تركيا تكافح لتخفيف أزماتها عبر مطار إسطنبول الجديد

تركيا تكافح لتخفيف أزماتها عبر مطار إسطنبول الجديد

شكك محللون بالنتائج الاقتصادية التي تنتظرها الحكومة التركية الغارقة في أزماتها من افتتاح مطار إسطنبول الجديد. وطرحوا أسئلة حرجة بشأن ما إذا كانت ستخفف الأزمات الاقتصادية مراكمة أعباء أخرى إضافية.

وينطوي مشروع المطار مثل عدة مشاريع استراتيجية أخرى يفاخر بها الرئيس رجب طيب أردوغان مثل الجسور المعلقة ونفق تحت مضيق البوسفور، على مخاطر شديدة بسبب عدم الاستناد إلى دراسات رصينة للجدوى الاقتصادية وميلها إلى الحمى الدعائية.

وتشير البيانات إلى أن تكلفة بناء المطار الجديد تجاوزت 11.7 مليار دولار. وتكمن انعكاسات انحدار الليرة في اقتراض نحو 6.7 مليار دولار، كانت تعادل 18 مليار ليرة عند اقتراضها قبل 3 أعوام، أما اليوم فإنها تعادل 40 مليار ليرة.

ويفرض التمويل الكبير المعتمد أساسا على الاقتراض في تمويل بناء المطار العملاق، انتظار عوائد كبيرة ومتواصلة لكي يخرج المشروع بالحد الأدنى من التوازن أو عدم تسجيل خسائر تفاقم أعباء الديون.

وتشير مؤشرات الإقبال الضعيف على تنظيم الرحلات التي تمر عبر المطار إلى أنه سيواجه أفقا قاتما من اليوم الأول لافتتاحه الرسمي وتسيير رحلات الخطوط التركية من المطار في 31 أكتوبر المقبل.

وكان أردوغان على متن أول رحلة رسمية في 21 يونيو الماضي، في خطوة بدت دعائية للانتخابات الرئاسية التي جرت في 24 يونيو، إلا أن الشكوك تحاصر الآمال المفرطة التي تعقدها حكومة أردوغان على “مشروع القرن”.

ونقلت وكالة الأناضول عن المدير العام للخطوط التركية، بلال أكشي قوله إن افتتاح المطار سيزيد المنافسة بين شركات الطيران وسيؤدي لانخفاض نسبي في أسعار التذاكر.

وأضاف أن نسبة نمو أعمال الشركة تجاوزت 10 بالمئة منذ عام 2003 وإن مطار إسطنبول الجديد سوف يعزز قدرات تركيا في مجال النقل الجوي ويرفع أرقام النمو.

وتحاول حكومة أردوغان من خلال المشروع منافسة المطارات الخليجية العملاقة كمحطة توقف (ترانزيت) بين أوروبا وجنوب وشرق آسيا وأستراليا، لكن موقع إسطنبول القريب من أوروبا لا يجعل المطار محطة مثالية.

وتفضل شركات الطيران التوقف في محطة في منتصف المسافة، ما يجعل المطارات الخليجية محطة مثالية لتلك الرحلات ويقوض قدرة مطار إسطنبول على المنافسة.

وتقول المؤسسات المالية العالمية إن حمى البناء دون خطط مالية رصينة هي أحد الأسباب الرئيسية لأزمة الاقتصاد التركي الحالية، والتي كانت تمثل نحو 20 بالمئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلاد وتوظف مليوني شخص خلال السنوات الأخيرة.

وتشير الإحصاءات الحكومة إلى أن ما يصل إلى 90 بالمئة من تمويل الشركات العقارية التركية جاء من قروض بالعملات الأجنبية، وهو ما يعني أن تلك الشركات سقطت في حفرة عميقة بعد انهيار العملة التركية.

وكانت الشركات تعاني انخفاض الليرة المستمر بإيقاع بطيء منذ نحو 3 أعوام، لكن معاناتها اتسعت بدرجة غير مسبوقة بعد المواجهة بين واشنطن وأنقرة بسبب استمرار احتجاز القس الأميركي أندرو برانسون بتهم تتعلق بالإرهاب.

ويقول نيهات غولتكين، المحافظ السابق للبنك المركزي التركي “إن تمويل الدولة لا يختلف في الواقع عن التمويل الشخصي. إذا اقترضت المال للتفاخر، فسوف يأتي يوم يطاردك فيه الدائنون حين تكون الديون بالعملات الأجنبية فإن أعباءها ستكون مضاعفة بعد انهيار الليرة”.

وتحاول الخطوط التركية توسيع رحلاتها إلى أفريقيا، لكن موقع المطار لا يجعلها محطة مناسبة لأنه ليس على طريق الرحلات بين الدول الكبرى وقارة أفريقيا. ويجعل الرحلات أطول وأكثر كلفة.

ويعطي الموقع الجغرافي للمطارات الخليجية ميزة إضافية لاستقطاب الرحلات من الشرق الأقصى إلى أفريقيا لأنها تتوسط مسار تلك الرحلات أيضا.

وأشار مدير عام الخطوط التركية إلى أن أول رحلة داخلية من مطار إسطنبول الجديد ستكون إلى أنقرة، فيما ستكون أول رحلتين خارجيتين إلى قبرص التركية وأذربيجان.

وأكد أن الخطوط التركية ستبدأ انتقالها من مطار أتاتورك إلى المطار الجديد اعتبارا من يوم 31 أكتوبر.

ويمتد المطار الثالث على مساحة 76 مليون متر مربع وستكون لديه ستة مدارج مستقلة تصل طاقتها الاستيعابية إلى 500 طائرة في وقت واحد ويمكنها خدمة 3500 طائرة يومياً.

وأفاد مسؤولون بأن 78 بالمئة من العمل في المطار قد اكتمل. ومع ذلك، فقد أعرب حارس أمن في موقع بناء المطار، عن شكوكه في ما إذا كان سيتم الانتهاء من المطار في الوقت المحدد.

ويتساءل الكثير من الأتراك عن موجبات بناء هذا المطار الضخم رغم التحديات والاعتراضات. ويرى الخبراء أنه كان بالإمكان جعل مطار أتاتورك، أكثر فاعلية بدلا من بناء مطار جديد.

العرب