لم ينتظر رئيس البرلمان العراقي الجديد، محمد الحلبوسي، المدعوم من قوى سياسية محسوبة على طهران، وقتاً طويلاً، للكشف عن توجهاته بشأن العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، أو تكثيف لقاءاته بقيادات سياسية ومليشياوية، بعد ساعات من انتخابه.
وأشاد محمد الحلبوسي، بـ”الدور الذي تلعبه إيران في العراق”، على حدّ زعمه، مضيفاً خلال تلقيه اتصالاً من رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، أن “الشعب العراقي، وأعضاء البرلمان يقدرون الدعم الإيراني المفتوح للعراق في السابق واليوم، لا سيما المساعدة في تحرير العراق من دنس جماعة داعش الإرهابية”، مشدداً في بيان نقلته وسائل إعلام عراقية على أن “أعضاء البرلمان العراقي يعارضون ممارسة أيّ ضغوط وحظر اقتصادي على الجمهورية الإسلامية الايرانية، ويعتبرونه ظالماً، وسيواصلون وقوفهم الى جانب الشعب الإيراني”، كما دعا لاريجاني لزيارة العراق.
من جهته، قال لاريجاني للحلبوسي إن إيران تتطلع إلى دور رئيس البرلمان العراقي في ظلّ الظروف الحساسة الراهنة، على صعيد ترتيب الأوضاع في العراق.
وبعد إنهاء إدارته الجلسة البرلمانية الأولى، توجه الحلبوسي مباشرة الى منزل رئيس تحالف “الفتح” (الجناح السياسي لمليشيا “الحشد الشعبي”) هادي العامري.
وقال مكتب رئيس تحالف “الفتح” إن “رئيس التحالف استقبل رئيس مجلس النواب المنتخب محمد الحلبوسي، والنائب الأول حسن الكعبي، وعدداً من النواب”، موضحاً في بيان أن العامري تطرق خلال اللقاء إلى أمور عدة، أهمها إعادة هيبة واحترام المؤسسة التشريعية، وإقرار القوانين المهمة والمعطلة، والعمل بروح الفريق الواحد، ومحاربة الفساد من خلال الرقابة الصارمة.
وتطرق العامري أيضاً الى مسألة تقليل رواتب النواب قدر الإمكان، والاهتمام بأزمة البصرة، إلا أن مصدراً سياسياً مطلعاً، نقل عن أحد النواب الذين حضروا اللقاء، قوله إن زيارة الحلبوسي الى العامري “جاءت لتقديم الشكر والامتنان للدعم الذي تلقاه من نواب تحالف الفتح خلال جلسة التصويت عليه رئيساً للبرلمان”، موضحاً لـ”العربي الجديد” أن الحلبوسي تعهد بتقديم دعم مقابل لتحالف العامري خلال مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، وتحديد الأغلبية البرلمانية.
ونقل عن الحلبوسي تأكيده أن إيران “دولة جارة، ولا يمكن السماح لأحد المساس بها حتى وإن كانت أميركا”، مبيناً أنه سيمضي سريعاً بإجراءات اختيار رئيس الجمهورية، ثم رئيس الوزراء الجديد.
في السياق، اعتبر السياسي العراقي، عضو تحالف “القوى الوطنية” السابق، محمد عبد الله، أن ذهاب الحلبوسي لتقديم الولاء للعامري “أمر طبيعي في ظل الدعم الكبير الذي تلقاه من تحالف البناء (تحالف العامري – نوري المالكي – بعض السنّة) ليصبح رئيساً للبرلمان، متوقعاً في حديث لـ”العربي الجديد” أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من التقارب بين العراق وإيران.
وفي هذا الصدد، رأى عبد الله أيضاً أنه “من الطبيعي أن تشهد الأيام المقبلة دعماً من الحلبوسي لتولي مرشح تحالف البناء رئاسة الوزراء”، موضحاً أن الإيرانيين نجحوا بدهاء في امتلاك السلطة التشريعية التي يترأسها السنّة، بعدما عجزوا عن تحقيق ذلك بشكل كامل في الدورات السابقة.
وانتقد عضو تحالف “القوى الوطنية” السابق تأييد رئيس البرلمان العراقي للتصريحات الطائفية التي أدلى بها رئيس كتلة “الفضيلة” في البرلمان عمار طعمة، معتبراً أن تأييد الحلبوسي لها “هو أكبر دليل على ضعفه”.
وكان رئيس كتلة “الفضيلة” في البرلمان العراقي عمار طعمة قد هاجم كلمة لرئيس البرلمان المؤقت الذي قال في مستهلها “بغداد هارون الرشيد والمأمون، بغداد العباسيين”، معتبراً الرشيد والمأمون وصمة عار، ولا يجب ربط بغداد بها، الأمر الذي أثار ضجة داخل البرلمان العراقي، ورد عليه الحلبوسي بالقول إن “وجهة نظرك مقبولة”.
براء الشمري
العربي الجديد