طهران – تستعيد السلطات الإيرانية أسلوبها القديم في تخويف الإيرانيين من المؤامرة الخارجية مع اقتراب موعد الرابع من نوفمبر ودخول مرحلة العقوبات الأميركية المشددة. لكن الشارع الإيراني لا يبدو واقعا تحت تأثير نظرية المؤامرة مثلما كان يحدث في السابق، وذلك مع توسع دائرة الاحتجاج واستمرار المواطنين في المطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية.
ودعا الرئيس الإيراني حسن روحاني، السبت، إلى التكاتف في وجه الانتقادات من جميع الأطراف والتركيز على مجابهة الأزمة الاقتصادية والتوتر مع الولايات المتحدة.
وقال روحاني في خطاب متلفز عند ضريح آية الله الخميني “ليس الوقت الآن مناسبا لأن نلقي العبء على كاهل آخرين. يجب أن نمدّ يد العون لبعضنا البعض”.
وأضاف أن حلّ “مشكلات البلاد والتصدي لمؤامرات الأجانب مسؤولية كل واحد منا”.
ويقول متابعون للشأن الإيراني إن خطاب الثورة لم ينجح في إسكات الاحتجاجات. كما فشلت جهود السلطات في توظيف سلطة المرشد الأعلى علي خامنئي، ولم يبق سوى التخويف من المؤامرة الخارجية.
ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانهيار العملة وإعادة فرض عقوبات أميركية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، يشعر الكثير من الإيرانيين بالاستياء. كما أن روحاني فقد بريقه خاصة بعد أن بان للإيرانيين بشكل لا لبس فيه أن الرئيس واقع تحت تأثير المتشددين.
وغالبية قاعدة روحاني الانتخابية بين الإصلاحيين في المدن فقدت ثقتها به فيما مناطق الطبقات العاملة تشهد منذ أشهر إضرابات واحتجاجات متقطعة تخللتها في بعض الأحيان أعمال عنف.
وبعض أشد الانتقادات جاءت من المؤسسة الدينية المتشددة التي طالما عارضت جهود روحاني لإعادة بناء علاقات مع الغرب.
وفي 16 أغسطس انتشرت صورة لتظاهرة لطلاب حوزة في قم رفعت فيها لافتة تحذر روحاني من أنه سيلقى نفس مصير الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني الذي عثر عليه ميتا في بركة سباحة، العام الماضي.
وسعى روحاني إلى التقليل من أهمية الاختلافات قائلا “لا أحد يمكنه أن يمشي في البحر ولا يتوقع أن تتبلل قدماه”.
ولا يزال روحاني يحظى بدعم المرشد الأعلى الذي قال إنه يتعين أن يبقى روحاني في منصبه لمنع المزيد من الفوضى. لكن خامنئي ألقى باللوم أيضا على سوء إدارة الحكومة أكثر من عداء جهات أجنبية، في الأزمة الحالية.
وقال “إننا مدركون لمعاناة الشعب وكل جهودنا منصبة على اتخاذ خطوات لتخفيف تلك المشكلات”.
l
ويضيق هامش المناورة أمام الرئيس الإيراني في مواجهة العقوبات الأميركية، خاصة أنه فشل إلى حد الآن في الحصول على دعم قوي من الدول الأوروبية التي لا تزال مواقفها متذبذبة بين الحفاظ على مصالحها في إيران وبين الخوف من ردة فعل إدارة الرئيس ترامب.
وقال الممثل الأميركي الخاص لإيران بريان هوك إن القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي بمنح مساعدات تنمية قيمتها 20.7 مليون دولار لإيران يبعث “رسالة خطأ في توقيت خطأ” وحث بروكسل على التعاون مع واشنطن للمساعدة على إنهاء تهديدات إيران للاستقرار العالمي.
وقال هوك في بيان إن “المساعدة الخارجية من دافعي الضرائب الأوروبيين ترسخ قدرة النظام على تجاهل احتياجات شعبه ويكبت إجراء تغييرات سياسية جادة”.
واستهدف القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي، الخميس، بتقديم مساعدات قيمتها 18 مليون يورو (20.7 مليون دولار) تعويض تأثير العقوبات الأميركية مع محاولة الدول الأوروبية إنقاذ الاتفاق المبرم عام 2015 والذي يحدّ من طموحات طهران النووية.
وسحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو الماضي وأعاد فرض عقوبات على طهران حتى مع محاولة الأطراف الأخرى في الاتفاق إيجاد سبل لإنقاذه.
ويموّل الاتحاد الأوروبي حزمة أوسع تبلغ قيمتها 50 مليون يورو مخصصة في ميزانية الاتحاد لإيران التي هددت بوقف الالتزام بالاتفاق النووي إذا لم يحقق لها المزايا الاقتصادية المتعلقة برفع العقوبات.
وتضغط الولايات المتحدة على الدول الأخرى للالتزام بالعقوبات.
وقال هوك إن “توافر قدر أكبر من الأموال في يد آيات الله يعني مزيدا من الأموال للقيام باغتيالات في كل تلك الدول الأوروبية”، مضيفا أن هذا القرار “يبعث برسالة خطأ في توقيت خطأ”.
العرب