إسطنبول – قللت أوساط تركية من إعلان أنقرة تصنيف هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) كتنظيم إرهابي، مشددة على أن تركيا ستعمل على إفراغ الهيئة من مسلحيها وإدماجهم ضمن الجماعات التابعة لها، على أن تتولى نشر قائمة مطلوبين تضم أسماء بعض القيادات المعروفة، في مسعى للتغطية على خطة الإدماج.
وقالت هذه الأوساط إن الهدف من هذه المناورة هو محاولة تبرئة ساحة أنقرة من وجود علاقة مع الجماعات المصنفة إرهابية دوليا، وخاصة استرضاء الولايات المتحدة في قمة الأزمة بينهما بشأن القس الأميركي المحتجز في تركيا أندرو برانسون.
وأفاد مرسوم صدر عن الرئاسة التركية ونشر، الجمعة، أن أنقرة صنفت هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية، وذلك في خطوة اعتبر مراقبون أنها جاءت متأخرة كثيرا، وأن لا أهمية سياسية لها في وقت حسمت فيه روسيا والرئيس السوري بشار الأسد أمر الهجوم على إدلب.
ومن الواضح أن تركيا تريد من خلال تصنيف “النصرة” ككيان إرهابي إظهار حسن نواياها تجاه روسيا التي تتمسك بتفكيك هيئة تحرير الشام.
لكن مراقبين يقولون إن تركيا تريد تفكيك الهيئة مقابل أن تبقى إدلب تحت سيطرة المعارضة الموالية لها، بمن فيها المقاتلون المتشددون الذين يجري تعويمهم وإدماجهم في مجموعات “معتدلة”، وهو أمر لا تقبل به روسيا التي تعمل على تمكين الرئيس بشار الأسد من السيطرة على جميع الأراضي السورية.
وتطلب روسيا من تركيا، صاحبة النفوذ في إدلب إيجاد حل لإنهاء وجود هيئة تحرير الشام، وبالتالي تفادي هجوم واسع على محافظة إدلب.
وحرصت روسيا على تأكيد أن الهدف المرحلي من الهجوم هو تفكيك النصرة وليس التشكيلات المعارضة التي تتمركز في المحافظة بعد استعادة الغوطة ودرعا.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم، السبت، إن بلاده لا تتطلع لمواجهة مع تركيا لكن على الأخيرة أن تفهم أن إدلب مدينة سورية.
وأضاف المعلم أن الرئيس السوري أكد على أولوية تحرير إدلب سواء بالمصالحات أو بالعمل العسكري.
وكان نشطاء سوريون معارضون أكدوا أن المفاوضات جارية بين المخابرات التركية والهيئة المرتبطة بتنظيم القاعدة، بشأن حلّ نفسها.
وطالما شكلت هيئة تحرير الشام ملفا شائكا في النزاع السوري. وتسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وتُعد خصم دمشق الأساسي فيها.
وتضم الهيئة في صفوفها حاليا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، نحو 25 ألف مقاتل.
ويوضح الباحث في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر أن “حوالي 20 في المئة من مقاتليها من الأجانب”، ويتحدّر هؤلاء بشكل أساسي من الأردن والسعودية وتونس ومصر، فضلا عن دول في جنوب آسيا.
وبرغم انتشارها سابقا في مناطق عدة في البلاد، إلا أنه على وقع تقدم قوات النظام بدعم روسي منذ العام 2015، انحصر مؤخرا تواجد هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب، حيث تسيطر على عدة مدن رئيسية بينها مدينة إدلب، مركز المحافظة، وخان شيخون وجسر الشغور.
كما تسيطر على أبرز المعابر التجارية في إدلب إن كانت تلك التي تربط بين مناطق سيطرة قوات النظام أو تركيا شمالا.
ويقول الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيكولاس هيراس إن نفوذ هيئة تحرير الشام “يعود بشكل كبير إلى كونها تسيطر على الحركة التجارية من وإلى إدلب، والتي تساهم في تمويلها وتمنحها سلطة أكبر من حجمها”.
ويعتبر هيراس أن “من شأن حل الهيئة بأمر من تركيا أن يحرمها من جزء كبير من قوتها، ويعني استبدال حكم هيئة تحرير الشام بحكم تركيا”.
العرب