تزامنا مع استعدادات وفد من حركة حماس لزيارة القاهرة الأسبوع المقبل للمشاركة في ما يسمّى بـ”الحوار الاستراتيجي” ومحاولة إنقاذ الموقف بإقناع الرئيس محمود عباس بتخفيف لهجة خطابه المقبل في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلنت الحركة الإسلامية حماس بصفة رسمية عن توقف المحادثات مع إسرائيل بشأن الهدنة طويلة الأمد في قطاع غزة.
قطاع غزة (فلسطين) – أعلنت حركة حماس رسميا توقف المحادثات غير المباشرة مع إسرائيل بشأن التهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة، والتي كانت تجريها مصر.
وألقت الحركة باللوم على السلطة الفلسطينية، التي عبّرت عن معارضتها الشديدة للمحادثات، معلنة تصعيد احتجاجاتها في مواقع جديدة على طول حدود غزة مع إسرائيل ردا على توقف المحادثات.
وكانت حركة فتح قد اتهمت قيادة حماس بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي والتخلي عن حق العودة.
وقالت فتح في بيان لها الجمعة الماضي “إن حركة حماس تبعث رسائل إلى إدارة ترامب ونظام نتنياهو، تؤكد فيها قبولها صفقة على قاعدة دولة في غزة تحت سيطرتها وهدنة طويلة الأمد، على حساب قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس وقضية عودة اللاجئين”.
كما اعتبرت فتح أن “حملة قيادات حماس المبرمجة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، هي نسخة متطورة من العمليات التي كانت تنفذ في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، عند كل منعطف تاريخي تمر به القضية الفلسطينية”.
ولفتت الحركة إلى أن الرئيس الفلسطيني رفض المقترح الأميركي – الإسرائيلي بشأن ما وصف بـ”صفقة القرن” باسم الشعب الفلسطيني، إلا أن قيادات حماس تعمل على إرسال إشارات بالاستعداد لقبولها.
ويأتي تعقد الصراع الفلسطيني-الفلسطيني مع انتظارات لكلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في افتتاح الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء، خاصة بشأن عملية السلام المُجمّدة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ عام 2014.
ويشير مراقبون إلى أن ترامب ربما يستثمر التجمع العالمي ليعلن عن خطة عملت عليها إدارته لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويطلق عليها اسم “صفقة القرن”. وهي “صفقة” يقول منتقدون لها إنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل، بما فيها وضع مدينة القدس الشرقية المحتلة وحق عودة اللاجئين.
واستنكر القيادي بحركة حماس سامي أبوزهري الإعلان عن اجتماع المجلس الوطني تزامنا مع خطاب الرئيس محمود عباس، معتبرا ذلك “محاولة يائسة للبحث عن شرعيات شكلية خاصة في ظل مقاطعة كبرى الفصائل الفلسطينية له”.
وكان رئيس اللجنة السياسية في المجلس الوطني خالد مسمار أعلن أن “اجتماعا سيعقده المجلس في عمان الخميس المقبل، للأعضاء المتواجدين في الأردن، تزامنا مع خطاب عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك دعما وتأييدا لمواقف عبّاس.
حماس تعتبر الإعلان عن اجتماع المجلس الوطني تزامنا مع خطاب عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة، محاولة يائسة
وكانت مصادر مصرية قد قالت لـ”العرب” إن شعار الحوار الاستراتيجي فكرة مصرية عرضها الوفد الأمني الذي زار غزة على حماس، السبت، ويهدف إلى إغراء الحركة بمواصلة المحادثات وحشرها في زاوية لا تستطيع التنصل منها مستقبلا.
وكان أبوزهري، قد قال الأحد إن “مباحثات التهدئة مع الجانب الإسرائيلي معطلة الآن”، بعد أن كانت حماس ترى أن تجميدها سيتم فهمه على أنه انصياع لضغوط الرئيس الفلسطيني محمود عباس والجانب المصري.
