“الخوف في البيت الأبيض”: ترامب بمواجهة صحافي متمرس

“الخوف في البيت الأبيض”: ترامب بمواجهة صحافي متمرس

الإعلام الأميركي يسجل أهدافا دون رد في مرمى ترامب في المدة الأخيرة، آخر الأهداف أحرزها الصحافي الاستقصائي الأميركي الشهير بوب وودوارد الذي استطاع على مدى العقود الأربعة الماضية أن يتمتع بمصداقية عالية في تحقيقاته. تعامل مع ثمانية رؤساء أميركيين، وتناولت كُتُبه عملية صناعة القرار لدى رؤساء بلاده، ونشر الثلاثاء كتابا بعنوان “الخوف” قد يثير مخاوف كبيرة لترامب.

واشنطن- لم يكن اختيار الصحافي الاستقصائي الأميركي بوب وودوارد لتاريخ الحادي عشر من سبتمبر لنشر كتابه “الخوف.. ترامب في البيت الأبيض” صدفة. فإن اتبعت الحادي عشر من سبتمبر العام 2001، فالحديث سيكون عن ضربة موجعة للولايات المتحدة غيرت ملامح العالم. أما إذا اتبعت بالعام 2018، فسيكون الحديث عما يوشك أن يكون ضربة مؤلمة بالكلمات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اعتاد الفضائح.

وتصدر الكتاب، الذي يبلغ سعره 28.70 دولارا مبيعات موقع أمازون الثلاثاء. ويذكر أن عنوان الكتاب مستمد من تصريحات أدلى بها ترامب في مقابلة مع وودوارد عام 2016، عندما كان مرشحا في انتخابات الرئاسة، حيث قال ترامب إن “القوة الحقيقية تكمن في الخوف”. ومن جانبه، توعد ترامب بالردّ على اتهامات وودوارد له.

وغرّد صباح الإثنين قائلا “كتاب وودوارد نكتة، مجرد اعتداء آخر ضدي ضمن وابل من الاعتداءات، واستخدم الآن مصادر غير معروفة ومجهولة المصدر وغير مثبتة، وقال الكثيرون بالفعل إن الاقتباسات التي يقدمها في الكتاب قصص خيالية.. لذا سأكتب الكتاب الحقيقي!”. وقال وودوارد الاثنين في برنامج تلفزيوني “الأشياء التي فعلها ترامب تعرض الأمن القومي الحقيقي للخطر”.

وبدا أن الرئيس كان يشاهد البرنامج، فكتب في تغريدة على تويتر، منصته المفضلة، “بوب وودوارد كذاب يشبه نائبا ديمقراطيا قبل الانتخابات النصفية.. لقد تم كشف كذبه حتى من قبل أن بي سي “. وفي العام 1974، دفع وودوارد الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون إلى الاستقالة. فجّر بوب وقتها فضيحة ووترغيت.

واليوم، بعد 44 عاما، بوب على وشك أن يدفع الرئيس ترامب إلى الاستقالة، ولكن هذه المرة عبر كتابه “الخوف: ترامب في البيت الأبيض”. وبين نيكسون وترامب، لم يسلم رئيس من تقييم بوب، وصارت شهادة بوب على الفترة الرئاسية هاجسا لكل رئيس، ومادة دسمة لكل إعلامي ومؤرخ.

وحسب موقعه الرسمي فاز وودوارد تقريبا بكل الجوائز الصحافية الأميركية خلال مسيرته، كما فازت صحيفة “واشنطن بوست” بجائزة “بوليتزر” عام 1973 عن عمله مع بيرنشتاين في فضيحة “ووترغيت”، كما كان المراسل الرئيسي لواشنطن بوست لتغطية أحداث 11 سبتمبر التي فازت بجائزة بوليتزر للشؤون الوطنية في عام 2003.

وفي مجال التأليف، شارك وودوارد في تأليف 18 كتابا من الكتب الوطنية التي صنفت في قائمات “الأكثر مبيعا” حيث وصل 12 كتابا لأكثر الكتب مبيعا على المستوى الأميركي.

ووصفت مجلة “ويكلي ستاندارد” وودوارد بأنه “أفضل مراسل في جيله، وربما الأفضل على الإطلاق” في عام 2003، كما وصفه ألبرت هانت من صحيفة “وول ستريت جورنال” بأنه “الصحافي الأكثر شهرة في عصرنا”، وفي عام 2004، قال بوب شيفر من شبكة “سي بي إس نيوز” “لقد أثبت وودوارد نفسه كأفضل مراسل في عصرنا، قد يكون أفضل مراسل في كل العصور”.

ووصف جين روبرتس المحرر الإداري السابق لصحيفة “نيويورك تايمز”، تغطية وودوارد-بيرنشتاين-ووترغيت، “ربما كان أكبر جهد من حيث تقديم التقارير في كل العصور”. وصنف كتابه “كل رجال الرئيس” الذي يروي فضيحة ووترغيت، ضمن قائمة أفضل 100 كتاب، حيث قالت عنه التايم “ربما تكون أكثر الكتب الصحافية تأثيرا في التاريخ”.

ودفع تألق وودوارد في مجال الصحافة الاستقصائية، روبرت جيتس المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية ووزير الدفاع، إلى أن يقول في عام 2014 إنه تمنى لو أنه جند وودوارد إلى وكالة المخابرات المركزية، قائلا “لديه قدرة استثنائية للحصول على معلومات من الأشخاص وقدرته على جعل الناس يتحدثون عن أشياء لا ينبغي أن يتحدثوا عنها (استثنائية) وقد تكون فريدة من نوعها”.

ورغم أن كتابه الجديد لم يأتِ بجديد في توصيف مظاهر الفوضى العارمة في البيت الأبيض والانفلات الطائش لترامب، إلا أنه أتى بتفاصيل دقيقة وموثقة نقلا عن حوارات أجراها وودورد مع العشرات من المصادر المقربة من البيت الأبيض والنافذة أيضا داخل الجناح الغربى به، مركز القرار الأميركي.

ووصف دونالد ترامب في الكتاب الجديد بأنه “الغبي” و”الكاذب” على لسان كبار فريقه، كما أنه “الجاهل” الذي لا يريد أن يعرف. وبالطبع “المتهور” و”الطائش”. وأصبح الكتاب موضع اهتمام أوساط سياسية ودبلوماسية في الولايات المتحدة ودول العالم، خاصة أن مفاجآت ترامب المتتالية سواء لحلفائه أو أعدائه صارت سمة العصر الحالي، كما أن التعامل مع الرئيس الأميركي لم يعد أمرا محدد الملامح لا للأميركيين ولا للآخرين في كل بقاع العالم.

وبحسب قراءة النقّاد الأولية للكتاب، فإن كتاب نجم “واشنطن بوست” التي لا يحبها ترامب، تزامن في مضمونه المحرج مع مقال لا يقل إحراجا، نشرته الصحيفة التي يمقتها، نيويورك تايمز نسبته رئاسة تحريرها إلى “مسؤول رفيع داخل إدارة ترامب” آثر الاحتفاظ باسمه سرا، “كونها أو كونه” مازال على رأس عمله “ويقاوم من الداخل” ترامب.

ولطالما سخر ترامب من وسائل الإعلام ووصفها بأنها تروج “أخبارا كاذبة”، وهاجم الصحافيين واعتبرهم “أعداء الشعب”. وفي أغسطس الماضي أطلقت 300 وسيلة إعلامية حملة ضد ما أسمته “حرب ترامب القذرة ضد الصحافة”.

العرب