أبوظبي – تسعى دول الخليج إلى وضع مخاوفها جزءا رئيسيا على أجندة أي مفاوضات للتوصل إلى حل مع إيران، خاصة في ضوء ارتباك السياسة الأميركية والتصريحات المتناقضة للمسؤولين في واشنطن بين من يدعم عقوبات مشددة على طهران وبين من يحثّ على فتح قنوات التواصل معها.
وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الخميس، إنه يجب إشراك حلفاء واشنطن الخليجيين في المفاوضات المقترحة للتوصل إلى معاهدة مع إيران بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وسلوكها الإقليمي.
ويأتي تصريح المسؤول الإماراتي بعد يوم من تصريحات برايان هوك المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران كشف فيها، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تسعى للتفاوض على معاهدة مع إيران تشمل برنامجها للصواريخ الباليستية وسلوكها الإقليمي.
وقال هوك للحضور في معهد هدسون إن “الاتفاق الجديد الذي نأمل أن نبرمه مع إيران لن يكون اتفاقا شخصيا بين حكومتين مثل الاتفاق الأخير. نحن نسعى لإبرام معاهدة”.
ووصف قرقاش تصريحات هوك بأنها “مهمة”.
وكتب على تويتر “من الضروري أن تكون دول الخليج العربي طرفا في المفاوضات المقترحة. الأعقل لطهران أن تتجنب مرحلة العقوبات وتتعامل بجدية مع هذه المقترحات”.
ويعتقد مراقبون للشأن الخليجي أن تصريحات قرقاش ترسل إشارة واضحة إلى واشنطن مفادها أن دول الخليج تريد أن تكون شريكا مباشرا في أي مفاوضات تعنى بالشأن الإيراني كونها طرفا رئيسيا متضررا من سياسات طهران.
ولم تعد دول الخليج تقبل بأن يقرر الآخرون مصير المنطقة اعتمادا على مصالحهم وحساباتهم، في رد فعل مباشر على غموض السياسة الأميركية تجاه إيران، وهو غموض قد يقود مجددا إلى حوار أميركي إيراني شبيه بما جرى من 2013 إلى 2015، وانتهى إلى اتفاق بشأن تشديد الرقابة الدولية على نووي إيران، لكنه تجاهل الضغط عليها للتوقف عن استهداف الأمن الإقليمي وتغذية الصراعات الطائفية.
وفيما بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر تشددا تجاه إيران، فإن مسؤولين في إدارته يرسلون إشارات عن رغبة أميركية بتجديد الحوار مطلقا، ما قد يفهم منه أن إدارة ترامب في موقع ضعف، أو أنها واقعة تحت تأثير لوبي في وزارة الخارجية يدفع نحو العودة إلى استراتيجية الرئيس السابق باراك أوباما التي سبق أن أثارت غضبا خليجيا واسعا بسبب الانفتاح على إيران والتغافل عن مصالح دول المنطقة.
ويرى محللون سياسيون أن إدارة ترامب تريد أن تجر إيران للحوار من موقع ضعف، لكن تصريحات المسؤولين الأميركيين بشأن الحوار تبدو سابقة لأوانها، وقد توجه ضربات قوية لهذه الاستراتيجية، خاصة أن العقوبات على إيران لم تمر بعد إلى المرحلة الثانية المقررة للرابع من نوفمبر، والتي يتوقع أن تكون مشددة.
وتثير تصريحات برايان هوك شكوكا بشأن حزمة الشروط التي كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد حددها في مايو الماضي قبل أي تفاوض مع إيران. ومن بين الاثني عشر شرطا إطلاق سراح الأميركيين الذين سجنتهم إيران، وإنهاء برنامجيها النووي والصاروخي، وسحب قواتها وإنهاء دعمها المالي لأطراف في الصراع في سوريا واليمن.
ويقول المحللون إن دعوة هوك تظهر التشدد الذي تبديه إدارة ترامب كما لو أنه مجرد ضغوط خفيفة يعمل ترامب على الظهور من خلالها بموقف الشخصية القوية، وأن الحديث عن استراتيجية مشددة ضد إيران يصير أمرا مبالغا فيه.
ورفضت إيران محاولات أميركية لإجراء محادثات رفيعة المستوى منذ إعلان ترامب في وقت سابق من العام الحالي عن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع ست قوى عالمية.
وسارعت الإمارات والسعودية والبحرين إلى دعم قرار ترامب في الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات على طهران. والدول الثلاث على خلاف مع إيران التي تخوض حربا بالوكالة أثرت على الصراعات في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
ولم تكن الدول الخليجية طرفا في الاتفاق النووي، وكانت القوى الغربية تستشيرها خلال المحادثات التي أفضت إلى إبرام الاتفاق، لكن هذه الدول لم تلعب أي دور مباشر في هذه المفاوضات.
العرب