بدعوى تيسير الحركة التجارية بين المواطنين، أعلنت الحكومة المصرية أنها تدرس إصدار فئة جديدة من العملة بقيمة “2 جنيه”.
وقال وزير المالية المصري محمد معيط إن مسؤولين في وزارته يبحثون إصدار الفئة الجديدة من العملة، مشيرا إلى وجود عملات من الفئة نفسها في تعاملات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وروّجت وسائل إعلام مصرية محسوبة على السلطة لإصدار فئة العملة الجديدة تحت شعار زيادة معدل السيولة فى الأسواق من الفئات المعدنية المساعدة، والقضاء على مشكلة توافر الفكة.
مقابل ذلك يرى مراقبون في الخطوة الحكومية مؤشرا لانخفاض القيمة الشرائية للجنيه، باعتباره سيصبح أقل فئة نقدية مما سيؤدي إلى عجز الموازنة وارتفاع أسعار السلع.
ارتفاع الأسعار
وتعليقا على ذلك يقول خالد الذي يعمل في محل صرافة إنه لا يثق في أي إجراء حكومي يخص المشكلة الاقتصادية أو التداول النقدي، مضيفا أن إصدار فئة جديدة من العملة سيبخس قيمة الجنيه.
وتوقع ارتفاع سعر السلعة أو الخدمة التي قيمتها جنيه واحد لتصبح بجنيهين، وأن يصبح مصير الجنيه مثل الـ25 قرشا والنصف جنيه، أي أنه “سينتهي”.
واستبعد خالد انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار إذا ما تم طرح فئة الجنيهين في الأسواق، مشيرا إلى عوامل أخرى تؤدي لتدهور قيمة العملة المحلية كانخفاض الاحتياطي النقدي وانخفاض معدلات التصدير مقابل الاستيراد.
وساور الشك نفسه مصطفى كاظم -الذي يعمل مدرسا- حيث تساءل مستنكرا “كيف سيحل الجنيهان مشكلة الفكة؟”.
وقال إن السلطة تُقدم كل فترة على إجراء يتسبب في زيادة المعاناة الاقتصادية على المواطن، متمنيا التأني في مسألة دراسة إصدار الفئة الجديدة من العملة وبحث تداعياتها جيدا.
وكانت مصر اتخذت قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وأعلن البنك المركزي مطلع الأسبوع الجاري ارتفاع الدين الخارجي إلى مستوى قياسي، حيث وصل إلى نحو 88.1 مليار دولار في مارس/آذار الماضي، بينما كان الدين الخارجي في مارس/آذار 2013 نحو 38 مليار دولار.
انهيار الجنيه
من جهته، اعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية الدكتور مصطفى شاهين أن الإقدام على إصدار فئة جديدة من العملة بمثابة مؤشر لتدهور الجنيه المصري.
وأوضح أن عدة دول لجأت إلى إصدار فئات جديدة من العملة مع انهيار اقتصادها، كدولة زيمبابوي التي وصل بها الحال لإصدار عملة لفئة تريليون دولار زيمبابوي.
وتوقع شاهين -في حديثه للجزيرة نت- ارتفاع أسعار السلع مع إصدار فئة الجنيهين وزيادة عجز الموازنة العامة للدولة، مشيرا إلى أن انهيار العملة نتيجة طبيعية لزيادة كمية النقود في الأسواق، “فالحكومة تضخ كميات من النقود دون إنتاج”.
واستبعد أستاذ الاقتصاد انخفاض الجنيه أمام الدولار حال إصدار فئة الجنيهين، متوقعا في الوقت نفسه انهيارا جديدا للعملة المحلية في وقت لاحق مع تفاقم أزمة الاقتراض.
وكان صندوق النقد الدولي وافق في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 على منح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار على ست شرائح، مقابل تنفيذ الحكومة المصرية برنامج إصلاح اقتصادي يفرضه الصندوق.
ولكن هل يمكن أن يكون إصدار فئة جديدة من العملة حلا لمشكلة السيولة النقدية؟
يجيب الخبير الاقتصادي الدكتور أشرف دوابة على ذلك بعدم وجود رابط بين تدفق السيولة وإصدار عملة جديدة، وقال في حديث للجزيرة نت إن استخدام وحدات أكبر من الجنيه دليل مباشر على انخفاض القوة الشرائية له.
وأضاف أن السوق سيتعامل مع الفئة الجديدة بأقل من قيمتها، أي باعتبارها جنيها، وهو ما يعني ارتفاعا جديدا في الأسعار.
لكن الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب، رأى في إجراء وزارة المالية أمرا طبيعيا ولا يؤثر على ارتفاع الأسعار.
وقال إن “العملة قديما كانت القرش، ثم صدر بعدها القرشان، ثم صدرت فئة العشرين قرشا و25 قرشا”، مضيفا أن إصدار فئة الجنيهين يعني أن الجنيه أصبح أصغر وحدة نقدية في مصر.
واستبعد عبد المطلب أن يكون إصدار فئة جديدة من العملة دليلا على انخفاض قيمة الجنيه، بل رجح الخبير الاقتصادي أن ذلك ربما يقلل من نسب الارتفاع في الأسعار.
وأوضح أنه “في بعض الأوقات تكون نسبة زيادة السلعة 25 قرشا فقط، فيستسهل البائع ويرفعها إلى جنيه، ولكن مع إصدار الجنيهين سيكون ذلك صعبا”.
وحول آليات إصدار فئة الجنيهين، أوضح الخبير الاقتصادي أن البنك المركزي مسؤول عن طبع العملات الورقية، أما وزارة المالية فهي المعنية بإصدار العملات المعدنية فقط، مما يعني أنها ستكون مخولة بإصدار الفئة الجديدة.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن تصدر وزارة المالية فئة الخمسة جنيهات والعشرة جنيهات، “ولكن هذا لن يكون في وقت قريب”.
المصدر : الجزيرة