بعد انتظار نحو ثلاثة أشهر أعلنت مفوضية الانتخابات في العراق النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية التي أجريت في 12 مايو/أيار المنصرم، بعد أن اضطرت إلى إعادة فرز يدوي للأصوات داخل العراق وخارجه.
ورغم أن النتائج المعلنة لم تحمل تغييرات كبيرة في خريطة القوى التي أظهرت النتائج الأولية تقدمها، فإنها حملت دلالات على مدى قوة تأثير هذه القوى السياسية ونفوذها في الدولة العراقية، كما يقول الكثيرون.
وقد أطاحت النتائج الأولية والنهائية بالعديد من المسؤولين والنواب الذين كان يتوقع صعودهم مرة أخرى، مثل رئيس البرلمان سليم الجبوري ومحمد الكربولي وحنان الفتلاوي وعلي العلاق وغيرهم.
ويقول النائب الفائز عن محافظة بغداد أحمد المشهداني إن النتائج الأولية رافقتها حملة تشكيك وتخوين كبيرة قادها بعض الخاسرين في الانتخابات من نواب وكتل سياسية، وكان من المتوقع أن تعلن النتائج بعد ساعات استنادا إلى أجهزة التصويت الإلكترونية.
لكن ما حدث من عمليات حرق للصناديق في رصافة بغداد والاعتراضات على نتائج محافظة كركوك، وبسبب تقريري اللجنتين الوزارية والنيابية عن حدوث خروقات أثناء التصويت دفع إلى اعتماد الفرز اليدوي، من أجل التأكد من صحة النتائج.
ويؤكد النائب أن التوقعات كانت تشير إلى حدوث تغيير في النتائج النهائية بنسبة 40% على الأقل، لكن ذلك لم يحصل، مطالبا بإجراء مزيد من التحقيقات حول التجاوزات التي حصلت من أجل عدم تكرارها، ومحاسبة المسؤولين عنها.
اعتراضات وطعون
وقد جاء في المركز الأول بحسب النتائج تحالف “سائرون” الذي يمثل ائتلافا بين التيار الصدري والشيوعيين بـ 54 مقعدا، في حين حل تحالف “الفتح” الذي يتزعمه هادي العامري في المركز الثاني بـ 48 مقعدا، ثم قائمة رئيس الوزراء حيدر العبادي والوطنية بزعامة علاوي في المركزين الثالث والرابع.
ورغم عدم حصول تغييرات كبيرة في النتائج الأولية، فإن بعض المرشحين خسروا مقاعدهم لصالح قوائم أخرى، كما حصل مع المرشح عن قائمة تحالف بغداد محمود القيسي، الذي أعلنت المفوضية فوزه في البداية، لكن إعادة الفرز سلبت منه مقعده لصالح مرشح آخر في تحالف الفتح.
يقول القيسي للجزيرة نت إنه حصل على 5269 صوتا من أغلب مدن ومناطق العاصمة بغداد ومن كافة المكونات، وبعد الإعلان الأولي للنتائج والضجة التي أثيرت حول “مزاعم” التزوير أعيد العد والفرز اليدوي ليضاف إلى أصواته 61 صوتا، فبلغ مجموعها 5330 صوتا.
وأضاف أن “قائمة تحالف بغداد حصلت على ما مجموعه 600 صوت إضافي، لكننا تفاجأنا بسحب 800 صوت من القائمة، وبدلا من حصولنا على أربعة مقاعد أصبحت ثلاثة، وذهب المقعد إلى تحالف الفتح، وكان من نصيبي بعد أن حصلت على المركز الثالث في القائمة”.
ويتهم القيسي مفوضية الانتخابات بالمسؤولية عما حدث، لأنها المعنية بالحفاظ على أصوات المرشحين، متسائلا عن مصير الأصوات الإضافية التي حصل عليها بعد إعادة العد والفرز، في الوقت الذي أكدت فيه المفوضية عدم إلغاء أية محطة في بغداد.
ويستغرب البعض من ذهاب مقاعد تابعة لكتل معينة إلى قوائم أخرى دون تغيير في محطات وصناديق الاقتراع، لأن النتائج التي أعلنت بعد العد والفرز اليدوي كانت متطابقة تقريبا ولم يحدث فيها أي تغيير، وإن حصل فداخل القائمة نفسها بين مرشحيها أنفسهم.
“الأكثر تزويرا”
ويرى الكاتب الصحفي ماجد الأسدي أن ما دفع مفوضية الانتخابات إلى إعادة عد الأصوات وفرزها هو حجم ما تكشف من عمليات تزوير واسعة في العديد من المحافظات، وثق بعضها بصور ومقاطع فيديو انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أن اعترافات بعض المشاركين في الانتخابات بوجود صفقات لصعود نواب وكتل مقابل صفقات مالية كبيرة، أحرج المفوضية ودفعها إلى اتخاذ هذه الخطوة.
ويضيف الكاتب الذي ساهم في تغطية عمليات الاقتراع في مناطق عدة من بغداد على مدى دورات انتخابية سابقة أن هذه الانتخابات هي الأكثر إثارة للجدل منذ عام 2003، ولم يسبق أن حصلت عمليات تزوير مشابهة بهذا الحجم.
المصدر : الجزيرة