طهران – بدا علي خامنئي المرشد الأعلى في إيران حريصا على إظهار أن اقتصاد بلاده واقع تحت تأثير الفساد وسوء الإدارة مستنجدا بالقضاء لمواجهة “مخربي الاقتصاد”، في خطوة قال مراقبون إن الهدف منها جعل الإيرانيين يعتقدون بأن الأزمة التي يعيشها اقتصاد بلادهم والتي ستتعقد بمرور الوقت هي أزمة أصلية وليست طارئة، وذلك حتى لا تفهم على أنها نجاح للعقوبات الأميركية التي بدأت منذ أسبوع.
وقال خامنئي في خطاب ألقاه في طهران، وفق تصريحات نشرت على صفحته الرسمية في موقع تويتر، إن “خبراء الاقتصاد والعديد من المسؤولين يعتقدون أن سبب هذه المشكلة ليس خارجيا بل هو داخلي. لا يعني ذلك أن لا تأثير للعقوبات، لكن العامل الرئيسي يكمن في كيفية تعاطينا معها”. وأشار بالتحديد إلى انهيار الريال الإيراني الذي فقد نحو نصف قيمته منذ أبريل.
وأضاف “إذا تحسن أداؤنا وأصبح أكثر حكمة وفعالية وفي وقته المناسب، لن يكون للعقوبات هذا القدر من التأثير، لأمكن مقاومتها”.
واعتبر مراقبون أن الإيرانيين يعرفون حجم الفساد في الإدارة والاقتصاد، لكن الجديد هو اعتراف “مرشد الثورة” بأن الحكم الذي يديره، على أساس أنه يستمد قوته من كونه حكما دينيا، حكم فاسد، ما يطرح تساؤلات حول صمت خامنئي على الفساد طيلة 40 عاما من حكم الثورة، فضلا عن مشروعية “تصدير الثورة” إذا كانت قد أفضت في البلد الأم إلى إنتاج الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة.
وأشار هؤلاء إلى أن هذه التصريحات قد تزيد من حدة الاحتجاجات الاجتماعية، وتعطيها مشروعية أقوى طالما أن المرشد نفسه اعترف بتفشي الفساد، والجرائم الاقتصادية المختلفة، وسوء الإدارة، وهي عناصر أساسية يثور عليها الشارع الإيراني.
وشهدت البلاد تظاهرات وإضرابات واسعة خلال الأسابيع الأخيرة احتجاجا على ارتفاع الأسعار والبطالة وطريقة إدارة الاقتصاد.
ورغم تجدّد العقوبات الأميركية، إلا أن العديد من الإيرانيين، بينهم شخصيات من أعلى المستويات في النظام، يعتبرون أن واشنطن فاقمت المشكلات القائمة أصلا في إيران.
وقبل أسبوعين، ووفق رسالة مفتوحة نشرتها وكالة تسنيم الإخبارية المحافظة، دعا قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري الرئيس الإيراني إلى القيام “بتحركات ثورية للسيطرة على الأسعار ومنع الزيادة الكبيرة في أسعار العملات الأجنبية والذهب”.
لكن خامنئي انتقد المحافظين الذين دعوا إلى استقالة الرئيس حسن روحاني قائلا إنهم “يقعون في شرك العدو” دون قصد.
وأضاف “على الحكومة البقاء في السلطة وأداء مهامها بشكل قوي لحل المشكلات”.
وشملت استراتيجية السلطات الإيرانية بشكل جزئي محاولة التحرك ضد الفساد. وأعلن القضاء الإيراني، الأحد، توقيف 67 شخصا ومنع مئة موظف حكومي من مغادرة البلاد في إطار حملة أمنية واسعة.
وصادق خامنئي على طلب من رئيس القضاء صادق لاريجاني لإنشاء محاكم ثورية خاصة لمحاكمة المتهمين في جرائم اقتصادية بشكل سريع.
ومع تآكل الاتفاق النووي، يجد روحاني نفسه في موقف ضعيف بعد خمس سنوات في السلطة في وقت تنهال عليه الضغوط من كل صوب.
ورغم تعهّد باقي الأطراف الموقعة على الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا) بمواجهة العقوبات الأميركية، إلا أن العديد من الشركات الأجنبية بدأت بالتخلي عن مشاريع في إيران خشية من أن تطالها العقوبات.
وقالت واشنطن إن فرصة طهران الوحيدة لتجنب العقوبات هي قبول عرض ترامب للتفاوض على اتفاق نووي أكثر صرامة. ورفض مسؤولون إيرانيون بالفعل العرض من قبل لكنها المرة الأولى التي يعلق فيها خامنئي نفسه علنا على الأمر، حين أكد أن “انسحاب أميركا من الاتفاق النووي برهان واضح على أن أميركا لا يمكن الوثوق بها”.
ويتوقع حدوث انخفاض كبير في مبيعات النفط عندما تعيد الولايات المتحدة تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات في نوفمبر حيث يتوقع بعض المحللين تراجع مبيعات النفط الإيراني بنحو 700 ألف برميل يوميا من مستوياتها الحالية التي تقارب 2.3 مليون برميل يوميا.
وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية إرنا، الاثنين، أن إيران خفّضت أسعار مبيعاتها من النفط والغاز لعملاء آسيويين في محاولة للمحافظة على المبيعات.
وجاءت تصريحات خامنئي عبر تويتر في أعقاب خطاب ألقاه في طهران وصف خلاله عرض ترامب لإجراء محادثات بأنه “لعبة خطيرة” وبأن إدارته عبارة عن “نظام ترهيب محتال”.
العرب