وتأتي زيارة وفد حماس إلى القاهرة عقب زيارة قام بها وفد من المخابرات العامة المصرية برئاسة اللواء أحمد عبدالخالق ومصطفى شحاتة القنصل المصري الجديد لدى فلسطين، التقى فيها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في مكتبه بحضور يحيى السنوار رئيس الحركة في غزة والقياديين طاهر النونو وعصام الدعليس.
وقالت نفس المصادر إن القاهرة طالبت حماس بالتعاطي مع ملف المصالحة كأولوية وتجميد التحركات الخاصة بإقرار التهدئة مع الجانب الإسرائيلي، وتخفيف حدة التوتر على السياج الحدودي بين غزة والضفة الغربية، كي لا تستخدم إسرائيل ذلك ذريعة لشن حرب جديدة على القطاع وخلط الأوراق بشكل كامل.
وأكدت أن رد حماس جاء مراوغا لضبط التنازل في ملف التهدئة، وقالت “من الضروري أن تتخذ السلطة الفلسطينية إجراءات ملموسة لتخفيف الحصار ورفع العقوبات عن غزة وتكون مقنعة للمواطنين، كما أن وقف مسيرات العودة لا تملكه الحركة وحدها، فهو بيد الشارع″.
كما شدّدت على أن وفد المخابرات المصرية طالب حماس أيضا بعدم تنظيم تظاهرات مناهضة لعباس (أبومازن)، بالتزامن مع خطابه أمام الأمم المتحدة في نيويورك، في ظل عدم وعي الحركة بحجم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية والضغوط الأميركية على بعض الدول العربية لتمرير صفقة القرن.
وأبلغت حماس وفد المخابرات المصرية رفض عقد أي لقاء ثنائي مع حركة فتح قبل خطاب أبومازن في الأمم المتحدة، وحجب كل ما تتصور أنه إضفاء شرعية كاملة عليه، وقطع الطريق على محاولته توظيف معاناة سكان غزة في خطابه السياسي، والترويج لعقد مؤتمر دولي لتصويب الأوضاع الاقتصادية في غزة.
كما كشفت المصادر أن التحركات المصرية المتسارعة ترمي إلى انتزاع موافقة حماس على العودة إلى مسار المصالحة دون مراوغة، والالتزام بتطبيق بنود الاتفاقات السابقة مع فتح، قبل لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الرئيس عباس، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإثناء الأخير عن اتخاذ خطوات تصعيدية تجاه القطاع.
وأشارت المصادر إلى أن زيارة الوفد المصري إلى غزة هدفت إلى كسب الوقت، وعدم انتظار زيارة مرتقبة لوفد حماس إلى القاهرة، لأن عباس ذهب إلى الأمم المتحدة وفي نيته إلقاء كلمة تتضمن تلويحا بتصعيد جديد ضد حماس، كمحاولة لانتزاع شرعية من المجتمع الدولي لقرارات قد تتسبب في انفجار الوضع في غزة، ومنع أي جهات إقليمية (قطر وتركيا) من استغلال الحصار الراهن والحديث عن التهدئة من قبلها لتتسرّب إلى غزة وحض حماس على زيادة جرعات التحريض ضد السلطة والوساطة المصرية.
وتريد حماس العودة لتنفيذ اتفاق عام 2011 بدلا من تفاهمات 2017، بشأن إتمام المصالحة، ما يعني أن المصالحة مع فتح يجب أن تبدأ بتطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وفق قواعد يتم التوافق عليها، وتضم جميع القوى والفصائل، وهو البند الأول في اتفاق 2011.
ويصطدم موقف حماس مع وجهة نظر فتح، التي تتمسك بالتمكين الكامل للحكومة من غزة قبل أي خطوة أخرى، في حين نص اتفاق 2011 على تشكيل حكومة انتقالية جديدة تنتهي ولايتها بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وبعدها تتشكل حكومة وحدة وطنية.
العرب