأشار المحللون إلى أن الإشارات المتناقضة للمسؤولين الإيرانيين بشأن التصعيد مع الولايات المتحدة، لا تعكس فقط وجود تيارين متناقضين على رأس السلطة، وهو السبب الرئيسي في العزلة التي تعيشها البلاد، بل وكذلك غياب البدائل السياسية والعسكرية، وهو الوضع الذي يدفع إلى إطلاق التصريحات بوتيرة متسارعة دون اتخاذ أي خطوات.
وتجد إيران نفسها في وضع صعب بسبب تورطها في ملفات كثيرة خاصة في سوريا واليمن والعراق ولبنان. وفي أول اختبار لقدراتها لجأت طهران إلى الصمت أمام الهجمات الإسرائيلية المتتالية ضد وجودها في سوريا وإجبارها على التراجع إلى حدود 100 كلم، وهو موقف يعكس الوضع الصعب الذي أنتجته سياسة التورط في الأزمات المتعددة. كما أنه يعطي صورة حقيقية عن قدرة طهران على تنفيذ تهديداتها لأمن المضائق سواء مضيق هرمز أو باب المندب.
ويشعر الإيرانيون بالعجز بعد فشل مسعاهم في تحويل الصراع مع واشنطن إلى صراع أميركي أوروبي حول المصالح. ورغم أن دولا بارزة مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا تعلن عن نقدها للعقوبات الأميركية التي لا تراعي مصالحهم، إلا أن الشركات الكبرى التابعة لهذه الدول لم تنسق وراء الموقف السياسي وبدأت بالانسحاب خوفا من أن تشملها العقوبات.
وقال متحدثون باسم الحكومة الألمانية، الأربعاء، إن العقوبات الأميركية التي تستهدف إيران تنتهك القانون الدولي، وإن ألمانيا تتوقع أن تراعي واشنطن المصالح الأوروبية عندما تفرض مثل هذه العقوبات.
وتعهد الاتحاد الأوروبي، الاثنين، بالتصدي للعقوبات التي أعاد ترامب فرضها على طهران. وبدأ سريان العقوبات رغم كل المناشدات بوقفها، أو تضمينها بعض الاستثناءات والإعفاءات.
وقالت وزارة الخارجية الصينية أمس إن بكين تعارض دوما العقوبات أحادية الجانب و”سياسة الذراع الطويلة”.
وأضافت “التعاون التجاري الصيني مع إيران منفتح وشفاف ونزيه ومشروع ولا ينتهك أيا من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”، وأنه “يتعين احترام حقوق الصين المشروعة”.

العرب