سالزبورغ (النمسا) – أكد رئيس وزراء مالطا جوزف موسكات أن قادة الاتحاد الأوروبي يؤيدون “بشبه إجماع″ إجراء استفتاء مماثل بعد استفتاء يونيو 2016 الذي أفضى إلى قرار بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بغالبية 52 بالمئة من الأصوات.
وقال موسكات “هناك وجهة نظر تحظى بإجماع، أو بشبه إجماع حول الطاولة، مفادها أننا نود أن يحصل ما هو شبه مستحيل، أن تجري المملكة المتحدة استفتاء آخر”.
وتابع “سيرحب معظمنا بأن يتاح للشعب البريطاني أن يقيّم الأمور، ما تم التفاوض في شأنه، الخيارات، ثم أن يقرر لمرة واحدة وأخيرة”.
وقال نظيره التشيكي أندريه بابيش “نأمل في نهاية المطاف التوصل إلى اتفاق، ولكن في شكل عام أنا مستاء جدا لخروج المملكة المتحدة، من هنا، قد يكون من الأفضل إجراء استفتاء آخر فربما يغير الناس رأيهم”، معتبرا أن ذلك سيتيح “حل المشكلة سريعا”.
وسبق أن أثار بعض القادة الأوروبيين، مثل رئيسي الوزراء في أيرلندا ليو فرادكار ولوكسمبورغ كسافييه بيتيل، فكرة استفتاء ثان، ولكن ليس إلى درجة جعلها طرحا عمليا.
وتأتي تصريحات كل من المسؤولين الأوروبيين عقب تلميح الحكومة البريطانية على لسان وزيرها ميل سترايد الذهاب إلى استفتاء ثان على عضويتها في الاتحاد الأوروبي إذا رفضت بروكسل خطة لندن بشأن بريكست، في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، تأتي على إثر إبداء الاتحاد الأوروبي لمرونة أكبر في التفاوض بشأن المقترحات البريطانية.
وقال الوزير في وزارة المالية البريطانية ميل سترايد، إن بريطانيا قد ينتهي بها المطاف إلى إجراء استفتاء ثان على عضويتها في الاتحاد الأوروبي، إذا رُفضت خطة تيريزا ماي بشأن ترتيبات الخروج من الاتحاد.
وأضاف سترايد “أولئك الذين على يمين الحزب، الجناح المؤيد للخروج، سوف يستبد بهم القلق إذا لم تنجح هذه الخطة، وقد ينتهي بهم الأمر إلى أن نجد أنفسنا في وضع يستدعي إجراء استفتاء ثان ويمكن أن ينتهي بنا المطاف إلى ألا نخرج من الاتحاد الأوروبي بالمرة”.
وتأتي تصريحات الوزير البريطاني ردّا على تصريحات سابقة لوزير بريكست المستقيل ديفيد ديفيس، والتي قال فيها إن خطة ماي لن تمر.
وأورد مصدر قريب من الرئاسة الفرنسية “لا يعود إلينا أن نحدد ما نفضله بالنسبة إلى ما يمكن أن يحصل في المملكة المتحدة. سيكون ذلك خيار البريطانيين السيادي”، لافتا إلى أن هذا الأمر “لم يناقش مع تيريزا ماي”.
و جددت ماي رفضها الشديد لهذا الاحتمال، وقالت لنظرائها الأربعاء في سالزبورغ “أعلم بأن عددا كبيرا منكم لا يريدون بريكست، ولكن المهم أن يكون ذلك واضحا: لن يجرى استفتاء ثان في المملكة المتحدة، الشعب قال كلمته، وبوصفي رئيسة للوزراء سأنفذها، المملكة المتحدة ستخرج في 29 مارس من العام المقبل”، إلا أن قسما من المجتمع المدني البريطاني وبعض وجوه المعارضة وحتى المحافظين أنفسهم لا يزالون يطالبون باستفتاء ثان.
وتلقفت منظمة “بيست فور بريتن” (الأفضل لبريطانيا) المواقف الأوروبية الجديدة لتؤكد الخميس أن “الأوان لم يفت بعد لتتأكد المملكة المتحدة مما إذا كان الشعب يريد بريكست فعلا”. ومن أبرز المدافعين عن تنظيم استفتاء ثان رئيس بلدية لندن العمالي صادق خان ورئيسا الوزراء السابقان توني بلير (عمالي) وجون ميجور (محافظ)، لكن الموقف الرسمي لحزب العمال لا يدور في هذا الفلك رغم أنه لا يرفض الاحتمال.
ويسعى الحزب الليبرالي الديمقراطي الصغير، وحده، إلى استفتاء ثان، بدليل ما أعلنه تكرارا زعيمه فينس كيبل خلال مؤتمر الحزب الثلاثاء في برايتون (جنوب إنكلترا) مؤكدا أن “عددا هائلا من الأشخاص يرفضون جرهم إلى طلاق فوضوي ومكلف ويرفضون عدم تمكين البلاد من تغيير رأيها”.
ولكن انطلاقا من عدم دعم الحزبين السياسيين الرئيسيين لهذا الطرح، فإن ترجمته واقعا ملموسا تبدو شبه مستحيلة.واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الخميس أن اقتراح رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حول إطار التعاون الاقتصادي المستقبلي بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بعد بريكست لن ينجح.
وقال توسك إن “إطار العلاقات الاقتصادية كما هو مقترح لن يعمل جيدا لأنه سينسف أسس السوق الداخلية” للاتحاد الأوروبي.
وكان رئيس المجلس الأوروبي دعا مساء الأربعاء بريطانيا إلى “إعادة العمل” على مقترحاتها من أجل تحريك المفاوضات حول بريكست والتي دخلت الأسبوع الجاري مراحلها الأخيرة.
وتأمل لندن وبروكسل في التوافق خلال القمة المقبلة في بروكسل في أكتوبر على صيغة نهائية لخروج بريطانيا من الاتحاد، وكذلك على إعلان يحدد إطار علاقتهما المستقبلية وخصوصا على الصعيد الاقتصادي. واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الاقتراحات البريطانية حول بريكست في الشق الاقتصادي “ليست مقبولة بوضعها الحالي” لأنها “لا تحترم السوق الموحدة”.
وقال ماكرون “يجب أن نستخدم الأسابيع المقبلة لكي نحرز تقدما”، مشيرا إلى أنه يتوقع “اقتراحات بريطانية جديدة في أكتوبر”.
وتصاعدت الضغوط على بريكست مع تنامي الأصوات الداعية إلى استفتاء ثان بشأنه وتراجع المواقف الداعمة للانفصال، بعد أن تعرضت خطة ماي للانتقاد من قبل أعضائها قبل خصومها، فيما تشكلت لدى البريطانيين رؤية أكثر وضوحا لتكلفة الانسحاب الباهظة، الأمر الذي يثير سيناريوهات واحتمالات عديدة قد تصل إلى درجة التراجع عن بريكست وهو ما لم تستبعده رئيسة الوزراء.
العرب