السعودية والكويت تستعدان لتعويض النفط الإيراني

السعودية والكويت تستعدان لتعويض النفط الإيراني

الكويت – تضع زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الكويت قواعد جديدة للعلاقات التي تقوم عليها عملية تصدير النفط في منطقة الخليج، تزامنا مع انتقال العقوبات الأميركية على إيران إلى مرحلة حاسمة أدت إلى تراجع كبير في صادرات إيران النفطية وارتفاع أسعار الخام في السوق.

وأدى ذلك إلى قلق في الولايات المتحدة مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس المقررة في نوفمبر المقبل.

وأول هذه القواعد حل الخلافات السعودية-الكويتية حول حقول نفطية حدودية من المتوقع أن تسهم في جهود دول أوبك في زيادة الإنتاج لتعويض حصة إيران في السوق. وإذا تمت استعادة عملية الإنتاج من حقلي الخفجي والوفرة الحدوديين، فمن المتوقع أن يضيفا 500 ألف برميل يوميا إلى إنتاج البلدين.

وأبلغ مصدر مطلع وكالة أنباء رويترز أن من المتوقع أن يناقش الأمير محمد بن سلمان استئناف إنتاج النفط بالمنطقة المحايدة التي تتقاسمها المملكة مع الكويت خلال الزيارة التي بدأت الأحد.

وقال مصدران آخران إن الوفد المرافق للأمير محمد يضم وزير الطاقة خالد الفالح. وسيجري ولي العهد السعودي محادثات مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حسبما أفادت وكالة الأنباء الكويتية.

ويقول محللون إن السعودية تمتلك القدرة على تعويض نقص الإمدادات بشكل منفرد، لكنها تبحث عن إيجاد توافق بين الدول الكبرى المصدرة، ضمن استراتيجية موحدة لعزل إيران.

ويشترك في هذا الهدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أجرى اتصالا هاتفيا بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، ناقش خلاله إمكانية زيادة الإنتاج ودفع الأسعار نحو الاستقرار قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.

ويسعى ترامب لإخراج إيران تماما هذه المرة من سوق النفط، ضمن حزمة عقوبات غير مسبوقة منذ إعلانه انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران في مايو الماضي.

وتراجعت صادرات إيران النفطية بمقدار 870 ألف برميل منذ شهر أبريل الماضي، ومن المتوقع أن تصل مجمل الصادرات اليومية في شهر سبتمبر إلى أقل من مليوني برميل.

ويقول جوليان لي، المحلل الاقتصادي في بلومبرغ، إن “التراجع كان أكثر ثباتا مما توقع أغلب المحللين، ومن المرجح أن نشهد تراجعا أكبر خلال الأسابيع الخمسة المقبلة قبيل دخول العقوبات الأميركية حيز التنفيذ”.

ويضع هذا الواقع ضغطا على السعودية، التي تتجه إليها أنظار العالم مع كل أزمة في السوق النفطية، لتعويض النقص في الإمدادات.

والسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر منتج في أوبك، وهي الدولة الوحيدة التي تملك طاقة فائضة كبيرة ويقلقها ضعف قدرة المنتجين الآخرين على زيادة الإنتاج في ظل تراجع الإمدادات من إيران.

وينظر العالم إلى السعودية باعتبارها “البنك المركزي النفطي” للعالم، كما صرح مسؤول سعودي سابق في قطاع النفط أمام أعضاء في الكونغرس الأميركي قبل سنوات. لكن السعودية ما زالت بحاجة إلى تعاون بقية الدول المصدرة من أجل بناء توافق على خفض الأسعار، وعلى رأسها روسيا، التي تشعر بارتياح كبير بعدما وصل سعر خام برنت بعد ظهر الأحد إلى 82.7 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ أربعة أعوام.

لكن، عكس طريقة عمل البنوك المركزية، لا تستطيع السعودية تبني استراتيجية في زيادة الإنتاج النفطي تشبه سياسة طبع أوراق مالية دون حساب، إذ ترتبط عملية ضخ النفط بمستوى الاحتياطات بشكل مباشر.

وهذه هي المرة الأولى، منذ غزو العراق للكويت عام 1990، التي توضع فيها السعودية في “اختبار الاحتياطات” مرة أخرى. ويعني هذا أنها أمام قرار صعب بشأن شبكة إنتاجها النفطي المعقدة، التي تضم حقولا ومعامل تكرير وخطوط أنابيب وخزانات ومنصات تصدير، للوصول إلى قدرتها القصوى.

والأسبوع الماضي قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في الجزائر إن “السعودية يمكنها ضخ المزيد من النفط خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة”. ووفقا لبيانات أغسطس، فقد وصل حجم الإنتاج في السعودية إلى 10.4 مليون برميل يوميا. وتقول السعودية إن بإمكانها الوصول بإنتاجها اليومي إلى حاجز 12.5 مليون برميل يوميا.

ويكمن تعقيد عملية الوصول إلى قدرة إنتاج الـ12.5 مليون برميل القصوى يوميا في أن 12 مليون برميل فقط تقع ضمن السيطرة المباشرة لشركة النفط السعودية أرامكو، بينما تظل الـ500 ألف برميل الأخرى ضمن إنتاج الحقول المشتركة الواقعة في المنطقة الحدودية مع الكويت.

ويحاول الأمير محمد بن سلمان إقناع المصدرين الآخرين، ومنهم الكويت، بتقاسم أعباء زيادة الإنتاج، خصوصا وسط سياسة إيرانية معادية للكويت، تمثلت في زرع خلايا نائمة ومحاولة نشر الفوضى والتدخل في معادلة ولاية العهد المعقدة في الكويت.

العرب