اسطنبول- تعلن تركيا الاثنين مجموعة من التدابير سعيا لطمأنة الأسواق بعد انهيار الليرة، فيما يتهم رئيسها رجب طيب أردوغان واشنطن بتدبير “مؤامرة سياسية” ضد بلاده.
وأعلن البنك المركزي التركي الاثنين أنه سيتخذ “كل التدابير الضرورية” لضمان الاستقرار المالي، في وقت يسجل هبوط حاد في قيمة الليرة التركية.
وأكد البنك المركزي أنه سيوفر “كل السيولة الضرورية للمصارف” في وقت تسارع تراجع الليرة التركية في الأيام الأخيرة إلى مستويات تاريخية على خلفية التوتر مع واشنطن.
وقرر البنك خفض نسب متطلبات احتياطي الليرة بالنسبة للبنوك التجارية لدى البنك المركزي بمقدار 250 نقطة أساس لجميع فترات الاستحقاق. وأشار إلى أن هذه الإجراءات ستوفر حوالي 10 مليارات ليرة و6 مليارات دولار وما يعادل 3 مليارات دولار من الذهب. في الوقت نفسه أشار البنك المركزي إلى إمكانية استخدام العملة الأوروبية الموحدة اليورو لمقابلة احتياطيات الليرة إلى جانب الدولار الأميركي.
يأتي ذلك فيما تراجعت الليرة التركية في الأسواق الآسيوية الاثنين إلى مستوى قياسي جديد بعد أن كانت قد فقدت أكثر من 20% من قيمتها الجمعة في ختام تعاملات الأسبوع الماضي. وجرى تداول العملة التركية بأكثر من 7 ليرات لكل دولار و8 ليرات لكل يورو.
مؤامرة
وفقدت الليرة حوالي 50% من قيمتها منذ بداية العام الحالي في ظل المخاوف بشأن قوة الاقتصاد التركي وتصاعد الخلاف بين واشنطن وأنقرة على خلفية اعتقال تركيا لقس أميركي بتهمة المشاركة في محاولة الانقلاب الفاشلة.
وجاء تراجع العملة التركية الاثنين بعد أن أرجع أردوغان انخفاض قيمة عملة بلاده إلى مؤامرة تستهدف الإطاحة به وترتبط بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في صيف 2016.
وقال أردوغان أمام اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في إقليم طرابزون على ساحل البحر الأسود الأحد “ما لم يستطيعون تحقيقه بالانقلاب والتحريض يحاولون تحقيقه بالمال”.
يأتي ذلك فيما دخلت الرسوم الأميركية الجديدة على منتجات الصلب التركية بنسبة 50% وعلى منتجات الألومنيوم بنسبة 20% حيز التطبيق الاثنين، بعد إعلان دونالد ترامب مضاعفة الرسوم المفروضة على منتجات الصلب والألومنيوم التركية الجمعة الماضي في رسالة عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
خطة عمل
وقال وزير المال التركي براءة البيرق، وهو صهر الرئيس، في مقابلة أجرتها معه صحيفة “حرييت” إن “مؤسساتنا ستتخذ التدابير الضرورية اعتبارا من الاثنين لتخفيف الضغط عن الأسواق”.
وتابع “وضعنا خطة عمل لمصارفنا وللشركات الصغرى والوسطى، وهي القطاعات الأكثر تضررا جراء التقلبات الحالية في العملة” مؤكدا “كما سبق وقلت، كل خططنا جاهزة” للتحرك واتخاذ تدابير حيال الوضع الراهن.
ولا يعتزم اردوغان تقديم أي تنازلات وقال خاطبا في أنصاره المتجمعين في طرابزون على البحر الأسود (شمال شرق) “هدف هذه العملية هو استسلام تركيا في جميع المجالات من المالية وصولا الى السياسية. ونحن نواجه مرة أخرى مؤامرة سياسية. وبإذن الله سنتغلب عليها”.
وتوعد بأنه إن كانت واشنطن على استعداد للتضحية بعلاقتها مع أنقرة، فإن تركيا سترد بـ”التحول إلى أسواق جديدة، وشراكات جديدة وتحالفات جديدة ضد من شن حرباً تجارية على العالم بأكمله وشمل بها بلدنا”.
وأضاف أردوغان الذي عمل في السنوات الأخيرة على تعزيز علاقاته مع دول من أميركا اللاتينية إفريقيا وآسيا “البعض يغلق الأبواب والبعض الآخر يفتح أبواباً جديدة”.
وألمح إلى أن التحالف برمته بين تركيا التي انضمت إلى الحلف الأطلسي عام 1952 بدعم أميركي، والولايات المتحدة على المحك. وتستضيف تركيا قاعدة أميركية كبيرة في مدينة إنجرليك في جنوب البلاد، تستخدم حاليا مركز عمليات في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.
التحالف على المحك
وتأخذ تركيا على الولايات المتحدة الدعم الذي تقدمه لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية، وتعتبرها أنقرة “إرهابية”.
وقال أردوغان “لا يسعنا سوى أن نقول وداعا لكلّ من يقرر التضحية بشراكته الاستراتيجية وبنصف قرن من التحالف مع بلد عدد سكانه 81 مليونا، من أجل علاقاتها مع مجموعات إرهابية”. وتابع “هل تجرؤون على التضحية بتركيا البالغ عدد سكانها 81 مليونا من أجل قس يرتبط بجماعات إرهابية؟”.
وتطالب الولايات المتحدة بالإفراج الفوري عن القس الذي يواجه عقوبة بالسجن لفترة تصل إلى 35 عاما، فيما تطالب تركيا بتسليمها الداعية فتح الله غولن المقيم منذ نحو عشرين عاما في الولايات المتحدة والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب في يوليو 2016.
العرب